الرعب سلاح فعال نحقق من خلاله ما توقعه تقرير صادر عن المخابرات الأمريكية، كيف يمكن تحقيق فعالية هذا السلاح وما هي أدواته؟ هذه مسألة مفتوحة لا يمكن حصرها، وقد شاهدنا ذلك من خلال الشهور الثلاثة على انتفاضة القدس التي تدخل شهرها الرابع بتطور جديد وآلية جديدة وزمان ومكان مختلفين.
تقرير المخابرات الأمريكية ليس جديدا وإن كان جديدا بالنسبة للمخابرات الأمريكية والإدارة الأمريكية وهو ليس حديثا بل كان قبل انتفاضة القدس، وقد عبر عن ذلك الرئيس الأمريكي اوباما عن قلقه من أن (إسرائيل) لو استمرت سياستها على ما هي عليه فنهايتها قريبة، اليوم ينشر التقرير الصادر عن ستة عشر مؤسسة أمنية ومخابراتية، هذا التقرير يقول (تلاشى دولة الكيان في عام 2025م، وأوضح أن اليهود ينزحون إلى بلادهم التي أتوا منها إلى فلسطين، منذ الفترة الماضية بنسبة كبيرة، وأن هناك نصف مليون إفريقي في الكيان سيعودون إلى بلادهم خلال السنوات العشر القادمة، إضافة إلى مليون روسي وأعداد كبيرة من الأوروبيين).
هذه التوقعات الأمريكية لم تكن جديدة كما قلنا لأن هناك من توقع ما توقعته المخابرات الأمريكية ولكن بحساب مختلف عن حساب المخابرات الأمريكية توقعه الأستاذ بسام جرار في دراسة نشرها في التسعينيات من القرن الماضي في تحليل قرآني لبعض آيات القرآن الكريم عندما أكد، على ما اذكر، أن نهاية الاحتلال ستكون في عام 2020، ثم تحدث الشيخ الشهيد أحمد ياسين عن نفس التوقع مشيرا إلى أن زوال (إسرائيل) سيكون عام 2022 وهي أرقام متقاربة ولكن بحسابات مختلفة بين من توقع هذا الزوال.
المخابرات الأمريكية تنشر هذا التوقع ليس بهدف تحذير (إسرائيل) حيث يقول التقرير أن الهدف (الإعداد لشرق أوسط في مرحلة ما بعد (إسرائيل)- إلى أن انتهاء دولة الكيان في الشرق الأوسط أصبح حتما قريبا( وهي تضع التقرير بين يدي صانع السياسة الأمريكية من أجل التحضير للمستقبل ورسم السياسة الأمريكية المستقبلية وصناعة البديل وقد لا يكون من خارج المنطقة بعد أن فشلت (إسرائيل) في الاستمرار بلعب الدور الذي تريده السياسة الأمريكية من أجل السيطرة على المنطقة العربية ( الشرق الأوسط ) في المرحلة القادمة، وأمريكا تنظر إلى تحويل دولة عربية لتقوم بما تقوم به (إسرائيل) في خدمة السياسة الأمريكية والغربية وهي تكون من نفس الجنس العربي الأمر الذي يصعب على من لا يريد أن يتهمها بالاحتلال أو أنها دخيلة على المنطقة وبذلك يسهل قبولها في المنطقة مع وجود الاختلاف؛ ولكن ليس بحجم الاختلاف على (إسرائيل).
ويسوق التقرير عديدا من الأسباب كعدم قدرة (إسرائيل) على إقامة كيان يهودي خالص ويشير أيضا إلى احتمالية هجرة معاكسة من (إسرائيل) بسبب زيادة المواليد الفلسطينيين وظهور التيار الإسلامي المجاور للكيان، وهذا العامل هو الذي أحدث التغيير في مصر بعد نجاح الإخوان في الوصول إلى سدة الحكم وتدبير الانقلاب الذي اُعد له عبد الفتاح السيسي، هذا إلى جانب عوامل أخرى لا مجال لسردها، فلو اعد هذا التقرير خلال انتفاضة القدس كيف ستكون التقديرات؟
الشاهد في الأمر أن هذا الكيان الغاصب لن يزول إذا جلسنا في بيوتنا أو تعاونا معه أو اعترفنا به، بل زواله يحتاج إلى جهد وعمل وتدبير وتفكير مستمر في إبداع الوسائل التي تزرع الرعب وتجبر هذا العدو على التفكير بالرحيل خاصة أن المستوطنين الذين قدموا إلى فلسطين من بلاد الغرب والشرق مازالوا يحملون جوازات سفرهم لأنهم يعتقدون أن بقاءهم في هذه البلاد لن يكون طويلا وها هي توقعات المخابرات الأمريكية تؤكد ما خلص له المستوطنون اليهود.
انتفاضة القدس قد تكون البداية كونها آخذة بالتطور وأن سلاح الرعب آخذ بالتفاعل في قلب هذا الكيان وشاهدنا كيف فعلت عملية تل أبيب التي افتتح بها العام الجديد وكيف كان أثرها على الجبهة الداخلية الصهيونية، وبين مدى هشاشتها وضعفها وإمكانية انهيارها ولو على سبيل المثال نفذت عشرات العمليات المشابهة في آن واحد مع تطور الأدوات، فإذا سكين وحجر ودهس يفعل ما يفعل في الكيان العاجز، فكيف لو أدخلت عمليات عسكرية متنوعة في الانتفاضة وفي قلب الكيان وما يسميها معاقله الأمنية والسياسية والاقتصادية؟.
اليوم نحن أحوج ما نكون لوحدة الصف وقيادة تؤمن أننا قادرون على التحرير وطرد الاحتلال بأيدينا أولا ومن ثم سيلحق بنا من هم خلفنا، فقد جربنا كل الحلول وكل التحالفات شرقها وغربها ما زادنا إلا ضعفا لأننا أغفلنا عاملا مهما هو ذواتنا وأهلنا الركيزة الأهم في المواجهة وتحديد المسار والتوجه وترك كل الأوهام سواء كانت عربية أو غير عربية، فهل نعي الأمر ونسير على هداه لنقصر عمر الاحتلال؟.