منذ ظهور وَهم معاداة السامية في نهاية القرن التاسع عشر واليهود لا يكفون عن اتهام الآخرين بمعاداتهم، وتوظيف مجموعة من الأكاذيب لصرف النظر عن جرائمهم بحق البشرية لاسيما في فلسطين، ودعم الاتجاه المعادي بأن العالم ضد اليهود لا اليهود ضد العالم.
وبناء على هذه المفاهيم المتعجرفة يبتكر الصهاينة منذ ذلك الحين طرقا للحد مما يمس بهم حتى وإن كان على صعيد الألفاظ والكلمات، ما دفع بالاتحاد الصهيوني الدولي للتفكير بتشغيل التطبيق الجديد "القناص" والشروع به الأسبوع المقبل لتمشيط شبكة الانترنت والتقاط أي مصطلحات "معادية" لليهود وعدم المرور عنها دون رادع أو عقاب.
ويعمل برنامج "القناص" بناء على "مصفوفة "لوغريتمات" تشخص كلمات "مفتاحية" بلغات مختلفة فيما يفتش طاقم عمل النتائج ويصنفها للتأكد من حقيقة معاداتها لليهود والرد عليها عبر التوجه بشكوى أو رسالة للدولة المعنية .
الإعلامي والمختص بمواقع التواصل الاجتماعي ساجي الشوا رأى أن ذلك ليس وليد اللحظة فقد سبق للإسرائيليين ومؤيديهم إغلاق صفحات الفيسبوك التي تؤيد القضية الفلسطينية، سواء باللغة العربية أو الانجليزية، كما واجه اللوبي الصهيوني في فرنسا كتّاب وفنانين ورسامي كاريكاتور معادون ل"إسرائيل".
وكان رئيس وزراء الاحتلال "بنيامين نتنياهو" قد أطلق تهديدات لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الفلسطيني مع الانتفاضة الحالية، فيما أنشأت شرطة الاحتلال وحدات الكترونية لمتابعة كل التصريحات التي تشكل خطر على مواطنيهم .
واعتبر الشوا أن ازدياد مؤيدي القضية الفلسطينية ومعادي اليهود نتيجة جرائم الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين وتأليب الرأي العام ضدهم خاصة على صعيد المقاطعة التعليمية والاقتصادية والثقافية في العالم هي من دفعت بخلق الهواجس عند "إسرائيل" وإطلاق كهذه التطبيقات.
مدى التجاوب
من جهته بين محلل الشئون الإسرائيلية ناجي البطة أن توقيت هذه الخطوة تشير إلى أن شبكة المعلومات العنكبوتية باتت تهدد المشروع الصهيوني والأجهزة الأمنية الإسرائيلية
أما عن مدى تفاعل الحكومات في حال وصول رسائل شكوى من الاحتلال أوضح البطة أن الدول العربية خاصة هي دول ذات مركبات بنيوية فاشلة تعاني من أزمات سياسية واقتصادية ربطت نفسها بالمشروع الصهيوني في المنطقة وشعوبها تعيش بحالة تجريد من الثقافة لذا لن تستمر طويلا.
في حين يرى الإعلامي الشوا أن ردة فعل الدول تعتمد على مدى تأثير "إسرائيل" بهذا المجال وسيكون هناك نوع من المساندة والتنسيق من الدول التي تتعامل بالقانون مع "إسرائيل".
ويتوقع أن يتم إغلاق حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي بعد انطلاق التطبيق وتقديم بلاغات وعرض دعاوى قضائية بالمحاكم على أبعد تقدير.
وقال الشوا "رغم تطبيق "القناص" سيواصل الشباب والكتاب الدفاع عن قضية شعب تُغتصب أرضه وتُنتهك حرماته ورغم محاولات تشريده وتركيعه إلا أنهم سيخاطبون العالم برؤية فلسطينية".
ويتفق ذلك مع ما قاله الكاتب البريطاني آلان دير شاويتز في كتابه "الحالة الإسرائيلية" أن أي موقف يتحول من كلمة عادل إلى كلمة مخطئ ضد اليهود، يكون قد انتقل صاحبه من حالة الرضا الاسرائيلي الى معاداة للسامية!؟
ويضيف شاويتز: "قد يعبر الناس عن نقدهم لليهود ولإسرائيل وللسياسة التي يتبعها هذا المسئول أو ذاك.. فهل يعتبر هذا الشيء معادياً للسامية؟؟".
ويستهجن البطة هذه الخطوة معتبرا إياها عنصرية وتكميما للأفواه وتقييدا لحرية الرأي لم يسبق الاحتلال أحد في العالم بها، وأنها لم تعد صالحة لهذا العصر، معتبرا أن ثقافة "الجوييم" التي يعتقد اليهود من خلالها بأنهم شعب الله المختار وغيرهم غوغاء وبهائم "جوييم" ترسخت في عقولهم لتبرير الاعتداء على الآخر.
وقد تحولت تهمة اللاسامية إلى أداة فعالة في يد اليهود لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية في مختلف بقاع العالم، على حد قوله.