قائمة الموقع

الدخان الأسود يتصاعد من البيت الأبيض

2009-08-04T06:39:00+03:00

غزة- عدنان نصر

تصاعد خيط دخان أسود كثيف عند توجه القطار الأمريكي إلى  البيت الأبيض عقب جولته الشرق أوسطية، وحجب دخانه نتائج الزيارة المكوكية لمبعوثي الرئيس الأمريكي باراك أوباما في المنطقة .

ولم يفلح جورج ميتشل المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط من إخفاء فشله بعد اجتماعه مع بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، وقال بكلمات مقتضبة "حققنا تقدما جيدا"، دون أن ينطق ببنت شفه عن تجميد المستوطنات التي التهمت مساحات شاسعة من الضفة الغربية والقدس الشرقية.

وخلصت نتائج اللقاء حول الخلاف القائم بين الإدارتين الأمريكية – الإسرائيلية إلى عدم استجابة زعيم الليكود لمطالب أوباما بتجميد الاستيطان وفق ما نصت عليه خارطة الطريق، فنتنياهو يحتاج إلى ثمن " التطبيع مع الدول العربية" مقابل وقف مؤقت ومحدود لبعض المستوطنات. 

* وعود بلا أثمان

ويسعى أوباما للوصول إلى سلام شامل عبر جميع المسارات العربية، والإسرائيلية في وقت واحد على أساس التطبيع العربي الشامل مع "إسرائيل"، لتفادي الوقوع في خطأ محادثات كامب ديفيد عام 2000م، التي اقتصرت على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي دون توظيف الطاقات الإقليمية في عملية التسوية.

وكانت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية ذكرت أن أوباما بعث مؤخراً برسائل لسبعة زعماء عرب في الشرق الأوسط ، من بينها السعودية، مصر، الأردن، البحرين، دولة الإمارات والمغرب، طالبهم فيها ببناء الثقة تجاه "إسرائيل" كي تتمكن الإدارة الأميركية من الضغط عليها لتجميد البناء في المستوطنات.

وبالتوازي مع هذه الرسائل انطلق ميتشل لعقد لقاءات مع بعض الزعماء العرب، مارس الضغط عليهم لاتخاذ خطوات في هذا الشأن، لكن عدم وضوح الرؤية الإعلامية لجولته السريعة منعتهم من تقديم أية تنازلات .

واعتبر الدكتور أمين دبور الخبير في الشئون السياسية أن تفاؤل أوباما زاد عن حده، وأن إدارته الجمهورية ذات الرأس الديمقراطي المفكر عجزت عن تحقيق مساعيه.

ويقول دبور: لا يوجد طرف عربي يمكنه تحويل شعارات أوباما الحماسية لسياسة ملموسة ، فقد استطاع أوباما ونتنياهو جر العرب للتحالف ضد  إيران ، والقضاء على أذرع الثلاثي المقاوم في المنطقة.

ويضيف: " أمريكا لا ترى قوة في العالم  العربي تعارض رؤيتها، لذلك تعطي وعودا دون أثمان، كما لم تجد من يعلق على الاستيطان  مقابل التطبيع الكامل مع العرب.

ولا يختلف هاني المصري الخبير في الشئون السياسية كثيرا عن سابقه، فنتائج الزيارة المكوكية المغطاة إعلاميا توحي بأن المعادلة الأمريكية ظالمة، ولا يمكن حدوث تطبيع مع الدول العربية مقابل تجميد مؤقت للاستيطان، فجوهر الصراع يكمن في وجود الاحتلال الإسرائيلي- حسبما يشير.

ويقول المصري: "التطبيع العربي يقابله انسحاب "إسرائيل" من الأراضي المحتلة عام 1967م، لكن إذا تنازلت الدول العربية ستفتح شهية الإسرائيليين على مزيد من التنازلات دون منح العرب ما يريدون، أو إقرارهم بالحد الأدنى من حقوق للفلسطينيين."

* ضغط مواز

عودة القطار الأمريكي بأيدٍ خاوية من مهمة إقناع الدول العربية بالتطبيع مع "إسرائيل" أثار غيظ نتنياهو، لعدم قدرة ميتشل على ترويج بضاعته التي يعلق عليها الرؤساء العرب بتجميد الاستيطان. 

وبحسب القناة العاشرة العبرية- فإن نتنياهو أبدى موافقته لدراسة الطلب الأميركي بالتجميد المؤقت، بشرط أن تستثنى 700 مستوطنة جاري البناء فيها، وأن توافق السلطة الفلسطينية على استئناف المفاوضات على قاعدة الإقرار بإكمال البناء غيـر المنجز لتلك المستوطنات، ووافق المفاوضون الأمريكيون على شروطه بتجميد مؤقت لمدة عام.

ويشير المراقبون إلى أن حكومة نتنياهو أوقعت مبعوثي أوباما في فخ " التطبيع العربي" مقابل تنازلها عن بعض القضايا الهامشية، وتمسكها بالمواقف الأكثر جوهرية.

و من جانبه قال  دبور: "أوباما خدع العرب بخطابه المعسول، وأبرق لهم رسالة مفادها " ها نحن بدأنا مع الإسرائيليين، وننتظر منكم مقابل لهذا التنازل"، ويضيف على العرب ألا يحلموا بأكثر من ذلك السراب، فقد سحرتهم وعود أوباما الزائفة، لأنها تتساوق مع مصالحهم، فهم لا يريدون نهج المقاومة، والتخلي عن السلطة، لذلك يوهمون شعوبهم بسلام واهم."

في المقابل فإن الرضوخ الأمريكي لمطالب "إسرائيل" يعني أن أوباما تنازل عن كبريائه أمام الحكومة المتطرفة، وقد يضطر في النهاية إلى الاقتناع بفكرة نتنياهو السلام الأمني والاقتصادي مع الفلسطينيين، والتي تكفل "لإسرائيل" مواصلة التوسع الاستيطاني.

وخلال تلك الفترة سيعمل أوباما على تهيئة الأجواء وإقناع الأطراف العربية بالمطالب الإسرائيلية، لكنه من المستبعد أن يمارس ضغوطا جدية، فهو حتى اللحظة لم يلوح بتهديدات حقيقية، ما يجعل إسرائيل مطمئنة للموقف الأمريكي- كما يقول المصري:"على الدول العربية أن تمارس ضغطا مواز للضغط الأمريكي، وإلا ستكون الإدارة الأمريكية حرة في تصرفها، لا سيما وأن اللوبي المؤيد للولايات المتحدة قوي جدا."

 

اخبار ذات صلة