قائمة الموقع

امتيازات الوزراء (مفتوحة) وغياب الرقابة يستنزف خزينة السلطة

2016-03-03T08:08:34+02:00
الرسالة نت-محمد أبو قمر

نظرة سريعة على مجموع الامتيازات المتاحة للوزراء خلال توليهم مهامهم أو عقب مغادرتهم وزاراتهم، تفاجئك حجم المبالغ التي يشرعها لهم القانون إذا ما قورنت بالوضع المالي الحالي للسلطة الفلسطينية.

على مدار شهرين من المتابعة توصل معد التحقيق الى إجمالي المبالغ المالية التي أنفقتها خزينة الدولة على الوزراء الذين تداولوا مهامهم منذ وصول السلطة الى الأراضي الفلسطينية قبل ما يزيد عن عشرين عاما.

ووضعت الأرقام الكبيرة التي تكشفت أثناء التحقيق قانون مكافآت وزراء الحكومة الفلسطينية على طاولة البحث، للتدقيق في الامتيازات التي يحصلون عليها اثناء وجودهم في الوزارة وبعد مغادرتها.

وفتحت المعلومات والبيانات التساؤل إذا ما كان القانون الذي أقر قبل أكثر من عشر سنوات لا يزال مناسبا، أم أن تعطيل المجلس التشريعي تسبب بغياب الرقابة على الموازنة العامة؟

تعاقب الحكومات

بدأت خيوط البحث من وزارة المالية بغزة حيث اطلعت "الرسالة" من مصدر خاص بها على مجمل ما يتقاضاه الوزير فور توليه مهامه، تشمل مكافأة شهرية، تضاف اليها فاتورتا جوال وهاتف ثابت، و15.000 دولار بدل تحسين معيشة تصرف لمرة واحدة.

وتغطى جميع نفقات سفر الوزير واقامته خارج البلاد، وتغطى جميع مصروفات سيارته، ويرافق الوزير عدد من أفراد الامن والحماية.

4 ملايين دولار تنفق سنويا على الوزراء السابقين

وعندما يغادر الوزير الحكومة يتقاضى 80% من مكافأته في حال قضى أكثر من أربع سنوات بالوزارة، وفي حال كان أقل من ذلك يصرف له 50%.

اعتمد البحث عن تفاصيل الامتيازات التي يحصل عليها الوزير على قانون مكافآت ورواتب أعضاء الحكومة رقم 11 لسنة 2004، الذي اقر في عهد الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.

وتنص المادة السابعة من القانون ان الوزير يتقاضى راتبا شهريا مقطوعا قدره ثلاثة آلاف دولار، ويدفع له عن الفترة الممتدة ما بين اليوم التالي لنيل الحكومة ثقة المجلس التشريعي، وحتى يوم مغادرته موقعه.

بينما تنص المادة الثامنة من نفس القانون على ان الوزير او ورثته من بعده، يستحقون مبلغا يساوي 20% من الراتب الشهري عن كل سنة قضاها في الحكومة، بحد اقصى لا يزيد عن 80% من المبلغ الإجمالي المحدد للراتب الشهري.

تحقيق ابو قمر 9871

معد التحقيق لاحظ وجود تعارض في القانون حيث ان المادة 11 منه تنفي جزءا من المادة رقم 8، وتنص على انه يجب ألا يقل الراتب التقاعدي لكل من رئيس المجلس التشريعي او عضو المجلس او رئيس الوزراء او الوزير او المحافظ عن 50% من الراتب الشهري أيا كانت المدة التي قضاها في ذلك المنصب.

ذلك يعني أنه في حال شغل الوزير منصبه مدة شهر واحد فقط، فسيتقاضى راتبا تقاعديا يقدر بــــ 1500$.

