قائمة الموقع

مقال: يحيى عياش وانتفاضة القدس

2016-01-04T07:14:49+02:00
بقلم: إبراهيم المدهون

 في انتفاضة القدس المستمرة تمر علينا هذه الأيام ذكرى استشهاد المهندس يحيى عياش، بعد رحلة جهادية حافلة، أثرت تأثيراً مباشراً في تاريخ الصراع مع المحتل الإسرائيلي، ونقلت المقاومة الفلسطينية لمراحل متطورة إيجابياً في طريق التحرر الوطني، فالمقاومة قبل المهندس تختلف عن ما قبله بنوعيتها وقوتها وعددها.

وعياش فلسطيني من قرية رافات قضاء نابلس جبل النار، تخرج من قسم الهندسة الكهربائية في جامعة بيرزيت، ويتمتع بالصدق والتواضع ودماثة الخلق، باراً بوالديه مهموماً بوطنه، وَرعاً، صفي الروح، بسيط النفس، مرتبطاً بالقرآن تلاوةً وحفظاً، هادئ الطبع، يهتم بأداء الواجب وصلة الأرحام، يمزح بدون تكلف أو مبالغة، يساعد من يلجأ إليه، يغلب عليه التسامح في البيت والقرية والجامعة، زاهدًا في الدنيا، يرضى بالقليل، عفيفاً زاهداً، بعيداً عن الرياء، ويَعمل في الخفاء.

انضم عياش للمقاومة الفلسطينية المُسلحة عام 1992م، مع رفيقِ دربه القائد زاهر جبارين، وشكلا خلية سرية خاصة تشرف على تنظيم العمل المسلح في شمال الضفة، ومنذ اليوم الأول لانضمامه لكتائب القسام عمل المهندس على نقل العمل المقاوم من مواجهة تقليدية بالبنادق الآلية، إلى تفعيل العبوات الناسفة والقنابل المتفجرة، والسيارات المفخخة، أما رؤيته الاستراتيجية فكانت في نقل العمليات العسكرية من الأراضي المحتلة عام 1967، إلى مدن الصهاينة في فلسطين المحتلة عام 1948م بحيث كانت فكرة تنفيذ العمليات في العمق الإسرائيلي غايته الكبرى.

منذ عام 92 والشهيد يطور ويصنع المتفجرات والعبوات الناسفة، وكانت له العديد من المحاولات المتكررة، إلا أن أول عملية استشهادية نجحت بإشراف المهندس قام بها الاستشهادي ساهر تمام حين فجّر سيارته في مستوطنة (محولا) في بيسان في 16/4/1993 وأسفرت عن مقتل اثنين من الصهاينة، ومنذ هذه العملية أدرك العدو الإسرائيلي أنه أمام عقلية مختلفة ومنهج جديد لدى المقاومة الفلسطينية، وبدأ يُطرح اسم يحيى عياش على جدول أعمال الحكومة الإسرائيلية بكثرة، وما يشكله من خطر داهم على أمنهم. التحول الكبير في المسيرة النضالية للشهيد عياش جاء إثر مذبحة الحرم الإبراهيمي، في مدينة الخليل الفلسطينية في 25 فبراير 1994 والتي قام بها باروخ جولدشتاين، وهو طبيب يهودي متطرف، تواطأ معه عدد من المستوطنين والجيش، حيث أطلق النار على المصلين المسلمين في المسجد الإبراهيمي أثناء أدائهم الصلاة فجر يوم جمعة في شهر رمضان، وقد قتل 29 مصلياً وجرح 150 آخرون.

اليوم وفي انتفاضة القدس وبعد موكب الشهداء في الخليل نفتقد يحيى عياش، وتنادي الحناجر باسمه لعل طيفه يخرج في رجال يحيون سنته ويقودون العمل المقاوم ويطورونه ليضحي رادعا لجرائم الاحتلال، ولتبدأ عملية تحرير الضفة وفرض واقع جديد بلا استيطان ولا مستوطنات ومن غير جدار وحواجز.  في 5-1-1996م رحل عنا المهندس يحيى عياش، ليختم حياته الجهادية بطريقة عجيبة حيث أورث في غزة والضفة في شباب حماس والجهاد الإسلامي وفتح عشرات المهندسين وآلاف الاستشهاديين، فلم يكن استشهاده نهاية العمل المقاوم والجهادي في فلسطين بل عمل تلاميذه على الانتقام له عبر سلسلة عمليات استشهادية قُتل فيها أكثر من 76 إسرائيلياً في القدس والمجدل وتل أبيب عبر عمليات استشهادية زلزلت الاحتلال الإسرائيلي.

اخبار ذات صلة