76 يوما من الألم المغمس بعزمات الأمل، 76 يوما من الجوع والعطش إلى الحرية، 76 يوما من العجز والفضيحة التي تكسوا القادة الذين لم يحركوا ساكنا للحفاظ على حياة فارس من فرسان الوطن.
بعيدا عن كلمات السجع والشعر والنثر التي تقال في الصمود الأسطوري للفارس الهمام محمد القيق المستمر في معركة الحرية لليوم السادس والسبعين على التوالي، ها هو القيق يعري كل المتاجرين بمعاناة شعبنا.
في الحقيقة إن العاجز عن الحراك في سريره ليس محمد القيق بل كل القيادات التي لم تنبري لتطرق أبواب كل المحافل للإفراج عن القيق، وكيف يطرق ابواب المحافل من يخشى طرقات رصاص الاحتلال.
في الواقع ان الجائع منذ 76 يوما ليس القيق، فيكفيه أنه يمتلئ كرامة وعزما وإصرار، بل الجائع الحقيقي إلى هذه الكرامة والعزيمة هو كل قائد لم يستنفر كافة اركان قوته بكافة اشكالها ومستوياتها لنصرة أحد ابطال شعبه.
نبرع جميع في الثناء والتغني ببطولات الصامدين الاحياء منهم والأموات، غير أننا لا نبرع في توظيف عوامل قوتنا لنصرة الضعيف فينا، فنحن في نظر بعضنا لسنا سواء، فهل وزن القائد في حزبه او فصيله كوزن المواطن وان كان أكثر بطولة من القائد.
وهل مقتل قائد قصفا او اغتيالا بصاروخ او بالرصاص او حتى بالتجويع كمحمد القيق يجد منا ذات ردة الفعل، إذا متى سنتحلى بالمساواة في النظر إلى الإنسان.!.
مئات القنصليات والسفارات الفلسطينية منتشرة حول العالم، لماذا.؟ لتمثيل الفلسطينيين، فلماذا لم يحرك احد منها ساكنا لتنظيم فعاليات جماهيرية او قانونية أو ..أو ..لتعريف العالم بقضية القيق بما يضمن الحرية له، أم أن التمثيل قاصر على أناس دون اخرين.
وزارات وهيئات وسلطات وقوانين وقضاء ومحامين لم نرى لها وزنا في واقعنا الفلسطيني في تمثيل او الدفاع او حتى اظهار قضية انسان فلسطيني يموت امام أعيننا كل لحظة، فسحقا لكم جميعا إن لم يكن الانسان أغلى ما تملكون.
وفود واجتماعات وقيادات يأتون وآخرين يسافرون للقاهرة والدوحة للتفاوض حول المصالحة، وهل المصالحة أغلى من حياة انسان، الخليفة العادل قال " والله لو أن بغلة عثرت في العراق لخشيت أن يسألني ربي عنها لمَ لم تسوي لها الطريق يا عمر"، أفلا تخاف قياداتنا من أن يسألها رب العالمين لمَ لم تنقذوا حياة القيق من قبضة السجان.
حين تفتقر قياداتنا إلى الحس بالمسئولية التي تحلى بها قادة الإسلام العظام، فسيبقى أبناء غزة يعانون من الحصار ومن شح الغاز والكهرباء والعمل والرواتب ومستحقات ذوي الأسرى والشهداء، ومن شح الدواء والعلاج، ومن إغلاق المعابر.
كما سيبقى شعبنا في الضفة يعاني من وطأة التنسيق الأمني واعتقال الأبناء والاخوة والآباء، ومن ملاحقات أجهزة السلطة والمخابرات، ومن تغييب قادة الفكر والرأي أمثال عبد الستار قاسم خلف القضبان، ومن تمدد الاستيطان وانتشار الحواجز لأن السلطة تصادر وتلاحق البنادق التي تردعهم.
في الحقيقة إن الجائع الحقيقي هو شعبنا إلى قادة يتحلون بالشعور بالتبعة والمسؤولية، فوقتما وجدوا لن يبقى أمثال القيق في سجون الاحتلال، ولن يحتاج أحد منهم للإضراب عن الطعام للحصول على الحرية.
قد يرتقي محمد القيق في خضم معركة الجوع التي يخوضها مع السجان، لكنه حتما سيعود كل يوم وكل لحظة من الموت ليذكرنا بصموده البتار، بالكرامة والنخوة والعزم والصمود والإصرار على الانتصار في معركة الحرية.
انسان يعني حرية، وإذا فقدت الحرية فقدت الإنسانية، ولا معنى للإنسانية بلا حرية، لذا فبالروح
نفتدي حريتنا.
إذا كان محمد القيق في حياته بالأغلال مكبلا، فبالموت سيعود حرا محلقا في ملكوت الرحمن.
الحرية لمحمد القيق،، الحرية لجميع الأسرى والمعتقلين.