اتجه منحى التحقيق الى البحث عن مجمل المصاريف التي انفقت من خزينة السلطة على الوزراء استنادا الى هذا القانون، حيث جمع كاتب التحقيق المعلومات المتاحة عن الحكومات التي تم تشكيلها منذ وصول السلطة الى الأراضي الفلسطينية عام 1994 وحتى التعديل الوزاري الحكومي قبل الأخير على حكومة التوافق برئاسة رامي الحمد الله في يوليو الماضي.

وبحسب المراسيم الرئاسية المعلنة، فقد تم تشكيل سبع عشرة حكومة خلال أكثر من عشرين عاما، مع العلم أنه تم استثناء وزراء الحكومات التي شكلت في غزة عقب الانقسام وحتى التوافق، على اعتبار انها لم تدخل بعد في موازنة السلطة.

40.9% من النواب ترأسوا وزارات وفي عهدهم أقر قانون الرواتب

وتعاقب على الحكومات ستة رؤساء وزراء وهم ياسر عرفات، ومحمود عباس، واحمد قريع، وإسماعيل هنية، وسلام فياض، ورامي الحمد الله.

وضمت تلك الحكومات 168 وزيرا، من بينهم من شغل منصب وزير أكثر من مرة، وتم استثناء أحمد قريع وسلام فياض، لأنهما توليا رئاسة الحكومة فيما بعد، ليصبح اجمالي عدد الوزراء 166 وزيرا، تناوبوا على 406 حقائب وزارية، مع العلم ان رؤساء الوزراء كانوا يترأسون أيضا بعض الوزارات التي لم تدخل في مجمل عدد الحقائب.

يشار الى أن عددا من رؤساء السلطات والهيئات المحلية والمحافظين ممن يحملون لقب وزير، لم يتم احتسابهم ضمن تشكيلة الحكومات.

حجم الانفاق

البحث في تفاصيل مصروفات الوزراء يدخلك في دائرة محظورة من الأوراق الرسمية التي يمنع الكشف عنها من قبل الجهات الرسمية لاسيما وزارة المالية، لذلك تم احتساب متوسط حجم المبالغ المالية الشهرية التي تنفقها الدولة على الوزير الواحد بمعادلة حسابية، من خلال جمع الأرقام المتاحة التي حصلت عليها "الرسالة" من مصدر خاص في وزارة المالية.

وتتكون من المكافأة الشهرية المقدرة بثلاثة الاف دولار، الى جانب ما يقرب ألف دولار فاتورتي هاتف وجوال، إضافة الى مهمات سفر لا تقل عن الفي دولار شهريا، وألف دولار أخرى مصروفات السيارة الخاصة به، تشمل الوقود والصيانة والتأمين والترخيص، علاوة على احتساب رواتب ستة مرافقين بمجموع ثلاثة آلاف دولار -متوسط 500 دولار للمرافق- و1500 دولار بدل تحسين سكن (في حال قسمنا مبلغ 15.000$ على سنة واحدة)، الى جانب ألفي دولار مصروفات مكتب الوزير شهريا.

بناء على ما سبق فإن الحد الادنى للتكاليف الشهرية للوزير يقدر 13.500$ -خاصة ان تكلفة السفر مرتفعة-، حيث تضم الحكومة الحالية ثلاثة وعشرين وزيرا الى جانب رئيس الوزراء مما يعني ان الميزانية الشهرية لهم تزيد عن ثلاثمائة ألف دولار، أي قرابة أربعة ملايين دولار سنويا.

غياب التشريعي وسّع صلاحيات أنظمة مجلس الوزراء

وبعد أن يغادر الوزراء مناصبهم يحصل كل واحد منهم على مكافأة تقدر ما بين 1500 الى 2400، دولار شهريا بما نسبته 50% أو 80% من الراتب وفق القانون.

وفي حال اتخذنا 65% متوسط النسب السابقة التي يحصل عليها كل وزير بمعدل 1950 دولار، وعممت على 166 ممن شغلوا ذلك المنصب الوزاري فان معدل ما يحصلون عليه يبلغ ما يزيد عن ثلاثمائة وعشرين ألف دولار شهريا، ما يعني زيادة أربعة ملايين دولار سنويا على مصروفات وزارة المالية.

