التوغلات المحدودة. محاولة من الجيش الإسرائيلي لاستعادة الهيبة والردع، ولإيصال رسائل إسرائيلية داخلية أن جيش الاحتلال مازال يمتلك زمام المبادرة، خصوصا بعد اهتزاز الثقة بأداء الجيش والبدء بطرح أسئلة في الاعلام وبين النخب الصهيونية تتحدث عن عجز جيشهم في قدرته على الحد من نمو المقاومة وتراكم قوتها، في ظل استمرار تجارب الصواريخ وبناء المواقع المتقدمة للمقاومة، ومع التشييد المتصاعد للأنفاق. تأتي هذه التوغلات في سياق تسويق جيش الاحتلال نفسه كمحارب للأنفاق بعد التشكيك السياسي من جدوى ما تقوم به التقنية العسكرية في كشف الأنفاق، ويريد أيضا فرض معادلات جديدة مخالفة لنتائج العصف المأكول، وفيه عملية خداع إعلامي وكأن الجيش الإسرائيلي مازال قادرا على استباحة غزة دون دفع للثمن، ومع هذا يلحظ احاطة وحذر من قبل الاحتلال، فحتى اللحظة لم نشهد توغلا بالمعنى الحقيقي، ومازالت التوغلات تقاس بأمتار بسيطة، ولا تقوم باي عمليات عدوانية واسعة تأثر بشكل واضح على المعادلة القائمة. وهنا لا ننكر وجود عمل واسع على الحدود داخل فلسطين المحتلة عام 48، بهدف كشف الأنفاق ومحاربتها هندسيا، فهناك مبالغة إعلامية بتواجد قوات الاحتلال العسكري، ويبدو الاحتلال مصرا على المضي قدما لمحاربة الأنفاق بطرق تجنبه المواجهة، إلا أن هذه الأساليب تكسر المعادلة الضمنية والتي تمنع أي تقدم داخل غزة، لهذا ترد المقاومة بإطلاق نار وقذائف هاون، ويبدو أن المقاومة تقصدت إطلاق نار وإحداث اشتباك مسلح بالرشاشات لحظة وجود نتنياهو القادم للاستعراض أمام النفق المكتشف. وأعتقد أن هذه التوغلات تعطي الحق لكتائب القسام باستهداف أي آلية تجاوزت الحد الفاصل، وقد فجرت المقاومة قبل ذلك جرافة صهيونية، وفي حال استمرت التوغلات قد يتطور الأمر باعتقادي في أي لحظة، وهناك احتمال قوي ان تصيب المقاومة وتدمر آلية تتجاوز الحد فيسقط قتلى وجرحى إسرائيليون، ولن يحسب هذا كاختراق لمعادلة التهدئة. لهذه التوغلات صاعق متفجر ولعب بالنار. هذه التوغلات المحدودة ورد المقاومة المنضبط لا يعني أننا على مقربة من مواجهة عسكرية واسعة مع الاحتلال، فما زلنا بعيدين عن هذا الاحتمال وان كان مطروحا، فالعدو له أهداف محددة بهذه التجاوزات، كما أن أركان جيشه تفضل اتباع الوسائل التقنية لكشف ومحاربة الأنفاق، وفي المقابل المقاومة الفلسطينية تفضل ابقاء التهدئة وتجنب أي عدوان عسكري في ظل واقع اقليمي ودولي مضطرب، وتراعي في الوقت نفسه الظرف الزماني والمكاني والواقع المعيشي الفلسطيني.