كثير ما سمعنا في السنوات الأخيرة الماضية عن حكايات الطلاق داخل المجتمع الغزي، لاسيما بين أزواج لم يمر على ارتباطهم سوى أشهرٍ قليلة، ولأسباب غالبا ما تكون ناتجة عن عدم الوعي بين الزوجين، فتشتعل الشرارة الأولى التي تودي بهم غالبًا إلى الانفصال.
ولا يقتصر الأمر على حديثي الزواج فحسب، بل هناك من مضى على ارتباطهم سنوات طويلة، لكن ضيق الحال وضغوط الحياة المتزايدة أدت إلى وقوع الانفجار الذي دفع كثيرًا منهم إلى الطلاق بعد إنجاب عدد من الأطفال، والذين يبقى حالهم في تلك اللحظة معلقا بين خلافات والديهم.
وبحسب الاحصائيات فإن قطاع غزة، شهد معدلات الطلاق في السنوات الأخيرة تجاوزت الـ 15%، وأرجع مختصون ارتفاع النسبة إلى الانقسام السياسي والظروف الحياتية الصعبة والحصار الخانق والحروب المتتالية.
ونظرا لزيادة معدلات الطلاق في قطاع غزة، أعلنت مؤخرا جمعية "التيسير للزواج" في غزة، عن مشروعها الجديد "مودة للزواج"، وهو عبارة عن برنامج تأهيلي للمخطوبين أو المتزوجين حديثا وذلك لمعرفة حقوقهم بعيدا عن المشاكل.
فكرة "مودة للزواج" كانت ما بين مؤيد ومعارض في أوساط الأزواج، فمنهم اعتبرها خطوة إيجابية لتفادي المشكلات، وآخرون يعتقدون بأنها إهانة لهم وتعدي لعادات وتقاليد مجتمعنا، معتبرين أن العِشرة كفيلة بتعليمهم كيفية حل المصاعب التي ستواجههم.
مودة للزواج
الشاب أنس حسين _ 26 عاما _ خاطب منذ خمسة شهور، استغرب كثيرًا من إقدام صديقه "محمد" على المشاركة في المشروع وحضور الجلسات التوعوية، قائلا:" لست بحاجة لأعرف كيف أعامل خطيبتي بعد الزواج، فكلانا متعلمين، وإن لم نستطع حل مشاكلنا سندعو ذوينا لمساعدتنا".
في حين كتبت أفنان الحايك – 27 عاما- على صفحتها عبر الفيسبوك: "من الحماقة تطبيق المشروع لأن اللجنة المدربة غير مؤهلة لقيادة أسرة، ولا يمكن تغيير موروث اجتماعي بدورة تدريبية".
بينما يستعد كل من "معتصم وملك " وهما حديثي الزواج، للالتحاق بالدورة، معتبرين مشاركتهم ستحد من خلافاتهم المستقبلية، وفهم حقوقهم بعيدا عن تدخلات الأهالي كما تحدثوا "للرسالة نت".
يشار إلى أن مشروع "مودة للزواج" مأخوذ عن التجربة الماليزية، الذي اتبعته للحد من ظاهرة الطلاق التي كانت سائدة داخل مجتمعهم ونجحت بذلك، فسعت جمعية التيسير للزواج بغزة لتنفيذه بالشراكة مع عدة مؤسسات حكومية وخاصة تعنى بالشباب والمرأة.
بدوره يقول أدهم البعلوجي مدير جمعية "التيسير للزواج"، إنّ "الهدف من مشروعنا تطوير المجتمع الغزي ليكون مؤهلا لمتطلبات الحياة وذلك من خلال الشباب، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الطلاق التي تجاوزت العشرة بالمئة رغم أننا مجتمع بسيط".
وتابع البعلوجي: "مودة للزواج، مشروع تنموي تثقيفي للحد من مشكلة الطلاق، وبدأت الفكرة بالشراكة مع المؤسسات الرسمية وبالتعاون مع الجامعة الاسلامية كونها أكبر صرح أكاديمي"، مؤكدا أن تجربتهم مأخوذة من الماليزيين لكن وفق ما يتناسب مع البيئة الغزية.
وذكر أن المشروع يضم تسعين زوجا، ويتضمن خمسة محاور وهي "الشرعي، والنفسي، والاجتماعي، والصحي، والتربوي الخاص بتربية الأبناء"، مبينا أن لكل محور يوما تدريبيا واحد.
وعن المعارضين لفكرتهم من الشبان رد البعلوجي:" الاختلاف ظاهرة صحية، لكن التجربة ستعكس ما نسعى اليه، لاسيما وأن المدربين مؤهلين لإعطاء الفائدة للأزواج الجدد".
وفي حديث عن اعتماد "رخصة الزواج" بشكل رسمي قبل منح وثيقة الزواج كما الحال مع فحص الثلاسيميا، أوضح البعلوجي، أنه سيتم تقييم النتائج، وفي حال كانت كما تم التخطيط له ستكون رخصة الزواج إلزامية.
وفي السياق ذاته ثمن حسن الجوجو، رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي، مشروع مودة، مشيرًا إلى أنّ السبب الرئيسي في زيادة نسبة الطلاق، تتمثل في جهل الزوجين بطبيعة الحياة الزوجية دون الوقوف على حقيقة المسئولية والحقوق والواجبات.
وأكد أن "رخصة الزواج" تأتي كخطوة وقائية، للحفاظ على الأسرة الفلسطينية وتوعيتها بحيث تقوم العلاقة على الحقوق والواجبات والسكن والمودة حتى تكون الأسرة قوية تقوم بمسئولياتها.
ولفت الجوجو إلى أن برنامج "رخصة قيادة الأسرة" أحد الأساليب الناجحة في تخفيف نسب الطلاق في المجتمع الذي يعاني من أمية ثقافية وجهل في التعامل الأسري، لافتا إلى أن التأهيل الثقافي والتوعية في كيفية التعامل داخل الأسرة سيقلل نسبة المشاكل ويحد من نسبة الطلاق.