مقارنة ما يتقاضاه الوزير الفلسطيني بغيره يصل الى مفارقة غريبة حيث أن رئيس الوزراء الهندي يتقاضى 1.6 مليون روبية شهرياً بواقع 2500 دولار، أما الراتب السنوي للرئيس الصيني -ثاني أكبر اقتصاد بالعالم-لا يتجاوز الـ 22 ألف دولار، وذلك بعد تلقيه 60 % زيادة بالراتب مطلع العام المنصرم.

استمرار البحث

حاول معد التحقيق الوصول الى أي امتيازات إضافية يحصل عليها الوزراء بعد مغادرتهم وزاراتهم، وتواصل بعد أيام من البحث عن وسيلة اتصال مع السيدة عبلة النشاشيبي، ابنة وزير المالية الأسبق محمد زهدي النشاشيبي، الذي كان على رأس وزارته بين عامي 1994 وحتى 2002، وكانت تشغل منصب مدير عام بوزارة المالية وتقيم حاليا في المملكة الاردنية.

النشاشيبي قالت ان ما يتم صرفه من وزارة المالية مستند الى النظام المالي، لكنها أكدت ان الأنظمة التي تحكم حقوق الوزير ممكن أن تكون تغيرت، (وبحكم انني غادرت الوزارة منذ اثني عشر عاما، ولا أتذكر أيا من الوثائق او المواقف التي تثبت تجاوز أي وزير لما يقره له القانون ماليا) وفق قولها.

تحقيق ابو قمر 2

وقد اصطدم الباحث برفض بعض المسئولين والوزراء السابقين الحديث بالأمر لاعتبارات عديدة، اما لانهم جزء من دائرة المصروفات، او ربما لحساسية الأمر.

تلك المحاولات أوصلت معد التحقيق الى النائب في المجلس التشريعي د. عمر عبد الرازق وزير المالية في عهد الحكومة العاشرة، الذي اعتذر عن تقديم أي معلومات "لأنه لم يعد يتذكرها"، لكنه قال إن النثريات مفتوحة للوزراء، خاصة وزيري الخارجية والتخطيط اللذين لديهما مهمات سفر كثيرة وكذلك استقبال ضيوف.

وفي اتصال هاتفي مع الدكتور إسماعيل محفوظ وكيل وزارة المالية السابق في غزة قال انه ليس لديه أي معلومات بخصوص امتيازات الوزراء.

محاولات معد التحقيق لم تنجح في التوصل الى أي مصدر من وزارة المالية برام الله بعدما لم يستجب أي من القائمين عليها لاتصالاته، لكن منذر السقا مدير عام الرواتب في وزارة المالية بغزة الذي يعمل في الوزارة منذ خمسة عشر عاما، قال في مقابلة خاصة بمكتبه أن القانون يغطي معظم مصاريف الوزراء، لكن هناك مثلا من يستبدلون اثاث مكاتبهم بمبالغ زهيدة وآخرون يبحثون عن أسعار مرتفعة جدا، وكذلك فيما يتعلق بشراء سياراتهم، والضيافة وغيرها.

وأشار الى ان عددا من المسئولين كانوا يتوجهون بكتب الى مكتب الرئيس للحصول على مساعدات لأسرهم أو السفر، "وهو ما كشفته بعض الوثائق والتقارير الأخيرة"، وذلك في محاولة منهم للحصول على امتيازات إضافية خارج الأنظمة المعمول بها في وزارة المالية.

انتقل التحقيق للحديث مع المهندس عماد الفالوجي الذي شغل منصب وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لسبعة أعوام، وكان عضوا سابقا في المجلس التشريعي، الذي قال "لم يكن للوزير نثرية محددة، وانما تأتي مصروفات مكتب الوزير وتحركاته ضمن موازنة الوزارة، ولا يوجد قانون مكتوب يحكم مصروفات الوزير، لكن حجمها يعود لشخص الوزير وقراراته".

