قائمة الموقع

وئام أبو عون عاشت اليتم في حياة والدها الأسير!

2016-04-11T06:36:14+03:00
الأسير نزيه أبو عون
الرسالة نت _أمل حبيب

 

تشابكت يداهما حتى ملأت الفراغات بين أصابعهما، واشتدت باحتضانها له وهو يهمس في أذنها: "الله يرضى عليك يا بنتي تمِمُه كل شيء كما هو مخطط له".

ناولته أقراص الدواء التي سيحتاجها خلال غيابه القسري وأبت أن تغادر حضنه إلى أن كبلوا معصميه بالقيود ورحل. 

استطاعت وئام أبو عون أن تنظم أنفاسها حتى لا توجع والدها بدمعاتها، واستدارت مسرعة نحو القبلة حتى لامس جبينها الأرض، لتسأل الله أن يلهمها الصبر لغياب أبيها قبل يومين من حفل خطبتها.

لم ينجب والدها إلا أبناءً لله والوطن وهو العزاء الوحيد لوئام رغم حرمانها "بابا" لأنها ابنة الشيخ نزيه أبو عون الذي غيبته سجون الاحتلال لـ 17 عاما على فترات.

    الدعوة عامة

"كانت دعوة خاصة وأصبحت عامة وحتى لا يتحقق المراد، وتستمر الحياة رغماً عنهم.. ندعوكم لمشاركة صهرنا أحمد فريحات إشهار خطوبته على شقيقتي وئام يوم الجمعة في منتزه الفوارة، وهذا طلب الوالد " كتبها إسلام شقيق العروس على منصة مواقع التواصل الاجتماعي ليعلنها فرحة رغم الغصة التي تسكن قلوبهم.

"وكأني أحلم، بضع دقائق قلبت موازين كل شيء" تعيد بذاكرتها لمساء يوم الثلاثاء حين طوقت دبابات الاحتلال محيط منزلهم في بلدة جبع جنوب جنين، حتى خطف الحقد والدها قبل أن يتحقق حلمه بأن يراها وئام العروس.

"جاي على بالي يجي الجمعة عشان أشوفك عروس بالبدلة " تعيد وئام لـ"الرسالة" شوق الشيخ نزيه بأن يزفها إلى عريسها، وتكمل: "كل فرحة في حياتي تتبعها غصة اعتقال بابا".

حاصر وئام في صغرها واقع لم تجد فهمه حيث كانت "بابا" بمثابة نقطة ضعف تسمعها من أبناء عمومتها ولا يتمكن لسانها من تجربتها إلى أن أتمت الثلاث سنوات من عمرها.

بين ثنايا عام 1996 كانت الزيارة الأولى لوالدها في الأسر، وكانت المرة الأولى التي يتعرف فيها الشيخ نزيه على ملامح صغيرته التي وضعتها زوجته وهو سجين.

من خلف لوح زجاجي يفصل الصغيرة عن إنسان اسمه "بابا" تجهل مكانته في حياتها وحتى دوره. حاول الشيخ نزيه أن يلمس يد صغيرته التي رفضت الاقتراب واستمرت بالبكاء حتى انتهاء الزيارة لأنه غريب عنها.

لا الرحلة ابتدأت ولا الدرب انتهى في غياب الشيخ نزيه من تفاصيل حياة وئام والتي قالت: "ولدت وهو في الأسر ودخلت المدرسة ونجحت في الثانوية العامة وناقشت مشاريع التخرج وتخرجت وجميعها وهو بعيد عني".

تعيد وئام 23 عاما شريط ذكرياتها حين زارها الفرح بخروج والدها وإقامته معهم لمدة عام قبل أن يتم اعتقاله مرة أخرى في عام 1998، ففي صباح اليوم الأول لوالدها ابتسمت له مرارًا من بعيد تعبيرًا عن حبها له، في حين كانت تخجل من محادثته أو سؤاله، وعند خلوتها ما فتئت تردد كلمة "بابا" وتضحك فرحًا لأنه الحاضر بعد الغياب.

تبحر بعيدًا عن ميناء الوجع الذي يسكنها إلى أن رست بنا إلى أكاليل الورد التي اتخذت كل واحدة منها مكانا لاستقبال الزائرين ومن حضر وفاء وحبًا للشيخ المعتقل نزيه في حين رأت وجه أبيها وفرحته لها من خلال مشاركة أصحابه من المشايخ والنواب وقيادات المناطق ووقوفهم لجانبها يوم أن زفت لعريسها خلال حفل خطوبتها.

لم يأت "بابا" كما انتظرته وئام يوم تخرجها وهو من قال لها:" بإذن الله راح تلاقينا أول ما تطلعي من القاعة بستناك عند المكتبة" لم يشاركها الشيخ نزيه كذلك فرحة الامتياز بالتوجيهي، وهي التي طلبت من الأهل والأقارب:" ادعو لي أنجح وبابا هون".

وئام أعادت ترتيب اللحظات بما يليق بحالة الحرمان التي تعيش لاسيما وأنها عبرت عن حالة الحرمان التي عاشتها وحاجتها له إبان اختيار التخصص الجامعي.

استطاعت وئام بدعم والدتها وأشقائها أن تنزع الفرحة من بين أكوام القهر والمعاناة في تحد لمحاولة الاحتلال البائسة لتعكير أجواء الفرح، والتنغيص عليهم.

تصلنا عبارات وئام مع جرعات من الصبر والاستسلام لقضاء الله، حيث ختمت حديثها للرسالة: "طريق سارها الوالد ونحن نشد على يده، فلن يضيعنا الله، ونسأل الله الأجر والصبر والثبات".

اخبار ذات صلة
فِي حُبِّ الشَّهِيدْ
2018-04-21T06:25:08+03:00