قائمة الموقع

مقال: حُرمة بيت الرئيس وحُرمة بيت المقدس

2015-12-28T06:56:59+02:00
بقلم : عماد توفيق

في ذكرى مولد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في عام الفيل يطل علينا حدث من شرفة التاريخ، حدث يخص أقدس مقدسات المسلمين وما زال يدرس لأطفالنا حتى اليوم، عندما أقدم أبرهة على محاولة هدم الكعبة المشرفة، حيث قام باستدعاء عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم وزعيم قريش، متوقعا منه أن يطالبه بالتراجع عن هدم الكعبة كبيت مقدَس للعرب، وإذ به بطالبه برد إبله التي استولى عليها جيش أبرهة، مبررا ذلك بأنه رب الإبل، وأن للبيت رب يحميه.

وفي مقاربة مشابه بات بإمكاننا القول إن قوات حرس الرئاسة هي رب بيت الرئيس، وأن لبيت المقدس رب يحميه، وذلك لأن قوات حرس منزل الرئيس عباس انبروا لمنع قوة صهيونية من الدخول الى حرم المنطقة التي يقع فيها منزل الرئيس بحجة البحث عن مواطن فلسطيني بدعوى أنه مطلوب للاحتلال، حيث اندلع شجار بين الجنود من الجانبين، اضطرت قوات الاحلال للانسحاب خوفا من وقوع أزمة دبلوماسية.

الأمر الذي استدعى تقديم رئيس وزراء العدو نتنياهو اعتذار رسميا إلى الرئيس عباس، ذلك أن لبيت الرئيس حرمة لا يجوز انتهاكها، ومجرد محاولة الاقتراب من حرم منزل الرئيس تستدعي اعتذارا شخصيا ورسميا من نتنياهو.

يا سبحان الله، وأين إذاً حرمة بين المقدس، وأين حرمة بيوت القدس وسكانها المستباحين ليل نهار من قطعان المغتصبين وجنود الاحتلال يا سيادة الرئيس.

أليست القدس عاصمة الدولة الفلسطينية المنشودة، أليس بيت المقدس قبلة المسلمين الأولى، أليست فلسطين تكتسب قداستها من قداسة بيت المقدس، فمن لحماية هذه الحرمات يا سيادة الرئيس، أم أن لبيت المقدس رب يحميه.

قد نتفهم الاعتبارات التي استدعت قوات الأمن للدفاع عن حرمة المنطقة التي يقع فيها بيت الرئيس، إلا أننا لا نتقهم أبدا أن تقوم قوات حرس الرئيس بقمع مسيرة للفصائل والقوى الوطنية بمدينة رام الله الجمعة الماضي، ومنعها من الوصول إلى حاجز بيت إيل، اللهم إلا إذا أصبحت قوات حرس الرئيس هي رب حاجز بيت إيل أيضا.

كما أن هناك فرقا شاسعا في تقمص الرئيس لدور عبد المطلب، عندما اكتفى بطلب الإبل التي يملكها من باب أن لا قبل لقريش بجيش أبرهة، إذ يكتفي الرئيس اليوم بالعمل على حماية حرم منزله من باب أن لا قبل له بكيان العدو المدجج.

وبين أن تقوم قوات الرئيس بتقمص دور أبي رغال الذي ساعد أبرهة وجيشه في الوصول إلى بيت الله الحرام، حيث يشهد الجميع على دور قوات الأمن الفلسطيني في منع التظاهرات وقمع الانتفاضة وملاحقة واعتقال رجال المقاومة ومؤيديها.

خلط للأوراق وانتهاك صارخ للحريات، قد يكون هذا أحد التجليات، لكن لا يخفى السبب الحقيقي لهذا القمع على أحد وهو تخوف السلطة من تجذر الانتفاضة وتمددها لتصبح تشكل خطراً على بقاء واستمرار السلطة التي تعيش تحت بساطير الاحتلال وفي أقبية التعاون الأمني المخجل.

لا شك أن طريقة تعامل السلطة - وهي التي أضاعت القضية الفلسطينية في متاهات المفاوضات الخاسرة - المشين مع المنتفضين والاعتداء بالضرب على بعضهم من صحافيين وإعلاميين وايقاع إصابات، في محاولة منع التغطية الإعلامية ومصادرة الكاميرات ليؤكد بقوة على توجهات السلطة لإنهاء الانتفاضة التي يتطلع شعبنا إلى تصعيدها لتشكل حرب استنزاف طويل الأمد إلى حين تهيئ الظروف لمواجهة شاملة تقتلع هذا الكيان من أرضنا.

لم نشهد الرئيس عباس يوما ينبري للدفاع عن حرائر القدس الماجدات المرابطات في بيت المقدس، كما لم نشهد له موقفا متزلزلا يرد به على تدنيس المغتصبين الصهاينة وجنود الاحتلال للمسجد الأقصى كل يوم.

كما لم نشهد يوما أبرق فيه رئيس وزراء العدو نتنياهو للرئيس عباس معتذرا عن حرق عائلة الرضيع دوابشة، أو حرق أبو خضير، أو تدنيس الأقصى المستمر بشكل يومي.

غير أني لا أعفي فصائل المقاومة من اللوم، إذ لولا فشلها حتى اللحظة في تشكيل قيادة لهذه الانتفاضة وتحديد برنامجها وسقف مطالبها وآليات ووسائل النضال، لما تجرأت قوات أمن الرئيس على قمع الانتفاضة التي لا يظهر لها أب حتى الآن.

اخبار ذات صلة