لم تكن صورة السيلفي التي التقطها الشهيد أمجد سكري (32 عامًا)، قبل استشهاده بساعتين، والتي اختتم فيها حياته بالشهادة، سوى تجسيد لصورة جديدة في انتفاضة القدس، تحمل قفزة نوعية في مسار الأحداث الدائرة بالضفة المحتلة.
عملية يقف خلفها شهيد ينتسب الى اجهزة أمنية، كانت إلى وقت قريب يتباهى المسؤول الأمني الأول فيها عن مسؤوليتها إحباط 200 عملية فدائية، ووقوفها خلف اعتقال مئة فلسطيني حاولوا القيام بعمليات ضد الاحتلال، فيما تقول هآرتس إن هذه الاجهزة ارجعت حوالي 634 اسرائيليًا العام الماضي.
وعبر جولة قصيرة في صفحة الشهيد السكري عبر الفيس بوك، ترى بوضوح عزم الشهيد وإصراره على تنفيذ العملية منذ وقت على الاقل من خلال منشوراته التي ينعى فيها نفسه قبل الرحيل، في وقت باركتها جميع القوى والفصائل الفلسطينية واعتبرتها مؤشرًا على حالة من التمرد داخل منظومة التنسيق الأمني، ودلالة على "يقظة" حية في ضمائر الآلاف من ابناء الاجهزة الامنية.
ورغم الاجراءات الصارمة التي اتخذتها أجهزة أمن السلطة لضمان عدم مشاركة أبنائها في انتفاضة القدس، التي وصلت الى حد الحكم بسجن أحد عناصر الشرطة لمدة 10 سنوات لإدانته إطلاق النار على سيارة قائدة سرية بجيش الاحتلال، فقد نجحت عناصر أمنية بالتسلل من جدار المنع إلى ساحة الانتفاضة، وشاركوا في تنفيذ عمليات فدائية كان الشهيد السكري هو رابعهم، على قاعدة من "مأمنه يؤتى الحذر".
وقد قالت صحيفة يديعوت، عقب تنفيذ أول عنصر أمنى بالسلطة عملية حزما البطولية في الثالث من شهر ديسمبر الماضي، والتي نفذها الشهيد الضابط في جهاز المخابرات مازن عربية، إن الأجهزة الأمنية أبدت قلقها من انخراط أعداد إضافية من الجنود والضباط في أعمال المقاومة.
وقد نقلت الصحيفة عن مصدر مسئول في الأجهزة الأمنية، أنها قلقة وستجري تحقيقاً معمقاً وهي عادة تقوم بمراقبة عناصرها من خلال وحدات داخلية تتابع ما يقوله العناصر على "الفيسبوك وتويتر" أو من خلال الحديث معهم مباشرة ومعرفة بماذا يفكرون، لذلك تم اعتقال عدد منهم في السنوات الأخيرة بسبب تفكيرهم بتنفيذ عمليات ضد الاحتلال بأسلحتهم التي يحملونها.
وأضافت نقلاً عن المسئول الفلسطيني: لدى قيادة السلطة الأمنية إجماع على اعتقال كل من يفكر بتنفيذ عملية ضد الاحتلال، والسبب هو مصلحة فلسطينية واضحة بالحفاظ على مستوى منخفض من المواجهة بحيث لا يضر بمصالح السلطة ومكانتها الدولية.
وتخشى السلطة من تكرار نموذج أبو جندل واللواء عبد المعطي السعدي، وغيرهم من نماذج الاجهزة الأمنية التي لعبت دورًا بارزًا خلال الانتفاضة الثانية، وكان له دورًا فاعلًا في تشكيل خلايا عسكرية أوعز بإنشائها أبو عمار آنذاك بعد وصوله الى قناعة بفشل مسار التسوية.
وقد عرضت السلطة امانًا شخصيًا لمعظم مطاردي كتائب شهداء الأقصى، في وقت تهدد فيه بقطع رواتب المئات من مسلحيها، حال خروجهم عن قرارات ابو مازن، وهو امر يقيدهم في غزة والضفة، بحسب ما قاله مصدر مطلع للرسالة.
وقد أكدّ ألوية ومختصون في الشأن الأمني، أن السلطة رغم نجاحها في تشويه الحالة الوطنية والأمنية بالضفة، الا انها من الناحية العملية يستحيل عليها أن تفرض قيدًا على جميع منتسبي الاجهزة، خاصة اولئك الذين خاضوا تجربة الكفاح المسلح مع قيادات أمنية وعسكرية.
وقد اعتبر اللواء المتقاعد يوسف الشرقاوي، أنه لا يمكن السيطرة على مشاعر ضابط وطني من الثأر لأبناء شعبه، مؤكداً أن هذه المشاعر يمكن أن تتولد لدى الكثيرين من الضباط والأفراد العاملين في الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
ورأى الشرقاوي أن السلطة تعودت على التنسيق الأمني ولا يمكن لها أن تغادر هذا المربع، منبهاً إلى أن هناك مبالغة (إسرائيلية) في قدرة السلطة بالكشف عن هذا الحجم من العمليات.
ويرى الشرقاوي أن الماكنة (الإسرائيلية) لها دور في إثبات أن أجهزة السلطة تتعاون مع أجهزة الاحتلال في منع العمليات بالضفة، معرباً عن اعتقاده بأن هذا الترويج لا يصب في ميزان حسنات أجهزة السلطة بل بالعكس يزيد من تأليب الشارع عليها بسبب ممارساتها القمعية.
بينما قال أبو خالد مسؤول في كتائب شهداء الأقصى بغزة، إن العشرات من أبناء الاجهزة الأمنية لديهم الرغبة في الالتحاق بالعمل العسكري مجددًا، ومنهم من هو مطلوب لهذه اللحظة في عدد من مناطق الضفة، متوقعًا أن يكون هناك تغيرا جوهريًا لصالح تصعيد العمل العسكري، بسبب تراخي القبضة الأمنية لدى عباس.
وقال أبو خالد، إن ماجد فرج لا يملك فرض وصايا تنظيمية، ومن المتوقع ان تنفجر الاوضاع مستقبلا في ظل الحديث عن احتدام الصراع داخل البيت الفتحاوي.