قائمة الموقع

مقال: رسالة من تحت الأنقاض

2016-05-02T04:48:08+03:00
صورة تعبيرية
وسام عفيفة

يلتهب الشعور الفلسطيني ألما ليس فقط نتيجة القتل والاستباحة الإسرائيلية اليومية لمدن الضفة والقدس، ولا يقتصر الغليان الغزي على الحصار ووقف مشاريع الإعمار.

الجرح الفلسطيني تنكأه المشاهد والاستغاثات التي تخرج من حلب السورية، ربما لا يوجد شعب أقدر على قراءة رموز الفاجعة والتراجيديا الحلبية مثل الشعب الفلسطيني، بحكم الهوية الشامية العربية الإسلامية، وبحكم الخبرة والعلاقة مع الموت والقهر والدمار.

خذ أمثلة على ذلك... هناك حالة تفاعل وجداني وتواصل روحي بين أمهات شهداء فلسطينيين يرقبن أمهات سوريات يودعن أعزاءهن بعدما طالتهم حمم الموت الهابطة عليهم من السماء، هنا وهناك تسمع نفس الأنين المكتوم، والنحيب، ثم يرتفع صوت الدعاء.

هنا أيضا يتكرر المشهد لأطفال قد أدمى الرعب قلوبهم في غزة قبل أن يدمي أجسادهم في حلب، وكأن شريط الطفولة المعذبة يعود للخلف، يعرض سنوات الحرب والحصار في غزة، ثم يعود المشهد مجددا، هذه المرة في أحياء حلب " الهلك، الجزماتي، المعصرانية، كرم الطراب، المواصلات، طريق الباب، باب النيرب، الحرابلة".

هي نفسها هياكل المنازل والبنايات التي ضربتها صواريخ الطائرات مهما تغيرت أنواعها، فهدمتها فوق رؤوس ساكنيها في رفح وخزاعة والشجاعية... حيث يمتد دخان الدمار إلى:" بستان القصر، الكلاسة، الأنصاري".

اليوم تخرج الرسالة من تحت أنقاض حلب تكاد تكون نسخة طبق الأصل عن تلك التي كانت تخرج من تحت أنقاض غزة، نصوصها دماء مكتوبة على حجارة متطايرة، وجدران انطبقت على صدور ساكنيها، ترسل إشارات استغاثة، أصوات تخرج من أفواه مكممة بالتراب والغبار، في الخلفية يبكي الناي موالا حزينا مرة بالغزاوي ومرة أخرى بالحلبي: "غزة بغبار الموت بتحضن ولدها.. قطع وأشلاء بتلملم ولادها .. والأمر من هيك يا عالم ولادها .. حصار الخي وسكوت العرب يا حيف ياحيف على سكوت العرب."

***

"حـلب يا نــبـع من الألــم يمشي ببـلادي ..ياكتر دمّ اللي انسكب ..ببلادي

أنا ببكي ومن قلب محروق .. عبلادي .. و ع ولادا اللي صاروا فيها غراب

آه .. يا بــلادي"...

اخبار ذات صلة