دمج السلطتين التشريعية والتنفيذية في قانون واحد مخالف لمبدأ الفصل بين السلطات

وأقر الفالوجي بأن بعض الوزراء سابقا لم يلتزموا بتقنين مصروفاتهم، ولم يتطرق المجلس التشريعي السابق لأي من هذه المصروفات، لأن مهمته تكمن في اقرار موازنة السلطة العامة.

وأكد أن الوزير إذا غادر وزارته لا تبقى لديه أي من الامتيازات سواء سيارة او مرافقين، والاصل أن يسلمها فور انتهاء مهامه، لكن اغلب الوزراء السابقين كانوا أعضاء في المجلس التشريعي، ومن أنهى عمله الوزاري احتفظ بسيارته بحكم عمله نائبا.

وأضاف وزير الاتصالات السابق "تجاوزات بعض الوزراء كانت تتمثل في زيادة مصروفات مكاتبهم، وموازنة كل وزارة كانت تدور عليها نقاشات كبيرة مع وزارة المالية قبل عرضها على المجلس التشريعي".

وشدد على أنه في سنوات كثيرة كان يرفض التشريعي الموازنات، وقليلا ما كانت تمر بسهولة، "وأن المجلس السابق كان قاسيا على الوزراء"، لذا اضطرت ثلاث حكومات سابقة اثتنان منها برئاسة عرفات وأخرى برئاسة أبو مازن الى الاستقالة هربا من مساءلة المجلس.

ونوه الفالوجي الى أن النائب في المجلس السابق خُير بين تسليم سيارته بعد انتهاء مهامه او شرائها بمبلغ مخفض بإعفاء جمركي.

ولفت الى أن رئيس السلطة له موازنة خاصة ضمن الموازنة العامة، وبإمكان أي شخص أن يتقدم بطلب مساعدة للرئيس سواء مواطنا عاديا او مسئولا، وبدوره يلتزم الرئيس بقيمة الموازنة المقررة له، وفي حال تجاوزها يكون له مصادر خاصة به ليست ضمن الموازنة العامة.

تقنين النفقات

استكمال خيوط التحقيق، جاء في لقاء عبر الهاتف مع المهندس زياد الظاظا نائب رئيس الوزراء السابق في غزة ووزير المالية، الذي قال ان وزراء الحكومة العاشرة وما بعدها ليس لديهم نثريات مكتب، ويصرف وقود سياراتهم كبقية سيارات الوزارات.

رواتب الوزراء

وأكد أن وزارة المالية في غزة كانت تخصم الضرائب من الوزراء عندما كانوا على رأس عملهم، بالإضافة الى 5% تذهب من راتبه لمساعدة العمال العاطلين.

وأضاف " أول يوم ينهي به الوزير عمله يسلم السيارة، وتتوقف فاتورة هاتفه المحمول، ولا يوجد شيء يبقى معه سواء حراسات، او مرافقين".

بعد ذلك يتقاضى الوزير راتبه التقاعدي وفق النظام، الا أنهم الان يتقاضون ما قيمته 40% من مكافأتهم المستحقة كبقية الموظفين في غزة، وفق الظاظا.

تلك المعلومات دفعتنا للتدقيق في بعض الافادات التي حصل عليها معد التحقيق بأن بعض الوزراء السابقين في غزة لا يزالون يستقلون سيارات حكومية تحمل رقم (50) ، ويحتفظون ببعض المرافقين.

وصل البحث الى قرار مجلس الوزراء رقم 8/204/11 للعام 2011 حينما كان إسماعيل هنية رئيسا للوزراء في غزة بشأن المركبات الحكومية الموجودة بحوزة الوزراء المنتهية ولايتهم، تقضي المادة الأولى منه بتخيير الوزير بين شراء المركبة الحكومية او تسليمها وفقا للأنظمة المعمول بها.

