لم يشفع السكونٌ والمناظر الطبيعية الخلابة لسكان شرق خانيونس أن يعيشوا لحظات من السلام حيث يحمل الليل في جعبته الخوف والقهر لمناطق شرق المدينة خاصةً منطقة "كيسوفيم" التي تعتبر أخطر خطوط التماس مع الاحتلال فيحل الرعب ضيفًا عليهم بشكل مفاجئ مع صوت الرصاص.
ورغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، إلّا أن جيش الاحتلال "(الإسرائيلي) يأبى إلا أن ينغص على حياة المواطنين الفلسطينيين على الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة مع الداخل المحتل.
وكانت قوات الاحتلال قد أطلقت قذائف مدفعية والرصاص الحيّ بشكل عشوائي على مواطنين قرب "شارع جكر" على بعد 300 متر من السلك الفاصل شرق خانيونس قبل خمسة أيام، فأصابت 3 شبان من عائلة النجار أحدهم جراحه خطيرة للغاية.
محمد النجار أحد الشبان المصابين يقول لـ "الرسالة"، "كنت على عربة (كارو) مع أبناء عمي في نزهة عادية شرق خانيونس على شارع جكر، قبل أن نسمع ونرى انفجار يبعد كيلو متر عنا فسارعنا بالابتعاد أكثر"، وكان الانفجار عبارة عن عبوة ناسفة انفجرت قرب دورية (إسرائيلية) آنذاك.
وبشكل مفاجئ أطلقت المواقع العسكرية المحاذية للسلك الفاصل النار بشكل عشوائي اتجاه المارة ومنازل المواطنين في المنطقة، فسارع الشبان بالاختباء لدقائق قبل محاولتهم الانسحاب لتفاجئهم قذيفة (إسرائيلية) أصابت الثلاثة على الفور.
ويشير الصحفي مثنى النجار شقيق محمد إلى أنه توجه مع سيارات الاسعاف إلى مكان إصابتهم وبصعوبة أخرجوهم إلى المستشفى، بعد تلقيه اتصالا من ابن عمه مازن المصاب برأسه بجراح خطيرة، ولا يزال على أسرّة العناية المكثفة حتى اللحظة.
ويقاسي المواطنون على الحدود الشرقية الويلات، من اعتداءات الاحتلال ومنع المزارعين من الوصول لأراضيهم رغم معرفته التامة بكل من يتواجد على الحدود لوجود كاميرات تجسس ودوريات عسكرية بشكل مستمر.
يقول مزارعون إن خشيتهم اليوم باتت أكبر من السابق، نظرا لإطلاق أبراج الاحتلال العسكرية النار عليهم بشكل مكثف حال اقترابهم من الأراضي المحاذية للحدود، ويعلّق المزارع أحمد أبو دقة بقوله إن "الاحتلال حوّل الأراضي لمنطقة أشباح ونقاط ميتة؛ بسبب اعتداءه على من يقترب هناك"، رغم التهدئة.
وخلال الأسابيع الماضية، توغلت عشرات الجرافات العسكرية في مناطق جنوب ووسط وشمال القطاع، وشرعت بأعمال تسوية للأراضي.
وتنشط خلال هذه الأيام أعمال المزارعين وصيادو الطيور على الحدود الشرقية، فيما يعتبر أحد صيادي الطيور أن ذهابهم للصيد خلال هذه الأيام بمثابة عمل فدائي "فنحن ربما على بعد لحظات من رصاصة قاتلة تعيدك لأطفالك شهيدا، بدلا من توفيرك المال لهم".
ولم تغب مشاهد الحرب عن ذاكرة الحاج أبو العبد الأسطل الذي يمتلك دونمات من الأراضي مقابل موقع كيسوفيم العسكري شرق خانيونس، وكأننا نعيش لحظات فيلم قتالي يصف الحاج الأسطل لـ "الرسالة" إحدى المواقف التي تعرض لها بقوله، "نجوت بأعجوبة بعد أن اختبأت في محاصيل القمح هربًا من جنود الاحتلال الذين حولوا الأراضي الزراعية إلى ساحة حرب ذات مرة وقتلوا جاري المزارع".
"لو دمروا أرضي وحرقوا محاصيل الزراعة كل يوم لن أتركها وسيعمّرها أحفادي ويتجذروا فيها كما النخيل"، ويختتم الستيني الأسطل حديثه بالإصرارٍ على البقاء والثبات في أرضه، رغم ما يواجهه من خطر الاحتلال.