علينا الاعتراف كشعبٍ وفصائل ونخب أننا فشلنا في إنهاء الانقسام وأن الحالة الفلسطينية لم تستطع الانتقال من التشتت والتشظي للتوحد والتماسك، فحماس قدمت كل ما يمكن تقديمه لإنهاء الانقسام ولم تتلق إلا الخيبة والتعنت، ومهما حاولت حماس تقديم خطوات إيجابية وتحلت بالمرونة وسعة الصدر فلن يقبل منها، فالمصالحة فشلت وأضحى الأمر أعقد من الانقسام وأشد خطورة، فهناك سلطة تتخلى عن مسؤولياتها وحكومة ترفض القيام بأدنى واجباتها، فنحن نعيش الآن حالة فراغٍ دستوري وسياسي وإداري ولا حل إلا بالانتخابات.
بالتأكيد حماس تخطئ في بعض التصرفات والتكتيكات إلا أن قرارها الاستراتيجي مع المصالحة، بعكس الرئيس محمود عباس الذي قد يصيب ببعض الخطوات الهامشية إلا أنه يتوجه بمنحدرٍ سريعٍ نحو رفض الشراكة ومحاولة استكمال إنهاك الخصوم وتصفيتهم وإبعادهم بالكلية؛ بغية التفرد والاستئثار بالقرار والسلطة، هكذا فعل مع خصومه في المنظمة وسلطة رام الله ومع حركة فتح، لهذا طالما الرئيس محمود عباس موجود فهناك قرار استراتيجي لديه بتعطيل المصالحة.
قد أتفهم سلوك عباس الإقصائي لو حقق نجاحاً خلال تجربته في رئاسة السلطة والمنظمة؟ إلا أنه لم يحقق إلا الخيبة والتراجع على جميع مستويات صراعنا مع العدو الإسرائيلي، فالمفاوضات وصلت إلى طريقٍ مسدود وكانت وما زالت تمنح الاحتلال مزيداً من الوقت والشرعية لقضم الأراضي وارتكاب المجازر، وحركة فتح أضحت من بعده تائهةً ممزقة لا هوية لها؛ فقد فرغها من مضمونها الثوري النضالي وأنهك كوادرها، وارتفع فساد السلطة في عهده فصنفت كأكثر الكيانات فساداً مالياً وإدارياً وسياسياً، وتحولت لكنتونات أمنية تدار من قبل ضباط مخابرات لهم أجندة نفعية.
سنوات من الحصاد المر تجرعها الشعب الفلسطيني خلال حكم الرئيس عباس يدعو لوقفةٍ جادةٍ وطرح سؤال مهم، ألم يحن الأوان للرئيس عباس أن يتنحى بعد كل هذا الخراب؟!
بالتأكيد الكثير من الأمور ستتغير لو حدث واستجاب لنداء الحاجة الوطنية، فلن يأتي أسوأ منه، فهل هناك ما هو أقتم من الاقتتال الداخلي وسيطرة الاحتلال على الضفة وتحويل مدنها لأغلفة مستوطنات؟! وهل هناك ما هو أخطر من ضياع حركة فتح وتشتت بوصلتها وتمزيق صفها، ومحاصرة غزة وتهويد القدس وتوهان القضية وتشتت معالمها؟!
هناك من يشكك بتغيير الحالة بزوال رجل واحد فقط وتنحيه طوعاً، فطبيعة حركة فتح ستساعد بشكل كبير على التغيير إن جاء من هو أفضل منه، ففتح حركة الرجل الأوحد كانت في زمن عرفات "فتح أبو عمار" وحولها عباس إلى عزبةٍ خاصة له ولأبنائه، فالقرار قراره والرأي رأيه والتوجه توجهه، لهذا فإن أي تغيير في شخص الرئيس سيؤثر تأثيراً كبيراً على منهج ومسلكيات وقرارات واستراتيجيات الحركة مما سيؤثر على تفاصيل القضية الفلسطينية.