قائد الطوفان قائد الطوفان

بصعوبة لا تخلو من مخاطر يومية

مجمع الوزارات: خلية نحل تبحث عن رزقها وسط أكوام الحجارة

غزة _ رائد أبو جراد

بدا الأربعيني سامي الكفارنة منهمكاً وغطى العرق وجهه الأسمر نتيجة حرارة الشمس المرتفعة أثناء توجيهه العمال لبذل مزيد من النشاط والهمة.

وتحول مجمع الوزارات المدمر جنوب مدينة غزة لخلية نحل انشغل العمال فيه باذلين جهدا شاقا يبدأ مع اشراقة صباح كل يوم وينتهي بالغروب لاستخراج ثمانين طناً من الحجارة والقطع الاسمنتية لتستخدم في عمليات مشاريع اعادة تعبيد الطرق في قطاع غزة المحاصر للعام الرابع على التوالي.

** صعوبة وخطورة

وينهمك العمال في عملهم الشاق والخطير، وفي جو يشغله غبار كثيف وأصوات الآليات والجرافات المزعجة العاملة في نقل القطع الاسمنتية الضخمة من المباني التي أتى عليها الهدم والدمار، ولا يخلو الأمر من أجسام مشبوهة متمثلة في الصواريخ والقنابل غير المنفجرة والتي قد يصادفها العمال أثناء انشغالهم في ازالة الحجارة.

ويشير الكفارنة إلى أن العمال يعانون من انتشار الغبار الكثيف الناتج عن الركام الضخم الذي تقله الآليات والجرافات من مباني المجمع المهدم الي مساحة واسعة ليقوم العمال باستخراج القطع الاسمنتية والحجارة بصعوبة من بين أكوام الركام الرمادية الكثيفة في أرجاء المكان المعبق بالغبار والأتربة.

ويصف طبيعة عملهم الشاق:" العمال يضطرون للعمل لدينا بسبب البطالة والحصار رغم أجواء العمل المتعبة وتلوث المكان، البحث عن لقمة العيش صعبة ومن أجل ذلك يمكن للعامل أن يلقي بنفسه للتهلكة جراء خطورة العمل والأمراض التي قد يتعرض لها ليحصل في نهاية عمله الشاق على بضعة شواقل".

ويؤكد قيامهم بإسعاف عدة حالات تعرضت للإصابة نتيجة الحجارة المتناثرة والمتراكمة وقضبان الحديد المنتشرة على الأرض، اضافة لحالات الاغماء التي تحدث يوميا لبعض العمال جراء الغبار والأتربة وارتفاع درجات الحرارة.

ويؤكد المهندس عدي الحليمي المشرف على مشروع إزالة الركام أن وزارة الأشغال العاملة في المشروع بإشراف وتنفيذ من برنامج الامم المتحدة الإنمائي الـUNDP لمدة عمل تستغرق 6 شهور، مبيناً أن مجمع الوزارات غير صالح للاستخدام ويحتاج للإزالة الفورية.

** إعادة الاستخدام

وقال م.الحليمي لـ"الرسالة" :"نزيل هذه الحجارة للاستفادة منها في مشاريع تعبيد وإصلاح الطرق وأعمال البناء بقطاع غزة بسبب قلة الامكانيات جراء الحصار، وأن العمال باستخدام ما لديهم من أدوات ومطارق وعبر الآليات الضخمة يقومون بتكسير الحجارة الضخمة وتقسيمها حسب مقاسات لتستخدم في عمليات التعبيد".

وأشار وهو يوجه العمال البالغ عدهم ما بين 20-30 عاملاً إلى أن المقاول المشرف على العمل يجلبهم، ليتم فصل الحجارة عن المخلفات وأكوام الحديد مضيفا أنهم ينجزون يوميا 80 طنا، لتصل في نهاية المشروع لـ9آلاف طن من الحجارة.

وأضاف الحليمي وأصوات الآليات الضخمة تكاد تخفي صوته:"لا نواجه أي عقبات والعمال يزيلون المخلفات عبر نقل الحجارة 9ساعات يومياً في عمل مضن وشاق".

ويؤكد المهندس القائم على العمل أنهم قاموا قبل البدء بتنفيذ هذا المشروع بإزالة ركام مباني المنتدى ومقر الأمن الوقائي سابقاً ومقر المشتل ووزارة العدل ومنازل المواطنين المدمرة في الشمال.

ولفت الحليمي إلى أن اكثر المشاكل التي تواجههم تتمثل في قطع غيار الآليات التي تعمل على تكسير القطع الاسمنتية الضخمة وإزالتها، وذكر أن إحدى الآليات توقفت عن العمل بسبب حدوث عطل في المسمار الذي يعمل على تكسير الحجارة"، موضحاً أنهم قاموا بتوزيع عدد من الكمامات على العمال لتفادي رائحة الغبار الكثيف الذي يملأ أرجاء المكان.

وبعد عدة ساعات من العمل الشاق جلس عدد من العمال تحت ظل شجرة قريبة من الجامعة الاسلامية المجاورة لضجيج أعمال ازالة الركام ليأخذوا قسطاً بسيطاً من الراحة ويرتشفوا خلالها كوباً من الشاي الساخن عله يعيد اليهم نشاطهم وحيويتهم بعد ساعات عمل شاقة.

وعاد المهندس الحليمي ليبين أن الكتل الاسمنتية المستخرجة يتم تقسيمها حسب الحجم المراد استعماله من (صفر-10سم) في عمليات تعبيد الطرق وإصلاح الشوارع وإعادة ترميم ما هدم من المباني.

** تعاون مع هندسة المتفجرات

وتابع الحيمي:"تقوم الكسارات بالعمل على رفع هذا الركام حسب عدد الآليات المتوفرة منها في قطاع غزة، مقدرا ما تم إزالته 80% من الركام، والجهة المشرفة على العمل تتعاون مع وزارة الاشغال والإسكان بالحكومة ومع وحدة هندسة المتفجرات التابعة للشرطة للمساعدة في انجاح العمل وانجازه على أكمل وجه".

ونوه إلى أن جميع العمال تلقوا دورات تدريبية في كيفية ازالة الاجسام المشبوهة من مكان عملهم والقدرة على التواصل مباشرةً مع الجهات المختصة في هندسة المتفجرات والجهات الدولية المشرفة على مشاريع ازالة الدمار والمتفجرات من غزة.

وبين أن عدة أطنان من الحجارة المستخرجة استخدمت في صرف وتعبيد عدة شوارع في قطاع غزة كشارع النصر، وطريق "نيتساريم" وطريق هونداي وشارع المسلخ شرق غزة.

وتحاول الحكومة في قطاع غزة ممثلة بوزارتي الأشغال العامة والاقتصاد، مساعدة المواطنين في تكرير الركام لترميم منازلهم وإيواء المشردين إثر الحرب الأخيرة على غزة.

وتحول الأزمة السياسية في الأراضي الفلسطينية دون إعادة إعمار ما دمره الاحتلال في غزة، الأمر الذي دفع الكثير من المواطنين للاجتهاد في ترميم بيوتهم وإصلاحها في هذا الفصل الشتوي، لتقيهم من البرد القارص، وعمد احدهم إلى جمع ركام البيوت المدمرة والعمل على استخراج الحديد وتفتيت الأسمنت المسلح، وإعادة تدويرها، لاستخدامها في البناء مجدداً.

 

 

البث المباشر