قال المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا مايكل راتني إن الولايات المتحدة تدعم وفد المعارضة السورية الذي عينته الهيئة العليا للمفاوضات في الرياض، بينما عبر رئيس الوفد أسعد الزعبي عن تشاؤمه حيال المحادثات المقررة مع وفد النظام الجمعة القادمة في جنيف.
ونشر راتني بيانا على صفحة السفارة الأميركية في دمشق على فيسبوك حول اجتماع وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع قادة الهيئة العليا السورية للمفاوضات في الرياض السبت، أكد فيه أن بلاده لا تقبل مفهوم حكومة وحدة وطنية بالأسلوب الذي يطرحه النظام السوري وجهات أخرى, وأنها لا تقبل الموقف الإيراني تجاه سوريا.
وأوضح أن الحكومة الأميركية تعتبر تشكيل هيئة الحكم الانتقالي بصلاحيات كاملة وفقاً لمبدأ الموافقة المتبادلة هو الطريق الوحيد لحل دائم، وأكد أن غالبية المجموعة الدولية متفقون على أن السلام لا يمكن تحقيقه مع تمسك بشار الأسد بالسلطة على المدى البعيد، معتبرا أن مشاركة الأسد في ترتيبات الحكم الانتقالي مطروحة للمفاوضات.
وأمس الاثنين نفى كيري ممارسته لضغوط على المعارضة لحضور المفاوضات، وقال إنه لا يعرف من أين جاء كبير مفاوضي المعارضة بهذا الكلام، مشيرا إلى أن ذلك "ربما يكون مسألة ضغط أو مسألة سياسية داخلية لكن ليس هذا هو الحال".
وأضاف أن المفاوضين سيقررون بشأن المستقبل "ما قلته لهم أن الأمر بالتراضي. أنتم تملكون حق الاعتراض والأسد هو كذلك وبالتالي يجب عليكم أن تقرروا كيف ستمضون قدما هنا".
وشدد على أن "موقف الولايات المتحدة لم يتغير وهو أنها لا تزال تساند المعارضة سياسيا وماليا وعسكريا".
وكان كبير المفاوضين في وفد المعارضة السورية إلى مفاوضات جنيف محمد علوش قال في وقت سابق إن كيري مارس ضغوطا على المعارضة لحملها على حضور المفاوضات.
وأضاف علوش أن كيري التقى مسؤولين من الهيئة العليا للمفاوضات السبت للضغط على الهيئة كي تتخلى عن مطالبها الإنسانية والتوجه للتفاوض بشأنها، مؤكدا أنه سيكون هناك رد قوي على الضغوط الأميركية، دون أن يوضح طبيعة هذا الرد.
من جهته، قال ممثل المجلس الوطني الكردي بالائتلاف السوري المعارض وعضو الوفد المفاوض المنبثق من الهيئة فؤاد عليكو إن الاجتماع مع كيري السبت "لم يكن مريحا ولا إيجابيا" وإن الوزير الأميركي قال لمحدثيه "ستخسرون أصدقاءكم في حال لم تذهبوا إلى جنيف وأصررتم على الموقف الرافض" وأوضح أن "هذا الكلام ينسحب بالطبع على وقف الدعم السياسي والعسكري للمعارضة".
غير أن عليكو رفض وصف كلام كيري بـ"التهديدات" متحدثا عن "ضغوط".
يأتي ذلك في وقت قال فيه رئيس فريق التفاوض التابع للمعارضة السورية أسعد الزعبي إنه ليس متفائلا حيال محادثات السلام المقبلة في جنيف.
وقال الزعبي -في اتصال مع الجزيرة- إن موفد الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا لا يحق له تماما أن يفرض شروطا على فريق المعارضة، مشيرا إلى أنه وسيط فقط ولا أكثر من ذلك.
وشدد على أن الهيئة العليا للتفاوض هي من ستبت في حتمية الذهاب إلى جنيف، على ضوء الاجتماع الذي سيعقد اليوم الثلاثاء في الرياض.
من جهة أخرى، قال المتحدثُ باسم الهيئة العليا للمفاوضات لقوى الثورة والمعارضة رياض نعسان آغا إن الأهداف التي وضعها المبعوث الدولي إلى سوريا لمحادثات جنيف متواضعة جدا.
وأضاف آغا في لقاء مع الجزيرة أن الهيئة العليا لم تتخذ بعد قراراً بالمشاركة في جنيف من عدمها لأن الدعوات لم تصلها بعد، مشيراً إلى أنه تلقى تطمينات من دي مستورا وكيري تفيد بعدم وجود وفد آخر يمثل المعارضة السورية.
وبموازاة ذلك، قال قدري جميل نائبُ رئيس الوزراء السوري السابق إنه لم يتم التوصل بعد إلى اتفاق نهائي بشأن وفد المعارضة إلى مفاوضات جنيف, لكنه لم يستبعد أن تتم التوافق على القائمة في الساعات القليلة المقبلة.
وأكد جميل، في مؤتمر صحفي في موسكو, أن المشاركين في مشاورات "موسكو-2" أرسلوا طلبا رسميا إلى دي ميستورا لضم ممثلين عنهم في قائمة وفد المعارضة.
وكان دي ميستورا أعلن، في مؤتمر صحفي الاثنين في جنيف، أن المحادثات بين وفدي المعارضة والنظام ستبدأ الجمعة، وأن الدعوات ستوجه الثلاثاء، مشيرا إلى أن موعد بدء المحادثات الذي كان مقررا أمس تأخر بسبب تعثر ناجم عن تشكيلة الوفود.
وأوضح الموفد الأممي أنه لن يتم تنظيم حفل افتتاحي، موضحا أن المشاركين في المحادثات سيبحثون كأولوية "وقف إطلاق النار وتأمين المساعدة الإنسانية". وقال إن كل يوم يمر يعتبر هدرا ما لم يتم التوصل إلى ذلك.
وأشار دي ميستورا إلى أن وقف إطلاق النار سيشمل كامل أرجاء البلاد، باستثناء المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة التابعة لـ تنظيم القاعدة.
وأقرّ الموفد الأممي بالصعوبات التي تعتري المحادثات التي قال إنها ليست جنيف-3، معبرا عن أمله في أن تحقق نجاحا. وكشف أن المفاوضات ستبدأ عبر مجموعات غير مباشرة، وأنها قد تستغرق ستة أشهر.
وعن تمثيل المعارضة السورية، قال دي ميستورا إن مجلس الأمن حثه على ضمان مشاركة أكبر تمثيل للسوريين في مفاوضات جنيف، مؤكدا ضرورة مشاركة نسائية في أي وفد.
وتصر قوى المعارضة على أن تستند المفاوضات إلى بيان جنيف-1 الصادر في يونيو/حزيران 2012 والذي ينص على تشكيل هيئة حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة، ويعني هذا البند وفق المعارضة تجريد الأسد من صلاحياته، رافضة أي دور له في المرحلة الانتقالية.
وشكلت الحكومة السورية والهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة وفديهما إلى جنيف، لكن تشكيلة الوفد المعارض التي أعلنت من الرياض أثارت اعتراض موسكو على وجود من سمتهم "إرهابيين" في إشارة إلى مسؤولين في فصائل مقاتلة في صفوفه، على رأسهم محمد علوش المسؤول السياسي في "جيش الإسلام" في حين يطالب معارضون آخرون وقوى غربية بتوسيع التمثيل ليشمل أطيافا أخرى من المعارضة، بينها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي برئاسة صالح مسلم وتيار "قمح" برئاسة هيثم مناع.