تريد حركة حماس من المصالحة نقل تجربة المقاومة الفلسطينية للضفة الغربية وتوحيد الجهود، وتعزيز انتفاضة القدس وصمود شعبنا في مواجهة تهويد مدينتي القدس وخليل الرحمن، ووقف عمليات ابتلاع الأراضي وقضمها والسيطرة عليها، وفي المقابل يريد الرئيس محمود عباس نقل ثقافة التنسيق الأمني والاقتصادي لقطاع غزة وإلزامها بالاتفاقيات المُوقعة وأخذ مزيد من الشرعية لتوقيعاتٍ جديدة، كما أنه يسعى لإنهاء فصائل المقاومة وتفكيك قوتها المسلحة وإلغاء استراتيجية الكفاح المسلح، والعمل على تفكيك بنية كتائب القسام وسرايا القدس وغيرهما من فصائل المواجهة.
حماس من جهتها تسعى لترتيب البيت الفلسطيني، والمشاركة الفاعلة لقيادة منظمة التحرير وتطوير برنامجٍ وطنيٍ شامل يشارك فيه الجميع في دورٍ تكامليٍ إيجابي وواضح، يمثل الشعب والقضية وقواه الحية تمثيلاً حقيقياً، وعلى أساس ديمقراطي ووطني، كما أنها تريد العمل على رفع الحصار عن قطاع غزة وتقوية جبهة العمل السياسي في الضفة الغربية، أما الرئيس عباس فهو يهدف من هذه المصالحة لإخراج حماس من الملعب السياسي والسلطوي، بنفس الطريقة التي دخلت بها، لهذا فالمصالحة عنده مقتصرة على انتخابات السلطة. رؤية حماس للمصالحة تتمثل بأننا كشعب فلسطيني في سفينةٍ واحدة، وعلينا قيادتها وتحمل مسؤوليتها بشكل مشترك، وأن خرق السفينة وإغراقها لن يصيب فئةً دون أخرى فنحن في مرحلةٍ معقدة، إما أن ننجو أو نهلك جميعاً، للأسف هذه القناعة ما زالت غائبةً عن الرئيس محمود عباس وحركة فتح، ويظنون خاطئين أن ما حدث للإخوان في مصر يمكن تكراره لحماس في فلسطين، متجاهلين اختلاف البيئة ما بين دولةٍ عميقة وسلطة محتلة.
كما أن حماس تمتلك أوراق قوة شعبية وسياسية وامتدادا جماهيريا عربيا وإسلاميا، ولديها القدرة على بعثرة المنطقة لما تتمتع به من تنظيم متماسك وقيادة سياسية وطنية جريئة، وجناح عسكري متمرس وقوي، وأن هذه الحركة التي واجهت الاحتلال الإسرائيلي ونظام مبارك مجتمعين وصمدت أمام التحديات المختلفة، قادرة الآن على مواجهة العالم أجمع إن فكر أحد أي أحد بإزاحتها وتجاهلها وفرض سياساتٍ جديدةٍ على الشعب الفلسطيني.
الحل الوحيد لإنجاح المصالحة والمساعي الجديدة يتمثل بتخلي حركة فتح عن فكرة احتكار القرار والتمثيل الفلسطيني، ووقف محاولة الرئيس عباس استخدام المصالحة لإخراج حماس من المشهد السياسي، والتوجه الجاد لشراكةٍ حقيقيةٍ لقيادة المرحلة والنأي بالقضية عن تسونامي الدمار الذي يجتاح الإقليم، مع محاولة استثمار قوة حماس والجهاد الإسلامي السياسية والعسكرية وعلاقاتهما الإقليمية لصالح إعادة ترتيب وبناء النظام الفلسطيني.