فيما نصت المادة رقم 1 من القرار رقم 7/340/11 لسنة 2014-اتخذه زياد الظاظا بصفته مفوضا ببعض صلاحيات رئيس الوزراء في غزة على تخصيص ما لا يزيد عن عنصري أمن لحراسة الوزير السابق، وستة لحراسة نائب رئيس الوزراء السابق، فيما كلف وزارة الداخلية بتقدير عدد العناصر اللازم للحراسة الشخصية لرئيس الوزراء ووزير الداخلية السابقين.

وأقرت المادة رقم 2 على أن العمل بالمادة السابقة يستمر لمدة عام من تاريخ انتهاء خدمة الوزير السابق ويعاد تقييم الحالة الأمنية سنويا لتحديد عدد عناصر الامن اللازمة.

انتقل مسار البحث الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، حيث أكد المستشار أسامة سعد نائب الأمين العام لمجلس الوزراء في غزة ان متابعة التزام الوزارات بالموازنات العامة وبنودها من مهام الرقابة المالية والإدارية، التي بدورها تصدر تقارير للمجلس التشريعي ولرئيس الدولة.

وأضاف سعد خلال لقاء في مكتبه "في حال أنهى الوزير مدته الوزارية ومن ثم عاد بعد مدة من الزمن تعود مكافأته كاملة، وتضاف سنوات الخدمة الجديدة الى القديمة، وترفع نسبة المكافأة التقاعدية بعد ذلك.

واستكمالا لمراحل التحقيق أخبر جمال نصار رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس التشريعي "الرسالة" بأن المكافآت الخاصة بوزراء غزة السابقين يحكمها قانون، ولا توجد تجاوزات بهذا الامر.

وأكد أن الوزراء في غزة تخلوا عن بعض الحقوق، لكنها مثبتة بالقانون وفي حال حصلوا عليها فهذا حق لهم، وكذلك النواب.

وقال "النظام المعمول به في المجلس التشريعي ينص على صرف 12.000 شيقل شهريا لكل نائب كمصروفات مكتب، لكن هذا البند لم يستفد منه أعضاء التشريعي في غزة".

كذلك يحق لكل نائب تقاضي 100$ مقابل كل جلسة، و100 شيقل مقابل كل اجتماع لجنة داخلية، وهذا غير معمول به، وفق نصار.

رصد وتحري

بالعودة الى قانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي والحكومة وفي اطار البحث والتحري عن البيئة التي تم إقرار القانون فيها عام 2004 تبين أنه اتخذ في عهد الحكومة الثامنة برئاسة احمد قريع وضمت الى جانبه 25 وزيرا.

وحينها كان يضم المجلس التشريعي 88 نائبا، منهم 16 وزيرا وهم: احمد قريع، نبيل شعث، ناهض الريس، حكم بلعاوي، ماهر المصري، جواد الطيبي، جمال الشوبكي، جميل الطريفي، إبراهيم أبو النجا، متري أبو عيطة، انتصار الوزير، حكمت زيد، عبد الرحمن حمد، عزام الأحمد، هشام عبد الرازق، صائب عريقات.

ورصد التحقيق أن 36 من أعضاء المجلس التشريعي الأول، حملوا حقائب وزارية خلال الحكومات التسعة الأولى التي جاءت في عهده، أي ان 40.9% من أعضاء المجلس شغلوا منصبا وزاريا، وبالتالي تداخلت الصلاحيات ما بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

اما الحكومتان العاشرة والحادية عشرة خلال ولاية المجلس التشريعي الثاني ضمتا 16 وزيرا كانوا نوابا، وبعدها وقع الانقسام عام 2007 وتعطل المجلس.

الوزراء خارج تقنين مصروفات السلطة بسبب عدم تعديل القانون

وفي هذا الصدد أكد الدكتور عزمي الشعيبي النائب السابق في المجلس التشريعي ومستشار مجلس إدارة ائتلاف النزاهة والشفافية "أمان" أن موازنات الوزارات خلال العشر سنوات الماضية غير خاضعة للرقابة، مشددا على ضرورة متابعة النفقات الخاصة بالمالية.

