لم تتأخر حركة حماس في تقديم واجب العزاء باغتيال سمير القنطار، فأصدرت بيانا واضحا بعد الجريمة بساعة واحدة فقط، ولم تكتف ببيانها الرسمي بل سارعت كتائب القسام لإصدار بيان رسمي اعتبرت فيه القنطار شهيد فلسطين ولبنان، فحركة حماس ورغم تعقيدات الملف السوري إلا أنها لا تستطيع تجاوز قيمة القنطار كمناضل وأسير محرر ومنفذ لعمليات ضد الاحتلال، كما أنها تركز على حشد الطاقات ضد عدو مركزي واحد، وتتمنى لو استطاعت المشاركة في توجيه البوصلة وتوحيد البندقية ضد الاحتلال الإسرائيلي فقط.
نتنياهو يستغل انشغال حزب الله اللبناني واستنفاذه في سوريا ليصفي الحسابات مع قيادات بارزة وضعت على قوائم القتل، وعلى رأسهم سمير القنطار، كما تتعقد حسابات الرد لدى حزب الله وتزيد خطورته فهو في موقف استنزاف متواصل، ومعركة مفتوحة ليست بالسهلة ولا اليسيرة، كما أن حلفائه المركزيين لن يسمحوا له باتخاذ قرارات ستؤثر سلبا على سير المعارك في سوريا.
لا شك أن ساحة الجولان حساسة جدا للاحتلال، ويعمل الموساد على إحباط أي عمل عسكري متقدم لحزب الله، ويدرك أن ازدياد نفوذ الحزب في الجولان وعلى الحدود يشكل خطرا استراتيجيا على أمنه، ومن هنا جاءت عمليات الاغتيال المتكررة لكوادر فاعلة دون اكتراث.
أخطر ما في المشهد التواجد العسكري الروسي في سوريا، فلم يحرك ساكنا قبل وأثناء وبعد عملية الاغتيال، كما أنه لم يعقب أو يحمل الاحتلال للمسؤولية، وكأن الاغتيال يأتي في الإطار الطبيعي والمقبول لدى الروس، مع العلم هذا ليس النشاط العسكري الجوي الأول للطيران الحربي الإسرائيلي، فهناك مجموعة عمليات إسرائيلية داخل الأراضي السورية، وبتنسيق ومعرفة وعلم روسي، مما يطرح السؤال حول طبيعة العلاقة ودور بوتين ومدى تفهمه للتحرك الإسرائيلي المعادي.
لو لم يتورط حزب الله في سوريا لما استطاع الاحتلال اغتيال قيادته بهذه السهولة من غير انتاج حالة تعاطف عربية وانسانية، ولما أربك حسابات الرد لديه بقوة وحسم، حزين لواقع الحزب حيث يخوض معركة مكلفة جدا ولا تصب في صالح المقاومة، واغتيال القنطار فرصة ذهبية لحشد وتكاتف جهود القوى العربية ضد (إسرائيل) فاللعنة عليها والموت لها.
قد يكون رد حزب الله القوي مكلف وله تبعات واسعة، إلا أن الصمت وابتلاع الضربة سيؤدي لنتائج خطيرة، وسيسمح للاحتلال التغول واستمراء عمليات التصفية، وسيضع معادلات جديدة، الخاسر الاكبر فيها مقاومة الاحتلال.
حينما تتدخل (إسرائيل) وتغرس أنيابها الخبيثة وتتلاعب في الأوراق تذوب الخلافات والحساسيات الطائفية، فـ(إسرائيل) هي العدو المركزي للأمة، ولهذا واجب على القوى المتأذية من سرطانها في المنطقة دعم مقاومة غزة بالأموال والسلاح والاعلام والسياسة، فالضمان الوحيد لكشف وجه الاحتلال القبيح ومواجهته ومعاقبته على كل جرائمه والانتصار عليه يكون في غزة، فهي الساحة الوحيدة المتماسكة ضد الاحتلال.