وصل عدد النازحين من قرى وبلدات ريف حلب الشمالي بسبب الغارات الروسية المكثفة وتقدم قوات النظام والمليشيات الأجنبية والوحدات الكردية بلغ نحو سبعين ألف شخص، وينتظر هؤلاء -وأغلبيتهم من النساء والأطفال- في العراء والبرد من أجل دخول تركيا.
وقالت وكالة الأناضول إن تدفق آلاف اللاجئين السوريين باتجاه الحدود التركية مستمر مع تصاعد هجوم النظام العنيف المدعوم بغطاء جوي روسي على المدن والبلدات الواقعة شمال حلب والذي بدأ قبل خمسة أيام.
وطبقا لمصادر محلية، فإن مدينة حلب تتعرض لغارات جوية كثيفة من المقاتلات السورية والروسية بالتزامن مع اشتداد الهجمات التي ينفذها عناصر تنظيمي الدولة الإسلامية ووحدات حماية الشعب الكردية التابعة للاتحاد الديمقراطي الكردي اللذين يستهدفان العديد من القرى والبلدات بريف المدينة.
وبحسب المصادر الرسمية التركية، فإن عدد الموجودين في معبر باب السلامة الحدودي يتجاوز عشرين ألف شخص، وفي منطقة إكدة على الحدود السورية التركية هناك نحو ثلاثين ألف نازح.
أما في محافظة هاتاي التركية قبالة محافظة إدلب السورية فدخل أكثر من 12 ألف سوري من منطقة خربة الجوز في ريف إدلب، وأقامت السلطات التركية لهم مخيما جديدا في بلدة جواتشي يتسع لثمانية آلاف شخص.
وفي سياق الوضع الإنساني المتفاقم، أفاد مصادر محلية في سوريا بأن أكثر من ألف عائلة اضطرت لترك مخيماتها على إثر قصف شنته قوات النظام على منطقة أوبين بريف اللاذقية.
وقالت المصادر إن سكان تلك المخيمات توجهوا إلى معبر خربة الجوز الحدودي مع تركيا في ريف إدلب الشمالي، حيث سمحت السلطات التركية لبعضهم بالدخول.
وأضافت أن أربعة آلاف عائلة لا تزال عالقة في خربة الجوز، بعضها نامت بين الأشجار في ظروف مناخية صعبة تصل درجة الحرارة فيها إلى ما دون الصفر. ويعيش معظم النازحين أوضاعا صعبة نتيجة الظروف الجوية القاسية وفي ظل غياب شبه تام للمنظمات الإنسانية.
وأوضحت أن استمرار تدفق آلاف النازحين باتجاه ريف حلب الغربي بعد قطع قوات النظام الطريق الرابط بين مدينة حلب والحدود التركية في الريف الشمالي، بينما شهدت الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة في المدينة ارتفاعا في أسعار المواد الغذائية ونقصا حادا في المحروقات.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إن "الأوضاع التي يواجهها النازحون كارثية"، مضيفا "تنام عائلات بالكامل منذ أيام عدة في البرد في الحقول أو الخيم، وليست هناك أي منظمة دولية لمساعدتهم، بل يساعدون بعضهم البعض".
ونشر ناشطون سوريون مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر النازحين في الحقول المحيطة بمدينة إعزاز التي تبعد خمسة كيلومترات عن الحدود التركية.
وعند معبر باب السلامة، أفادت مصادر أمنية إن المعبر مغلق، وعشرات الآلاف يعيشون ظروفا صعبة على بعد كيلومترين تحت البرد القارس وفي ظل نقص الغذاء والدواء رغم ما تقدمه تركيا.
وأشارت إلى أن السلطات التركية حتى الآن ترى أن مصلحتها الاقتصادية وأمنها يقتضيان عدم إدخال اللاجئين، وتقديم المساعدات لهم في الجانب الآخر من الحدود.
وذكرت من الجانب التركي لمعبر باب السلامة أن شاحنات محملة بتجهيزات وخيام وصلت من الأراضي التركية لمواقع وجود النازحين.
وأوضح أن الخيام ستقام بشكل مؤقت على الجانب السوري من الحدود للتخفيف من الأوضاع المأساوية التي يعيشها النازحون.
من جانبه، قال حاكم إقليم كيليس التركي إن السلطات تعمل على إعداد مخيمات جديدة في الأراضي التركية وتوسعة الموجود منها استعدادا لموجة لجوء كبيرة في حال تردي الأوضاع الأمنية في المناطق التي يوجد فيها النازحون حاليا.
يأتي ذلك في وقت أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس السبت أن بلاده مستعدة لفتح حدودها أمام آلاف السوريين العالقين "إذا كان ذلك ضروريا".
وقال أردوغان للصحافيين في الطائرة التي أقلته عائدا من جولة في أميركا اللاتينية وزيارة للسنغال إن "النظام يسد الطريق على قسم من حلب (...) إذا وصلوا إلى أبوابنا وليس لديهم خيار آخر وإذا كان ذلك ضروريا فعلينا السماح لإخواننا بالدخول وسنفعل ذلك".