قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: فيلم الكرز رجال وحنين وعشق

إبراهيم المدهون
إبراهيم المدهون

إبراهيم المدهون

 عرضت فضائية الأقصى فيلما توثيقيا عن حياة الشهيد عبد الرحمن حماد القيادي في كتائب القسام، والذي أشرف وشارك على مجموعة عمليات عسكرية أثرت تأثيرا جوهريا في تاريخ ومسيرة نضال شعبنا وكفاحه، وأوضح الفيلم حياة وروح العمل الجهادي في فترة مهمة ومع رجال صدقوا وأوفوا، وفي وقت تشكل الوعي الفلسطيني على العمليات الاستشهادية، وأعيد هندسته لمواجهة وضرب الكيان في عمقه ونقل المعركة حيث القلب. استخدم في الفيلم الروائي سيناريو مهني شيق، وضح تفاصيل ومعلومات جديدة تذاع لأول مرة، معتمدا على واقع عاشته المقاومة، وسلط الضوء على مجموعة فريدة من الرجال أبرزهم الاستشهاديين صالح صوي نزال وسعيد الحوتري، بالإضافة لبطل القصة عبد الرحمن حماد "الكرز". عمل الكرز مع الشهيد يحيى عياش في بداياته، وكانت له بصمة خاصة في عملية ديزنكوف الأولى والتي قتل خلالها أكثر من عشرين صهيونيا، كما أشرف وأعد عملية الدولفين والتي مثلت ذروة عمليات العهدة العشرية في بداية انتفاضة الأقصى. ما يميز الشهيد عبد الرحمن أنه فلسطيني بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فقد تملك العمل الثوري كل حياته ومنذ بداية حياته، فنبغ مبكرا في الجهد العسكري، وأبدع في فنون مقاومة الاحتلال، فهو أصغر المبعدين لمرج الزهور سنا، وأُطلق عليه في الإبعاد لقب الكرز، وهو الأصلب في الاعتقال، والأذكى والأقدر على تحدي السجان من غير اعتراف، وما أن يخرج من معتقله حتى يستأنف عمله، والعجيب أنه يخطط ويرتب للعمليات في زنزانته أثناء اعتقاله. استعرض الفيلم والذي يشدك منذ اللحظة الأولى خفايا العمليات المركزية التي نفذت في منتصف تسعينات القرن الماضي، ويدخلنا في تفاصيلها ودقائقها وجوها النفسي، فنستشعر أهميتها وعظمتها، ويلفنا الحنين لأيامها وأبطالها وردود الفعل وتداعياتها، ومن المواقف المؤثرة كيف اختير الشهيد صالح صوي نزال منفذ عملية ديزنكوف، وكيف تدافع رفقائه ليسبقوه للعملية؟! حتى اضطروا لإجراء قرعة بينهم. كما وثق الفيلم عملية الشهيد سعيد الحوتري، ولحظتها لم أستطع مغالبة دموعي في استشعار اللحظات الاخيرة للشهيد رحمه الله، وبمشهد عبقري فيه بعد إنساني حقيقي راقبنا وداعة الحوتري وهو يلاعب طفلة ويمازحها، وكيف ارتبط بها؟! فكشف السر ليحميها ويبعدها عن مسرح الانفجار. استشهد الكرز كما كان يتمنى، فجاءت النهاية شبيهة لصمته الطويل، وحركته السريعة، ودويه الشديد وإيمانه العميق، فإذ بشهادة تليق به وبمسيرته الجهادية الغنية، اغتيل الكرز أثناء صلاة للفجر وقراءة ورده اليومي للقرآن، عبر قناص إسرائيلي من أحد المستوطنات المجاورة. ومن جميل الأقدار أن تصادف عرض فيلم "الكرز مع استشهاد عبد الحميد أبو سرور، ليرتبط الماضي بالحاضر، وكأنه أحد ابطال الفيلم، وكدليل واضح أنن روح هؤلاء الشهداء مازالت تنبت في بيت لحم وقلقيلية وجنين ونابلس والخليل فرسان يغيرون التاريخ ويكملون المسير.

البث المباشر