القضية الفلسطينية ما زالت بحاجة كل الجهود العربية والإسلامية وجهود الأحرار في العالم، ولا يمكن لنا كفلسطينيين أن ننحاز إلى هذا المحور على حساب ذاك؛ ولكن أن نكون منصفين في سلوكنا وفي علاقاتنا، وأن نعبر عن رأينا بكل صراحة، بعيدا عن التجاذبات أو غيرها، وأن نقول كلمة الحق بغض النظر عن رضا هذا المحور أو غضب الثاني، وعلينا أن نعمل على التخفيف من حدة التوتر والسعي إلى إزالة الخلافات؛ حتى لا ينشغل المحاور والدول بعيدا عن القضية الفلسطينية والتي يجب أن تعلو عن أي خلاف بين أي طرف من الأطراف.
القضية الفلسطينية في وضع حساس وخطير، وانشغال العرب والمسلمين عنها بحجج أو خلافات مسألة خطيرة تنعكس على الوضع الفلسطيني، وهذا التغول والإرهاب الصهيوني المرتكب ضد فلسطين شعبا وأرضا ومقدسات ما كان له أن يصل إلى ما وصل إليه لولا حالة العرب المتردية وهذه الصراعات التي غذاها الصهاينة والغرب لتفتيت وإضعاف المكانة العربية والإسلامية، وقد حصل المراد الصهيوني والغربي الامبريالي وانشغل الجميع بنفسه أو في صراعاته جانبية بعيدا عن قضية الأمة المركزية ألا وهي قضية فلسطين.
الكل الفلسطيني يجب أن يكون منتبها إلى مسألة المحاور والانحياز إلى أحدها كما فعلنا في السابق عندما انحازت منظمة التحرير إلى العراق في احتلاله للكويت وشاهدنا جميعا المأساة التي حلت بالشعب الفلسطيني في دول الخليج قاطبة، علما أن الشعب الفلسطيني كان مختلفا ومخالفا لقرار المنظمة لأنه يفهم معنى الاحتلال حتى لو كان من الشقيق فهو احتلال مرفوض، وعليه يجب ألا نعيد التجربة المدمرة بالانحياز إلى أي طرف.
كما أن الإخوة العرب والمسلمين يجب ألا يضغطوا على الفلسطينيين ويهددوهم أو يحذروهم من مغبة عدم الانحياز إلى أحدهم على حساب الطرف الآخر حتى لا يؤثر ذلك على ما تحتاجه القضية الفلسطينية من الجميع ، وعلى القوى المتصارعة في منطقتنا العربية والإسلامية أن تدرك أن هذه الصراعات التي يغذيها أعداء الأمتين تهدف إلى إضعاف الجميع ولا يريدون لأحد أن ينتصر ويسعون إلى صراع طويل يمتد إلى سنوات طوال كما حدث في الحرب العراقية الإيرانية حتى تأكل هذه الحرب الأخضر واليابس ولا تبقي أي قوة للأطراف المتصارعة حتى يسهل لها، بعد إنهاك الجميع، السيطرة والتصرف بمقدرات هذه الدول واستنزاف كل مقدراتها التي بين يديها أو ما هو مخبأ لها من خلال الديون والإنفاق على شراء الأسلحة من الدول التي تغذي صراعات المنطقة.
وعلى هذه الدول المتصارعة أن تدرك أنها وحدها وشعوبها الخاسر ولكم في العراق العبرة والدرس المفيد؛ لأن الصهاينة والغرب وعلى رأسهم أمريكا يمارسون لعبة شيطانية من خلال الدفع بالخلافات إلى حد المواجهة العسكرية، فبعد أن أمنت إيران في ملفها النووي ليس حبا فيها أو تشجيعا لها على امتلاك السلاح النووي؛ ولكن حتى تغريها في صراعات جانبية مع دول الجوار، نفس الأمر بالنسبة للسعودية فقد فعلت أمريكا الأمر معها من خلال التخويف من المد الشيعي والخطر الإيراني على المنطقة، ودفعت بها للتدخل في اليمن وشراء الأسلحة بمئات المليارات من أجل إيقاد نار الحرب بينها وبين إيران، والتي لم تتوقف عند حدودهما الأمر الذي لا نرغب فيه، ولكن ستشمل منطقة الخليج، ولن يكون احد بمنأى عن هذه الحرب بل ربما كل المنطقة العربية والإسلامية ما سيؤدي إلى استنزاف كل القوى.
نحن كفلسطينيين بحاجة إلى امة عربية وإسلامية موحدة قوية معافاة من أي صراع أو خلاف يرهقها ويستنزف قدراتها؛ لأن هناك عدو ينتظر الفرصة للانقضاض على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني من أجل تحقيق أحلامه التوراتية الكاذبة بإقامة الهيكل المزعوم وإقامة دولة الاغتصاب من البحر إلى النهر كما يحلم الصهاينة ويخططون.
نأمل من السعودية وإيران، رغم كل ما تقوم به الثانية في العراق وسوريا وغيرها، أن يتوقفا عن التحشيد السياسي والإعلامي الذي سيؤدي في النهاية إلى حرب ضروس لا تبقي ولا تذر، فالحذر الحذر من الفخاخ المنصوبة أمريكيا وأوروبيا وصهيونيا، لأن عدونا واحد هو هذا المحتل الصهيوني والذي يرغب في السيطرة على المنطقة بأكملها سواء سياسيا أو اقتصاديا وحتى يبقى هو الأقوى.