أكدّت ليلى خالد عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية، أن انتفاضة القدس تجاوزت مرحلة الاحتواء، وكسرت حالة الجمود القائمة في الضفة الغربية المحتلة، موضحة أن الانتفاضة حققت بعض الأهداف الجزئية منذ اندلاعها، لاسيما وقف التقسيم الزماني للمسجد الأقصى المبارك، داعية في الوقت ذاته إلى ضرورة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني.
وقالت خالد في حديث خاص بـ "الرسالة نت"، إن الانتفاضة الراهنة تختلف عن سابقاتها من خلال قدرتها على استحداث وسائل إبداعية جديدة، أوجعت الاحتلال وكشفت عن خاصرته الضعيفة، مبينة أن الانتفاضة لا تزال قادرة على استحداث وسائل أكثر إبداعية في المواجهة، وقدرة على المواصلة والصمود، خاصة في ظل حالة التآمر القائمة عليها من بعض الأطراف.
محاولات الاحتواء
وحذرت من محاولات تقويض واحتواء الانتفاضة في ظل قدرتها على إيلام الاحتلال ونجاحها في اختراق حاجز المنع من قبل الاحتلال والسلطة، إذ رأت أن هناك جهودا جادة وحثيثة يبذلها الاحتلال والسلطة لوقفها، مستشهدة بتصريحات ماجد فرج المسؤول الأمني الأول بالسلطة ورئيسه محمود عباس الذين أكدا فيها عزمهما إنهاء الانتفاضة.
ورأت أن هذه التصريحات دليل على رغبة السلطة في كبح جماح الانتفاضة، والتوصل لحل سياسي مع الاحتلال، مشددة على ضرورة إدامة الاشتباك مع الاحتلال في الوقت الراهن، لإفشال كل المخططات الرامية لإنهاء الانتفاضة، وضمان سيرها في تحقيق أهدافها.
الانتفاضة حققت اختراقًا واستحدثت وسائل إبداعية جديدة
واعتبرت خالد استمرار الانتفاضة دليلا على رفض الشعب الفلسطيني لمشروع التسوية، وأنها تمثل إعلان غضب ضد سياسات السلطة المتعاونة مع الاحتلال، ومضت تقول: الشعب ليس موافقًا على التسوية، ولا الوضع الدائم بين السلطة والاحتلال"، مشيرة إلى أنها أضرت كثيرا في القضية الفلسطينية.
وحول استمرار التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال، أكدّت القيادية الفلسطينية، أن هذه السياسة مبعثها قناعة السلطة بنهج اوسلو، الذي لا يؤمن بخيار الكفاح المسلح، منوهة إلى أن خيار التسوية والتنسيق مع الاحتلال ثبت فشله وإخفاقه منذ البداية، ولكن القيادة المتنفذة للمنظمة لا ترغب بـالاقتناع بهذه الحقيقة. ودعت خالد جميع القوى إلى الانخراط في الانتفاضة، والعمل على دعمها وتعزيزها، بما يضمن بقاء ديمومتها.
سراب التسوية
وفي سياق متصل، نبهت القيادية في الجبهة الشعبية، إلى خطورة مساعي السلطة لاستئناف المفاوضات مع الاحتلال، عبر ما تسمى بمبادرة باريس وغيرها من الاطروحات السياسية التي أثيرت إعلاميًا في المرحلة الماضية.
وقدمت فرنسا إلى دول مجلس الأمن خطة عمل قالت فيها "إنها ستبادر لعقد لقاء دولي في نيسان/أبريل القادم بمشاركة الرباعية الدولية ومجموعة من الدول العربية"، وتنص ورقة العمل على عقد لقاء بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ممثلاً بالرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بتموز/يوليو المقبل، وذلك ضمن مجموعة خطوات عملية تنوي فرنسا القيام بها من أجل دفع المفاوضات المخططة بين الجانبين، بحسب ما نشرت القناة الإسرائيلية الثانية.
ورأت خالد أن هذه المعطيات دليل على حالة الإفلاس السياسي التي وصلت إليها السلطة الفلسطينية وانعدام الخيارات السياسية المتاحة لديها. وتوقعت فشل المبادرة الفرنسية كالمبادرات الأخرى، عازية ذلك لتعنت الاحتلال إضافة إلى عدم امتلاك السلطة الفلسطينية لأوراق ضغط تجبر الاحتلال على الاستجابة لمطالبها.
مبادرة باريس "وهم وسراب" مصيرها الفشل
وأضافت خالد لـ"الرسالة نت"، "المبادرة الفرنسية بضاعة قديمة مجربة، وليس هناك من جديد يمكن التعويل عليه في المرحلة المقبلة". ولفتت إلى أن الموقف الامريكي لا يزال منحازًا بالكلية لإسرائيل، في ظل موقف عربي ضعيف ومتشرذم، و"هي مغريات كافية ليواصل الاحتلال رفضه لأي منطق سياسي ينهي الوضع القائم"، وفق تعبيرها.
ورأت أن أي خيار سياسي في الفترة الراهنة يشكل محاولة لإنقاذ إسرائيل من ورطتها الحالية، وتجميل لصورتها البشعة التي تلطخت بدماء الأبرياء في الضفة المحتلة، مؤكدة أن أي مفاوضات قادمة لن تعطي السلطة سوى المزيد من الخسارة والسراب "لأنها لن توقف الاستيطان أو الاعتداءات على أبناء شعبنا".
ودعت خالد السلطة الفلسطينية إلى إعادة التفكير في المسار السلمي، والتوقف عن التنسيق الأمني وإنهاء حالة الجمود في الشأن الفلسطيني الداخلي من خلال تفعيل المصالحة الفلسطينية بشكل جاد ينهي الواقع الراهن.
وتابعت أن النقاش الثنائي بين حركتي فتح وحماس ليس مدخلًا للحل، والأمر بحاجة إلى حوار وطني شامل، يبحث تفاصيل اللقاءات والمصالحة، وإنهاء الخلاف السياسي يتطلب إرادة حقيقية"، مضيفة أن أي مصالحة لا توفر حلا حقيقيًا للأزمات السياسية والمعيشية لا يمكنها أن تنجح.
لسنا بحاجة لاتفاقات مصالحة جديدة بل إرادة حقيقية لتنفيذها
ونوهت إلى ضرورة بذل الجهود لدعم الانتفاضة وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني طبقًا لما تم التفاهم عليه وطنيًا، وتابعت قائلة: "إن الشعب الفلسطيني ليس بحاجة إلى اتفاقات جديدة، وإنما توفر إرادة صادقة لتحقيق ما تم التوافق عليه".
وأشارت خالد إلى أهمية إشراك جميع القوى والفصائل كي تكون شاهدة وشريكة في تنفيذ الاتفاقات، مبينة أهمية ترتيب البيت الفلسطيني بما يخلص الشعب الفلسطيني من تبعات أوسلو، ويرفع عنه القيود التي فرضها الاتفاق عليه سياسيًا واقتصاديا، لافتة إلى المخاطر التي تتعلق بالقضية الفلسطينية خاصة في ظل تشرذم الواقع الاقليمي الراهن، الذي يفرض على الفلسطينيين التوحد وإنهاء الانقسام.