قائد الطوفان قائد الطوفان

آخر لحظات الرنتيسي وسر دموعه الأخيرة

الرسالة نت  – صلاح أبو شمالة

حقيبة سوداء، تحوي المقتنيات الخاصة بالرنتيسي .. مسجل صغير, سماعته الطبية، أوراقه واسطواناته، كل واحدة منها تحدث نجله أحمد بقصة وذكرى، يستشعر فيها مشوار القائد الأب الذي أثمر، وثمرته مازالت تدعو إلى الله.

وعلى الرغم من غياب الرنتيسي، فإن كلماته تعيش بين أبناء الشعب الفلسطيني، حيث لم تخل مسيرة أو احتفال من خطبه الرنانة وهو يقول ’’سننتصر يا شارون.. “سننتصر يا بوش”، حتى إن الأطفال في مسابقات المواهب الفنية صاروا يقلدونه حين كان يقول “لا نفرق بين فلسطين وفلسطين، فيافا كغزة، ورفح كتل الربيع ، والخليل كالجليل”.

في الذكرى السابعة لاستشهاد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي التقت " الرسالة نت " بنجله أحمد وزوجته وأول مرافق له وتوقفت معهم على فصول جديدة في حياة الشهيد.

مطاردة تلتها الشهادة

يقول أحمد عن لحظات استشهاد والده الأخيرة: "بعد 25يوما من استشهاد الشيخ أحمد ياسين وقبيل فجر السبت جاءت إشارة بقدومه للبيت، فانتظرته في شارع مظلم، كان وقتها متخفيّاً بعباءة سوداء وكوفية حمراء ويحني ظهره ليبدو عجوزاً".

وأضاف "دخل البيت يريد البقاء لساعة واحدة، ولكن تحت إصرار أهل البيت الذين كانوا جميعهم حاضرين، وافق على طلبنا ، وكان طوال هذه الفترة يطمئن على أحوال البيت ويلاعب الأطفال، وكانوا يرمونه بمساند الفراش ويردها عليهم".

وتابع:" عندما علم أني سأتقدم لامتحان لغة عربية غداً جلس معي ودرسّني وكانت نظراته توحي بأنها الأخيرة, ثم صلينا المغرب جماعة، و جهز نفسه للخروج فاستحم  وارتدى أجمل ثياب، حتى ان أختي قالت له ما هذا الجمال يا أبي؟ وكأنك عريس، فتبسم, وأثناء خروجه كان يدندن منشدا: أن تدخلني ربي الجنة هذا أقصى ما أتمنى".

 واستطرد أحمد "خرجت معه وأوصلته شارع مظلم، ثم جاءت سيارة فنقلته ثم جاءت سيارة أخرى ليصل عدد السيارات كما علمت بعدها أنها 6 سيارات، وعند وصولي المنزل سمعت صوت الانفجار فعرف كل من في البيت أن الوالد أغتيل".

وفي ذات السياق يقول أحمد:" ومنذ أن كنا أطفالاً يحفزنا على الخير ويأخذنا إلى صلة الأرحام حتى البعيد منها", موضحًا "رغم وقته الضيق ، وكثرة الوافدين إلى البيت من قيادات وصحفيين، أو انشغاله على الهاتف بالمتابعة والمقابلات؛ إلا انه يستغل كل دقيقة من حياته حيث إن خرج من غرفة الضيافة لا يستريح بل يشرب ماء أو شاي، وإن وجد أحد أحفاده لا يتأخر بملاطفته وملاعبته".

وأشار نجله أحمد الى ان مرافق والده الخاص أثناء مطاردته الأخيرة كان دائما يراه يغلق غرفته ويعيش خلوته يدعو الله ويبتهل إليه، وكلما دخل عليه وجد دموعه تنهال على خديه ،فسأله مرة ما هذه الدموع يا شيخ؟ أجابه (اشتقت إلى الأحبة)، وكان يقصد بذلك الشهداء".

الزوج القائد

وتقول أم محمد زوجة الرنتيسي لـ" الرسالة": "حين حديثي عن الرنتيسي أتحدث عن الدكتور القائد الذي يؤدي حقوق كل من حوله، ومكارم الأخلاق ومعاملته في البيت كلها بمثابة وصايا في إتباع تقوى الله والتمسك بحبل الله".

وأضافت" كان يشاور أهل بيته وأولاده في كل ما يتعلق في البيت سواء كان صغيرا أم كبيرا.

وموقف تستذكره زوجته أم محمد قائلة:" الدكتور رحمه الله سريع البديهة ويدخل السرور على البيت دائماً فمرة ضربت ابنتي لخطأ ما فحزنت فما كان من الدكتور إلا أن يقلب الظروف لصالح ابنته ويجعلها تبتسم فقال شعراً:

لا تعجبوا يا أخوتي من قصتي فانا التي كانت        علقتي بالشوبك الملفوف علقتي".

مرافق الرنتيسي الأول

وفي خانيونس يسكن أول مرافق للرنتيسي أسامة راضي الذي قال:" رافقته منذ العام 1986 وحتى عام 1988 خلال هذين العامين رأيت في الرنتيسي ما لم أره في رجل آخر، حياة كلها صدق وهمة، حيث لا يعرف الملل ولا النوم  بل حياته كلها عطاء ".

ويضيف راضي:" يومي مع الدكتور مليء بالمتاعب كان يبدأ الساعة7 صباحاً عندما أخرج معه إلى الجامعة الإسلامية بسيارته الصغيرة ويجعلني أقرأ له من كتاب الاسعافات الاولية وهو يستمع أثناء قيادته السيارة، وبعد دوامه  نعود لخان يونس ثم يفتح عيادته ".

وأشار إلى ان الحالات غير المقتدرة التي كانت تأتيه الى عيادته يعالجها بشكل مجاني".

ومن المواقف الطريفة التي سردها راضي" كان الدكتور محمود الزهار ينوي شراء سيارة، وشاور الرنتيسي مراراً، وصباح ذات يوم دخل الجامعة فوجد الزهار بجانب سيارة أوبل حمراء فما كان من الرنتيسي إلا أن تعالت ضحكاته وهو يقول حمراء اللون يا أبو خالد لم تجد إلا هذا اللون وظل الرنتيسي طوال اليوم يستذكر القصة ويبتسم".

وفي رسالة وجهتها عائلة الرنتيسي من بيته عبر "الرسالة نت" وفي الذكرى السابعة لاستشهاده قالت زوجته أم محمد:" نم قرير العين يا أبا محمد رسالتك التي حملتها وضحيت من أجلها ما زالت تمثل لنا الوقود الذي نسير من خلاله، حتى تحرير المسجد الأقصى أولاً ثم نلقاك بالفردوس الأعلى إنشاء الله "

 

 

البث المباشر