تعتمد دولة الاحتلال سياسة الخنق والتشديد بحق سكان شرقي القدس في محاولة لوأد الانتفاضة وانهاء كل مظاهرها، وذلك من خلال نشر أعداد كبيرة من الجنود، وزيادة انتشار مخافر الشرطة، وتطبيق سياسة الإعدام بدم بارد.
ورغم أن عدد العمليات التي انطلقت من المدينة تراجعت خلال الفترة الأخيرة نتيجة السياسات السابقة إلا أن مراقبين أكدوا أن الضغط يولد الانفجار والسكان الذين نجحوا في أن تكون مدينتهم سببا في تفجر الانتفاضة سيلجؤون لأساليب مبتكرة للتغلب على الواقع الجديد الذي فرضته عليهم قوات الاحتلال.
أساليب متعددة للتضيق
وفي السياق أكد شهود عيان من المدينة "للرسالة نت" أن الاحتلال يلجأ إلى الإعدام الميداني المتعمّد بحق أي سيدة أو شاب لمجرد الاشتباه، كما يتبع سياسة التفتيش الجسدي للشبّان، وهي إجراءات جعلت عددا من السكان يخافون الوصول للمدينة.
وبحسب أحد حراس المسجد الأقصى والذي فضل عدم ذكر اسمه فإن الاحتلال عمد إلى فصل الأحياء الفلسطينية عن بعضها بالمكعبات الإسمنتية والحواجز التفتيشية، كما منع المواطنين الفلسطينيين من التنقّل بحريّة، والخروج من تلك الأحياء باتّجاه وسط المدينة والتوجه لأسواقها، خاصة الطور، وسلوان، ورأس العامود، والعيساوية.
لكن الإجراءات السابقة لم تمنع السكان الفلسطينيين من مقاومة الاحتلال لذا سجلت المدينة المرتبة الثانية من حيث عدد الشهداء خلال الانتفاضة الحالية حيث ارتقى أكثر من 44 شهيدا مقدسيا وهو ما نسبته 22% من عدد الشهداء، كما كانت المدينة مسرحا لعدد من العمليات المزدوجة والتي باتت ظاهرة بعد أن بلغ عددها قرابة 13 عملية.
بدوره قال مدير الأملاك الوقفية في دائرة أوقاف القدس الدكتور ناجح بكيرات إن هناك تسارعا من الاحتلال في فرض قبضته الأمنية على المدينة، مشيرا إلى أنه نشر 5 آلاف جندي داخل شرقي القدس، كما نشر قرابة 40 مخفر شرطة.
وبين أن الشاب المقدسي عندما يريد الوصول لباب العامود أو البلدة القديمة يفتش ويشبح فيما يلتف حوله أكثر من خمسة جنود، مشيرا إلى أن الاحتلال حوّل المدينة وحاراتها إلى ثكنة عسكرية خطيرة.
وبحسب بكيرات فإن هناك نشاط استيطاني خطير جدا منذ بداية العام تشهده المدينة، بالإضافة لاستحداث جمعيات لدعم الاقتحامات والاستيطان، لافتا إلى وجود توزيع للأدوار لخلق قوة يهودية طاردة للفلسطينيين ومنازلهم ومقدساتهم.
أساليب مقاومة جديدة
بدوره أعاد محلل الشؤون الإسرائيلية محمود مرداوي السبب في تراجع العمليات العسكرية إلى الانتشار الأمني المكثف في المدينة والإجراءات غير المسبوقة، موضحا أن هناك حالة من التغلب على تلك الإجراءات من خلال تنفيذ العمليات من قبل شبان من خارج القدس.
وكان الاحتلال قد قرر مؤخرا في اجتماع مجلس الوزراء الاسرائيلي المصغر "كابينت"، بمشاركة ممثلين عن الجيش الاسرائيلي وجهاز المخابرات "شاباك"، بناء سياج أمني في منطقة "ترقوميا" قرب الخليل، بالإضافة إلى سد ثغرات في السياج الأمني المحيط بمدينة القدس المحتلة، كما قرر تسريع اجراءات سن قانون يقضي بمعاقبة من يقوم بنقل او توفير المبيت لفلسطينيين يقيمون في البلاد بصورة غير مشروعة.
ولمواجهة العمليات نصحت المخابرات الإسرائيلية حكومة كيانها بمنح الأجهزة الأمنية الفلسطينية بعض الصلاحيات في الأحياء العربية بمدينة القدس، كونها أقدر على ضبط الشارع، والسيطرة على المواطنين الفلسطينيين، والعمل الجاد بالتنسيق مع المخابرات الإسرائيلية للتقليل من العمليات الأمنية التي تشهدها مدينة القدس وأحياؤها.
وحول أساليب سكان المدينة في مواجهة سياسة الخنق قال بكيرات إن الاحتلال لم يترك أي وسيلة إلا اتبعها من اجل انتهاء الانتفاضة، موضحا أن الأعوام الماضية اثبتت أنه كلما زادت الإجراءات ظلماً كلما تبعتها زيادة في حالة الغليان والثورة من المقدسيين.
وأكد أن القدس ستبقى على مر التاريخ عاصمة تقاوم الاحتلال، مبنيا أن الانتفاضة لن تجف بل ستأخذ أشكالا وأساليب.