آخر لحظات الرنتيسي وسر دموعه الأخيرة

آخر لحظات الرنتيسي وسر دموعه الأخيرة
آخر لحظات الرنتيسي وسر دموعه الأخيرة

الرسالة نت- (خاص)

رحل الرنتيسي بعد مشوار مقاومة مثّل فيها الرجل نموذجًا ملهمًا للشعب والقضية، وبات مثلًا يحتذى به في قوة الموقف وصلابة الرأي، بعد حياة شاقة ومتعبة قضاها متنقلًا بين السجون تارة والابعاد تارة أخرى حتى ختمها بالشهادة بعد قصفه من طائرات الاباتشي الإسرائيلية قبل أحد عشر عامًا.

ورغم غياب الرنتيسي، فإن كلماته لازالت  تعيش بين أبناء الشعب الفلسطيني، فلم تخل مسيرة أو احتفال من خطبه الرنانة وهو يقول "سننتصر يا شارون.. سننتصر يا بوش"، حتى الأطفال في مسابقات المواهب الفنية صاروا يقلدونه حين كان يقول "لا نفرق بين فلسطين وفلسطين، فيافا كغزة، ورفح كتل الربيع ، والخليل كالجليل".

في الذكرى الثانية عشر لرحيل القائد فتحت الرسالة صفحات من تاريخه مع زوجته وأبنه وأحد مرافقيه الذي عمل معه، لنقف على فصول جديدة من حياة الشهيد، التي سطر فيها عناوين بارزة من المقاومة والاجتهاد.

رحلة المطاردة

لا يزال أحمد نجل القائد يستذكر اللحظات الأخيرة لاستشهاد والده، ويصفها بالقول : "بعد 25يوما من استشهاد الشيخ أحمد ياسين وقبيل فجر السبت جاءت إشارة بقدومه للبيت، فانتظرته في شارع مظلم، كان وقتها متخفيّاً بعباءة سوداء وكوفية حمراء ويحني ظهره ليبدو عجوزاً".

وأضاف "دخل البيت يريد البقاء لساعة واحدة، ولكن تحت إصرار أهل البيت الذين كانوا جميعهم حاضرين، وافق على طلبنا ، وكان طوال هذه الفترة يطمئن على أحوال البيت ويلاعب الأطفال، وكانوا يرمونه بمساند الفراش ويردها عليهم".

وتابع:" عندما علم أني سأتقدم لامتحان لغة عربية غداً جلس معي ودرسّني وكانت نظراته توحي بأنها الأخيرة, ثم صلينا المغرب جماعة، و جهز نفسه للخروج فاستحم  وارتدى أجمل ثياب، حتى ان أختي قالت له ما هذا الجمال يا أبي؟ وكأنك عريس، فتبسم وأثناء خروجه كان يدندن منشدا: أن تدخلني ربي الجنة هذا أقصى ما أتمنى".

 واستطرد أحمد "خرجت معه وأوصلته شارع مظلم، ثم جاءت سيارة فنقلته ثم جاءت سيارة أخرى ليصل عدد السيارات كما علمت بعدها أنها 6 سيارات، وعند وصولي المنزل سمعت صوت الانفجار فعرف كل من في البيت أن الوالد أغتيل".

ولم ينس أحمد المناقب التي زرعت فيهم من والده منذ صغرهم، حينما حثهم على فعل الخير وزيارة الارحام، مشيرًا إلى أن والده وبرغم ضيق وقته الا انه كان مستغلًا لوقته في كل لحظة وثانية، وكان دائمًا ما يحرص على مداعبة ابناءه واطفاله حينما يتسنى له الوقت لذلك.

ويذكر أحمد ان مرافق والده الخاص أثناء مطاردته الأخيرة كان دائما يراه يغلق غرفته ويعيش خلوته يدعو الله ويبتهل إليه، وكلما دخل عليه وجد دموعه تنهال على خديه ،فسأله مرة ما هذه الدموع يا شيخ؟ أجابه (اشتقت إلى الأحبة)، وكان يقصد بذلك الشهداء".

الزوج القائد

أما زوجة الشهيد أم محمد فعبرت لـ" الرسالة" عن شجونها تجاه زوجها الذي رحل عنها بعد اقل من ساعة رأته بها، وتذكر مناقبه بالقول " الشهيد كان يؤدي حقوق كل من حوله، ومكارم الأخلاق وكان يشاور أهل بيته وأولاده في كل ما يتعلق في البيت سواء كان صغيرا أم كبيرا".

وموقف تستذكره زوجته أم محمد قائلة:" الدكتور سريع البديهة ويدخل السرور على البيت دائماً فمرة ضربت ابنتي لخطأ ما فحزنت فما كان من الدكتور إلا أن يقلب الظروف لصالح ابنته ويجعلها تبتسم فقال شعراً:"لا تعجبوا يا أخوتي من قصتي فانا التي كانت بالشوبك الملفوف علقتي".

مرافق الرنتيسي

أما مرافق الشهيد أسامة راضي الذي عمل أول مرافق معه منذ عام 1986م وحتى 1988، يقول إنه وجد فيه ما لم يره من رجل آخر، من صدق وهمة وإصرار على العمل دون كلل او ملل.

ويضيف راضي:" يومي مع الدكتور مليء بالمتاعب كان يبدأ الساعة7 صباحاً عندما أخرج معه إلى الجامعة الإسلامية بسيارته الصغيرة ويجعلني أقرأ له من كتاب الاسعافات الاولية وهو يستمع أثناء قيادته السيارة، وبعد دوامه  نعود لخان يونس ثم يفتح عيادته ".

وأشار إلى ان الحالات غير المقتدرة التي كانت تأتيه الى عيادته يعالجها بشكل مجاني".

ومن المواقف الطريفة التي سردها راضي" كان الدكتور محمود الزهار ينوي شراء سيارة، وشاور الرنتيسي مراراً، وصباح ذات يوم دخل الجامعة فوجد الزهار بجانب سيارة أوبل حمراء فما كان من الرنتيسي إلا أن تعالت ضحكاته وهو يقول حمراء اللون يا أبو خالد لم تجد إلا هذا اللون وظل الرنتيسي طوال اليوم يستذكر القصة ويبتسم".

البث المباشر