قائمة الموقع

الشهيد بصل .. "حوت الأنفاق" تفتقده "القسام"

2016-02-01T17:02:56+02:00
الشهيد محمود بصل
غزة- نور الدين صالح

"الحمد لله ابني شهيد.. ابني فخر لي ولعائلتي".. عبارتان افتتح بهما والدا الشهيد محمود بصل حديثهما في رثاء ابنهما الذي صعدت روحه إلى السماء مع ثلة من مجاهدي القسام إثر انهيار أحد الانفاق شرق مدينة غزة.

في منزل بسيط على الأطراف الجنوبية من حي التفاح شرق مدينة غزة كان يقطن محمود "حوت الأنفاق" كما لقبته القيادة العسكرية في منطقته؛ وخلال زيارة "الرسالة" لفت انتباهها وجوه العائلة والمعزين التي أمدت من حولها بمشاعر الفخر والاعتزاز بمن ارتقى وهو يرسم طريق النصر.

ثماني سنوات عمل خلالها محمود في وحدة الأنفاق لكتائب القسام بصمت دون أن يشعر زوجته ووالديه ومن حوله، "طول هذه السنوات لم نعلم عن عمله شيئا، لاحظت كثيرا طبقات من التراب على ملابسه، وكان يطلب مني غسلها ثم يبتسم لي ويخلد إلى النوم سريعا"، تقول والدته وهي تسرد حياة ابنها الشهيد وعلاقته معها.

ورغم حزنها على فراق فلذة كبدها إلا أن قوة ايمانها بالله وعزيمتها ارتسمت على محياها، خاصة أنه اعتاد على زيارتها يومياً للاطمئنان على أحوالها، حيث يفتتح حديثها معها بعبارة "وينك يا حبيبتي يما، أنا محمود جاي ازورك"، فترد عليه: "نعم يما.. انا هيني بستناك"، ذلك الحوار الذي اعتادت الأم على سماعه يومياً.

 "آخر فترة كان يزورني كتيرا وكأنه عارف انه بده يستشهد"، تضيف أم الشهيد، وتُصر على الاحتفاظ برائحة ابنها، حيث تتمسك بورقة كُتب عليها اسمه خلال تشييعه في الجنازة، وأخرجتها خلال حديثها وهي تردد "سأحتفظ بهذه الورقة لأن فيها رائحة محمود العطرة".

دقائق معدودة حتى جاء أطفال الشهيد الثلاثة بهدوء، يحتضون جدتهم، علهم يجدون بعضاً من الدفء الذي فقدوه بعد رحيل والدهم، ووالدتهم التي لم تعد قادرة على الحركة نتيجة صدمة الحزن التي ألمت بها، خاصة أنها تحمل في أحشائها طفلاً رابعاً سيبصر الحياة خلال أيام قليلة.

 

فأخذت الجدة تنظر إلى أحفادها بعيون تملؤها الدموع، متحدثة إلى ابن الشهيد الأكبر طلال (4 اعوام) "وين بابا يا جدة؟"، فأجاب بكل براءة "بابا شهيد في الجنة".

وللعودة الى لحظة تلقيها نبأ استشهاد ابنها تقول أم أحمد (51عاماً): "كانت أقسى اللحظات حينما جاءني نبأ استشهاد محمود، لكن حينما تذكرت انه سيلاقي ربه عريساً كأن الغمة انزاحت عن قلبي".

وبالانتقال إلى والده أبو أحمد الذي اختلسنا منه لحظات قليلة، نظراً لانشغاله باستقبال المهنئين من الأقارب والأصحاب، باستشهاد ابنه، والذي بدا عليه التعب والاجهاد، وبدأ بعبارة " الله يرحمك يا محمود.. رفعت راسنا يا بطل".

يقول أبو أحمد وبالكاد تخرج كلماته مادحاً ابنه "محمود نشأ في أسرة اسلامية، وتربى على حب الوطن والجهاد في سبيل، حيث أنه شارك بالعمل العسكري لأكثر من خمس سنوات دون أن يشعر أحد بذلك".

ولم يستطع الوالد الحديث كثيراً نظراً لكثرة القادمين إلى عرس ابنه، حيث ختم حديثه "نحن نؤمن بقضاء الله وقدره، وندعو الله ان يتقبله في عليين مع الصديقين والشهداء".

أنهينا حديثنا مع رفيق دربه "أبو أحمد"، الذي عايشه لعدة سنوات، وتربيا سوياً في المساجد، وأراد وصف صديقه محمود بكلمات قليلة لخصها بـ "محمود شاب خلوق وما في منه".

يشار إلى أن الشهيد بصل شارك في صفوف مقاتلي القسام، خلال معركة "العصف المأكول" التي شنتها قوات الاحتلال (الاسرائيلي) صيف عام 2014، والتي راح ضحيتها أكثر من ألفي شهيد وعشرات الإصابات.

وأعلنت كتائب القسام الذراع العسكرية لحماس، عن استشهاد سبعة من مقاوميها بفعل انهيار نفق أرضيي للمقاومة عليهم، نتيجة سوء الأحوال الجوية، مؤكدة أنّهم جميعًا من كتيبة الدرج والتفاح.

 

 

 

اخبار ذات صلة