حاز قطاع غزة على وسام العزة والكرامة بدماء شهدائه وصبر أهله، حتى أصبح البعض يلقب المدينة بـ "غزة العزة"، وللقطاع سمعة وصيت "يحلف بهما الصغير والكبير" –كما يقال- في وطننا العربي الكبير وأمتنا الإسلامية، فارتبط اسم غزة بمفردات المقاومة والصمود، وأينما تذهب في هذه المعمورة تجد الاحترام والتقدير لأهلها، والذي يصل حد الملائكية.
فيا ولاة أمورنا في هذه البقعة المقدسة، حافظوا على هذه المكانة في وجدان أمتنا، وإنه نداء للواء توفيق أبو نعيم، بصفته المجاهد والاسير المحرر، الذي ذاق ويلات السجن والسجان الصهيونيين، وبعد أن أمسكت بزمام قوى الأمن الداخلي، ندعوك إلى ضبط الحالة الأخلاقية في قطاعنا الحبيب.
فيا حضرة اللواء، صحيح أن الأجهزة الأمنية تضبط الأمن العام بشكل رائع، وصحيح أن الأمن الشخصي للمواطن في غزة مكفول ومحفوظ، لكن الأمن الأخلاقي بدا عليه الترهل والتراجع، والمستهدف الأول في ذلك فئة الشباب تحت شعارات براقة "كالانفتاح والموضة".
فيا سيادة اللواء هؤلاء الشباب أمانة في عنقك، فلا يكون اهتمامك بالأمن العام، على حساب الأمن الأخلاقي، الذي هو أيضًا مسؤولية كلًا من وزارتي الأوقاف والتعليم.
يا سادة كلنا يعلم بأن قطاع غزة مستهدف من أطراف عدة، وشبابنا على رأس أولويات المتربصين، وإنهم ليعملون ليل نهار، من أجل السيطرة عليهم، وأشير بقوة إلى مؤسسات شبابية موجودة هنا، وممولة من جهات أوروبية وأمريكية، فلماذا يا سادة تمنح تلك المؤسسات، الحرية في العمل دون حسيب ورقيب؟ ونحن نعلم علم اليقين أنها تسعى إلى سرقة جيل الشباب منا، وتعمل على القضاء على أسطورة المقاومة التي تحدثت عنها في بداية هذا المقال.
يا سادة إنهم لم يفلحوا في السيطرة على غزة عسكريًا، ولا أمنيًا في الحروب السابقة، ولم يتمكنوا من كسر شوكتها بالحصار الذي طال كل شيء، وبالتالي فإنهم يغزوننا من مداخل، تحمل في ظاهرها مصطلحات وردية، لكنها سوداوية في باطنها، مستهدفين شبابنا، جيل التحرير القادم.
هذا لا يعني أننا ضد الحرية الشخصية، ولا هي دعوة إلى الانغلاق المجتمعي وكبت الحريات، وإرجاع المجتمع إلى العصور الحجرية، لكنها دعوة إلى حماية جيل الشباب، لأن الاستهداف، على مختلف أشكاله، يرقب بالدرجة الأولى هذا الجيل، ورغم هذا، إلا أن دولة الاحتلال لم تستطع صناعة جيل فلسطيني منهزم، وما انتفاضة القدس وكسر هيبة "إسرائيل" في ثلاث حروب مضت على غزة، إلا خير دليل وبرهان، وكلنا شاهد كيف لشباب صغار تمكنوا من كشف سوءة الجيش الذي لا يقهر، لذلك فإنهم يريدون السيطرة على جيل النخبة، جيل المستقبل، وعلينا أن نحميه ونحافظ عليه.