كـ "بطة عرجاء" يبدو رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في سلوكه وخطواته المترددة في المحافل الدولية ضد الاحتلال الاسرائيلي.
ويحاول الرجل الذي تجاوز الثمانين عاماً التظاهر بامتلاكه أوراق ضغط سياسية، تحرج الاحتلال على الصعيد الدولي، إلا أنه سرعان ما يتراجع مرغما، بذريعة إعطائه فرصة لتحقيق "اتفاق سلام" لم تُبق إجراءات القمع الصهيونية له أي سبيل.
ويلهث عباس خلف سراب يحسبه ماء، ساعيا للخروج من القصر الرئاسي "بتسوية سياسية" للقضية الفلسطينية مع الاحتلال، لاسيما بعد مكوثه داخل القصر أحد عشر عاماً بلا إنجاز.
إدانة الاستيطان
ومؤخراً تراجع رئيس السلطة عن مشروع قرار لإدانة الاستيطان "الاسرائيلي" في مجلس الأمن الدولي بحجة إتاحة المجال أمام الجهود الفرنسية والمشاورات الجارية لعقد المؤتمر الدولي.
وبحسب مجدي الخالدي المستشار الدبلوماسي لعباس، فإن فرنسا طلبت من القيادة الفلسطينية تأجيل تقديم مشروع قرار حول الاستيطان في مجلس الأمن لإعطاء الفرصة للجهود الفرنسية.
وكان من المقرر أن تتقدّم دولة فلسطين عبر جمهورية مصر، وهي العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن حالياً، بمشروع قرار يدين الاستيطان ويمنع البناء فيها، في جلسة مجلس الأمن التي عقدت في الثاني والعشرين من الشهر الحالي، حيث تم توزيع مسودة المشروع على الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وعلى المجموعة العربية في الأيام الماضية.
وبحسب مراقبين فإن تراجع السلطة عن القرار يعكس إحساسها بالفشل المسبق وعدم حصولها على الدعم الكافي بالإضافة لخشيتها من ردة الفعل "الإسرائيلية" اتجاه طرح المشروع في مجلس الأمن.
حالة تضارب
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة، أن حالة التضارب بين الرئاسة ووزارة الخارجية التي سبقت سحب القرار، تدلل على وجود خلافات داخل الدبلوماسية الفلسطينية وعدم الحصول على أي دعم دولي للقرار.
وأوضح أبو شمالة في حديث لـ "الرسالة نت" أن القرار ذاته جرى التوجه به مسبقا لمجلس الأمن عام 2011، واتخذت أمريكا آنذاك حق النقض "الفيتو" وأفشلته، مشيرا إلى أن شعور قيادة السلطة بالفشل هو ما دفعها لسحب القرار والتذرع بوجود ضغط فرنسي عليها.
ولفت إلى أن الرئيس عباس يحاول أن يوجد أي إنجاز لشعبه ويعول على الوهم الفرنسي للحفاظ على سلطته وبقائه في الحكم لأطول فترة ممكنة على حساب القضية الفلسطينية.
بيد أن رئيس دائرة العلوم السياسية في جامعة بيرزيت سميح حمودة، يرى أن سحب القرار الفلسطيني ضد الاستيطان جاء نتيجة يأس الرئيس عباس في وجود قوة دولية تقف معه، على اعتبار أن السياسة الأمريكية واضحة اتجاه الاحتلال، مؤكداً أن إمكانية حل القضية الفلسطينية دولياً أصبح معدوماً.
خطوات مرتجفة
وبيّن حمودة في حديث لـ"الرسالة نت" أن اتخاذ القرار السياسي من شخص واحد -في إشارة لعباس- دون التشاور مع الكل الوطني، أوصل القضية الفلسطينية إلى طريق مسدود، مبيناً أن الاحتلال بات يرفض حل الدولتين الذي تراهن عليه السلطة.
فيما رأى الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون أن سحب القرار يرجع إلى تخوف الرئيس عباس من ردة فعل "إسرائيل" على تصرفاته، معتبراً في الوقت ذاته أنه غير جاد في أي توجه دولي ضد الاحتلال.
وأوضح أن خطوات الرئيس المرتبكة تهدف للمناورة وتحمل رسائل للشعب الفلسطيني أن طريقه في المواجهة السلمية في الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية هو الطريق الأسلم، لذلك يُصر على ذلك التوجه وسرعان ما يتراجع.
وتابع أن أي تحرك سياسي دولي محكوم عليه بالفشل في ظل وجود حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة والتي لا تلتفت إلى أي ضغط دولي.
وأخيراً يمكن القول أن خطوات عباس "المرتجفة" لن تجلب أي حل سياسي للقضية الفلسطينية في ظل المعطيات الراهنة التي تتيح للاحتلال الاستفراد بالشعب الفلسطيني.
تخبُّط رئيس السلطة في المحافل الدولية يؤكد عجزه عن مواجهة الاحتلال
غزة _محمد عطا الله