وجزم بوجود تجاوزات في ظل غياب المجلس التشريعي، لكنه قال انه في الفترة الأخيرة تقلصت مصروفات الوزارات نظرا للضائقة المالية التي تمر بها السلطة، مستدركا " لكن الوزير يصرف احتياجاته ولا يتأثر شخصيا بالضائقة المالية".

وتغيب التقارير المنشورة سواء عن وزارة المالية او ديوان الرقابة بخصوص تفاصيل المصروفات، وهو ما أكده تقرير للباحث جبريل محمد، حول مدى التزام وزارة المالية بحق الجمهور في الحصول على المعلومات العامة، نشر في تشرين الثاني عام 2006 حيث خلص الى أن وزارة المالية لا تلتزم بحق المواطن في الحصول على المعلومات المالية ومنها ما يتعلق بالخزينة والموازنة ضمن آليات ضمان الشفافية في عملها.

لكن البيانات الشهرية الصادرة عن وزارة المالية في حكومة التوافق كشفت عن أن إجمالي العجز الجاري في الميزانية الفلسطينية، بلغ نحو 420 مليون دولار أمريكي، خلال الأشهر التسعة الأولى من العام السابق.

ذلك العجز يعيد السؤال حول إذا ما كان حجم الانفاق الدوري على الوزراء السابقين، يحتاج الى إعادة النظر من المجلس التشريعي "المعطل"، الذي يؤكد البعض أن غياب دوره الرقابي أسس للفساد.

وكان الكاتب حسام الدجني قال في مقال نقدي لقانون مكافآت النواب والوزراء أن التعارض بين نصوص القانون استغفال سياسي للشعب وعوار قانوني، وقد يكون المشرّع عمل بقصد أو بدون قصد على تفصيل القانون على مقاسه، ولكي يمرّر تلك النصوص قام بدمج السلطتين التشريعية والتنفيذية بقانون واحد في مخالفة لمبدأ الفصل بين السلطات".

وتابع " ربما من حسن حظ المال العام الفلسطيني هو بقاء المجلس التشريعي الأول (88 نائباً) مدة 10 سنوات، والمجلس التشريعي الثاني (132 نائباً) لا يزال على رأس عمله منذ يناير/2006م، وإلا كان لدينا جيش من النواب السابقين".

وطالب السلطة التشريعية بإعادة النظر في نصوص القانون، لأن الحالة الفلسطينية لا تحتمل هكذا نفقات، والأهم هو إضافة مواد تلزم الوزير أو النائب السابق بحق الاختيار بين الراتب التقاعدي، أو العودة الى عمله السابق قبل توليه المنصب الوزاري.

ونبه الدجني الى ما وصفها بالظاهرة الغريبة تتمثل في تقاضي الوزراء السابقين رواتب تقاعدية، وعادوا لأعمالهم السابقة كأساتذة جامعات أو رجال أعمال، والقانون يسمح بذلك، ولكن خصوصية حالتنا الفلسطينية يجب ألا تسمح؛ فعشرات الآلاف من الخريجين الحاصلين على مؤهلات علمية ينتظرون في طابور البطالة.

رغم أن المبالغ المالية التي تم التوصل اليها تعد كبيرة بنظر المواطن الفلسطيني، الا أن جميع المؤشرات تقول انها تبقى زهيدة وبحدها الأدنى إذا ما قورنت بواقع المصروفات الفعلي المخفي عن أعين الاعلام.

واستنتاجا من كل ما سبق فان قانون مكافآت النواب والوزراء الذي اقر في العام 2004 اتخذ في بيئة دمجت بين سلطتي التشريع والتنفيذ، فيما شكل غياب الرقابة منذ أن وقع الانقسام بين شطري الوطن عام 2007 عبئا ماليا على كاهل خزينة السلطة نظرا لعدم إعادة النظر في القوانين السابقة بما يتناسب مع الحالة الاستثنائية التي يمر بها الشعب الفلسطيني.

اخبار ذات صلة