مقال: مقدمات مصالحة .. أم مقدمات حرب !

بقلم / عماد توفيق

من خلال المتابعات لما ينشر عن العلاقات الفلسطينية "الاسرائيلية"، وعن العلاقات الفلسطينية الفلسطينية على مختلف المستويات السياسية والأمنية والعسكرية، يمكن رصد عدد من الأمور التي يمكن اعتبارها مقدمات لمفاعيل خطيرة على كافة المستويات كذلك، ومن هذه الأمور:

على الصعيد العسكري:

قيام جيش الاحتلال الأسبوع الماضي بتحريك لسلاح المدفعية ترافقها وحدات من سلاح الهندسة باتجاه المنطقة الشمالية لقطاع غزة.

كما أن الاحتلال نشر مدفعيته الثقيلة قبل ذلك على الحدود الشمالية لقطاع غزة، في إطار ما أسماه إجراءات روتينية للجيش.

نقل الفرقة الفولاذية المدرعة أو كما تعرف أيضاً بالفرقة 162، إلى محيط قطاع غزة لتصبح خاضعة لمسئولية اللواء الجنوبي المكلف بإحكام القبضة العسكرية في محيط غزة.

وتأتي كل هذه التحركات، ضمن خطة "جدعون" التي صادق عليها قائد اركان العدو غابي ايزنكوت بهدف تعزيز تواجد جيش العدو على الجبهة الجنوبية بحجة تنامي التهديدات والتحديات التي تواجه الجيش في محيط غزة وعلى الحدود مع سيناء التي ينتشر فيها تنظيم ولاية سيناء.

في هذه الأثناء تفجر حادثة انهيار النفق على حدود غزة الشرقية، والشكاوى المتصاعدة لسكان مغتصبات غلاف غزة من أصوات الحفر المتصاعدة أسفل منازلهم، التكهنات حول موعد اندلاع الحرب المقبلة التي يلوح بها العدو على جبهة غزة تارة، وعلى جبهة جنوب لبنان تارة أخرى.

على الصعيد الأمني:

الاعتراف الفج الذي أدلى به رئيس جهاز المخابرات الفلسطيني ماجد فرج والذي جاء فيه أن جهازه نجح بإحباط نحو 200 فدائية ضد قوات الاحتلال، وأنه تم في إطار ذلك اعتقال أكثر من 100 فلسطيني في سجون السلطة.

ثم خروج رئيس السلطة ذاته ليؤكد بكل وقاحة انه شخصيا يقف خلف استمرار التنسيق الأمني واحباط العمليات وملاحقة واعتقال المقاومين، بحجة حماية الجيران.

وقيام رئيس السلطة بلقاء ذوي قتلى الانتفاضة من الصهاينة، دون الالتفات لمشاعر ذوي شهداء الانتفاضة ومن خلفهم شعب غاضب.

استئناف سياسة قطف الرؤوس، عبر استئناف الاحتلال اعتقال قيادات حماس من نواب المجلس التشريعي، بإعادة اعتقال النائبين قفيشة وطوطح بعد احراق السلطة لسيارة قفيشة، ليصل عدد هذه القيادات في سجون الاحتلال 7 نواب ووزيراً سابقا.

في هذه الأثناء يقوم وفد أمنى من قادة أجهزة عباس وعلى رأسهم ماجد فرج بعقد لقاء رفيع مع نتانياهو، لاستعراض انجازاتهم الأمنية في حماية الاحتلال من جانب، ومن جانب آخر للتباحث في سبل اجهاض الانتفاضة، ومن هذه السبل تقديم تسهيلات اقتصادية وحياتية لسكان الضفة. 

- ليتضح بما لا يدع مجالا للشك أن السلطة هي التي تحرض على اجهاض الانتفاضة، وأنها تسعى للحيلولة دون أي تدهور أمني يضر بقدرتها على البقاء ومواصلة وظيفتها في التنسيق الامني.

- أن الرئيس عباس يسعى للبحث مخرج سياسي من خلال الحصان الأمني، في ظل حالة الانسداد والإحباط والغضب الشعبي حيال عباس وسلطته الفاشلة.

- أن الحقد والنكاية لحركة حماس تدفع عباس وسطلته للارتماء بالكلية في الأحضان الصهيونية، دون تحقيق أي انجاز على الصعيد السياسي، اللهم إلا باستمرار وجود السلطة ومنع انهيارها.

- يأبى عباس إلا أن يلدغ من ذات الجحر مرات ومرات، فهو يقدم فروض الطاعة والتنسيق الأمني على اعتاب الوعود بعقد مؤتمر دولي وفق المبادرة الفرنسية، ليكسب الاحتلال مزيد من الوقت لاستكمال ابتلاع الضفة.

- وربما يريد عباس الاثبات للسيسي الذي يقال إنه يسعى لانقلاب في السلطة يجلس فيه رجل أمنى مكان عباس، أنه ما زال رجل الأمن الأول في السلطة وان زمن الاستبدال ما زال مبكرا.

على الصعيد السياسي:

في هذه الاثناء يقوم فريق التمويه السياسي التابع لعباس بتحركات تحت لافتات منظمة التحرير وحركة فتح لعقد سلسلة لقاءات اشغال فضاء سياسي مع حماس، والقاء عدد من قنابل دخان حمل المصالحة الكاذب على ارض العاصمة القطرية بحجة البحث في احياء المبادرة القطرية وتشكيل حكومة وحدة والاتفاق على موعد انتخابات رئاسية وبرلمانية.

- وعليه فان الساحة الأمنية تشهد جهدا صهيونيا فلسطينيا مشتركا لضرب حماس واجهاض الانتفاضة في الضفة لتحقيق عدد من الأهداف:

o المحافظة على فرص بقاء السلطة فترة أطول.

o منع تمكين حماس من ترميم بنية المقاومة وتشكيل خلايا قادرة على ضرب الأمن الصهيوني في مغتصبات الضفة، فضلا عن ضرب العمق الصهيوني حال اندلاع أي حرب جديدة مع غزة، فالتقدير أن حماس إذا لم تستطع صنع صواريخها في الضفة، فهي قادرة على صنع صواريخ بشرية تضرب الأمن الشخصي للصهاينة في الداخل المحتل.

- كما أن الساحة العسكرية تزاد سخونة والتهابا عبر التعزيزات التي يدفع بها الاحتلال على حدود غزة.

التسخين العسكري للرأي العام الصهيوني عبر شكاوى المغتصبين من أصوات الحفر أسفل منازلهم في مغتصبات غلاف غزة.

الإعلانات المتكررة من قيادات حماس السياسية وأحيانا العسكرية عن جهوزيتها لخوض مواجهة جديدة مع الاحتلال، إضافة للمشاهدات الصهيونية اليومية للاستعدادات التي تقوم بها المقاومة في غزة. 

- إضافة الى ان الساحة السياسية على صعيد جهود المصالحة، تبدو مسدودة، حيث ان المساعي التي يقال إنها تبدل بوساطة قطرية تبدوا بلا أمل، خصوصا بعد تصريحات عباس وممارسات أجهزة التنسيق الأمني حيال الانتفاضة والمقاومين في الضفة.

تدور كل التساؤلات اليوم وعلى أكثر من مستوى ليس عن إمكانية اندلاع حرب جديدة، بقدر ما تدور عن موعد اندلاع هذه الحرب التي تلوح مقدماتها في الأفق.

البث المباشر