في خضم المواجهة المستمرة على حدود القطاع بين المقاومة والاحتلال، يؤكد خبراء استراتيجيون في المجال العسكري، أن المقاومة الفلسطينية وفي القلب منها كتائب الشهيد عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة حماس، تسعى لتثبيت مكتسبات المقاومة وانجازاتها، ورسم معالم جديدة لقواعد الاشتباك بينها وبين الاحتلال.
ويشير الخبراء الذي تحدثت اليهم "الرسالة نت"، من بيروت، أن "الاشتباكات الحدودية"، هي مواجهة بين ارادة المقاومة التي تسعى لفرض معادلة حماية مكتسباتها، ومحاولتها منع الاحتلال من فرض معادلاته القاضية بقضم مكتسبات المقاومة والاعتداء عليها.
تثبيت الانجازات
ويؤكدّ اللواء أمين حطيط الخبير الاستراتيجي في الدراسات العسكرية، أن المقاومة تسعى من خلال المواجهات الحالية، لتثبيت الوقائع الميدانية الراهنة، التي تمكنت انتزاعها عبر مراحل المواجهة الطويلة، وأن تراكم عليها بعض الانجازات بقدر محدود وفق ما تتيحه الظروف الراهنة.
ويقول حطيط لـ"الرسالة نت" من بيروت، إن المقاومة تسعى لتثبيت مواقعها، والحفاظ عليها من التآكل تحديدا فيما يتمثل بسلاح الانفاق الاستراتيجي ومجال التحصينات التي تعد من أبرز وأهم المعالم العسكرية التي تمكنت المقاومة من تحقيقها في غضون السنوات الاخيرة رغم ظروفها الميدانية والسياسية المعاشة.
وأضاف أن المقاومة بحاجة للمحافظة على هذا المكتسب التي تحتاج لتوسيعه، في ظل تكثيف الاحتلال.
سويدان: قواعد المواجهة التي تخوضها المقاومة قائمة على ردع الاحتلال من ممارسة أي عدوان قائم على نظرية "الهجوم"
ورأى أن هدف المقاومة الأصيل يتمثل في المرحلة الحالية من منع انهيار منظومة التحصينات، وتثبيت ما بيديها وصيانته من التآكل عبر الهجوم الاسرائيلي، ومنع الاحتلال من فرض معادلة جديدة تتمثل في الانقضاض على هذه المكتسبات دون ان ترد المقاومة.
ورغم الظروف السياسية التي يحاول الاحتلال استثمارها لتغطية أي عدوان على غزة، يرى حطيط أن المقاومة تمكنت اليوم عبر تصديها للعدوان عبر الحدود، توجيه صفعة استراتيجية مؤلمة، لمنظومة الردع الاسرائيلية، ونقلتها من وضعية الهجوم إلى حالة الدفاع وهي الأولى في تاريخ الصراع بين الاحتلال والمقاومة.
حرب مفتوحة
ويؤيده اللواء ياسين سويد الخبير الاستراتيجي في الشؤون العسكرية، أن اشتباكات الحدود، هي رسم لقواعد جديدة في المواجهة والاشتباك، قائمة على نزع منظومة الهجوم الاسرائيلي والعمل على تحجيمها في قطاع غزة.
وأشار سويدان خلال حديثه لـ"الرسالة نت"، من بيروت، الى أنها ايضًا امتداد لمسار المواجهة المفتوحة التي تخوضها المقاومة مع عدوها والقائمة على مفهوم "حرب الاستنزاف" التي يدفع الاحتلال أبهظ اثمانها في القطاع.
حطيط : المقاومة تسعى لتثبيت مواقعها، والحفاظ عليها من التآكل
ويقول إن قواعد المواجهة التي تخوضها المقاومة قائمة على ردع الاحتلال من ممارسة أي عدوان قائم على نظرية "الهجوم"، ووضع حد للغطرسة الاسرائيلية القائمة على الاعتداء بدون رادع.
وأشار إلى أن المقاومة تدافع اليوم عن أهم الاسلحة الاستراتيجية التي احدثت متغيرًا كبيرًا في مسار الصراع مع الكيان لصالح الفلسطينيين، مؤكدًا ضرورة وضع كل الجهد لحماية سلاح " التحصينات" الذي يطلق على الانفاق، واعداد قنوات أخرى لاعتباره من أهم الاسلحة الاستراتيجية لدى المقاومة.
دليل عجز وفشل
وفي قراءة لطبيعة الدوافع الميدانية للمواجهة، يرى طلال الحسن الخبير في الشؤون العسكرية، أن الاحتلال حاول حرف قواعد الاشتباك التي رسمها اتفاق التهدئة بينه وبين المقاومة في نهاية عدوان 2014م، من خلال تثبيت حقه بالهجوم في أي وقت يشاءه، وهو امر توقفت له المقاومة بالمرصاد.
ويقول الحسن لـ"الرسالة نت"، إن الاحتلال سعى خلال هجومه لتغير المعادلة الراهنة، والتقدم في المنطقة العازلة بدون رادع، "بينما المقاومة لن تنتظر انتهاك وقف اطلاق النار برمته كي ترد، فكان من مقتضى الضرورة عملية المخاطرة ، لمنع حرف قواعد الاشتباك الحالية من قبل الاحتلال، وتثبيت فرض الوقائع التي تمكنت من امتلاكها خلال الفترات الماضية.
ويرى أن توغل الاحتلال دليل "فشل وكذب"، ففي الوقت الذي أدعى فيه الاسرائيلي انه تمكن من امتلاك تقنية للعثور على الانفاق، كان بامكانه ان يدمر الانفاق ويعثر عليها داخل الحاجز الزائل، ولم يكن بحاجة للتوغل.
وأوضح أن سبب التوغل الاساسي، هو فشل الاحتلال ومنظومته الجديدة العثور على الانفاق داخل حدود الخط الزائل، وذلك لأن العثور عليه يحتاج الى معدات معقدة، الامر الذي دفعها للتوغل بحدود 300 م، من اجل وضع تقنيات بسيطة مقارنة بما ستدفعه داخل الخط.
الحسن: توغل الاحتلال دليل "فشل وكذب" قيادته الامنية والسياسية والعسكرية
واكدّ أن الاسرائيلي لديه قناعة بضرورة التخلص من سلاح الانفاق، وذلك لدوره في تغير معادلات المواجهة وتمكنه من استحداث منظومة استراتيجية معقدة في النيل من منظومة الردع الاسرائيلية مقابل تعزيز وتطوير منظومة الدفاع الفلسطينية التي تمكنت عبره من تنفيذ عمليات مؤلمة داخل ما يسمى بالخط الحاجز خلال ايام العدوان الاخير.
وحول مستقبل المواجهة بين الاحتلال والمقاومة، يرى المختصون الاستراتيجيون، أن كلا الطرفين لا يرغبان بتوسيع رقعة الزيت، وابقاء "صندوق البريد" ضمن اطار المواجهة الحدودية، والثابت ان المقاومة لن تخوض الحرب الا اذا فرضت عليها حينها ستكون المواجهة مختلفة تماما في مساراتها وحتى على صعيد نتائجها وتداعياتها، وهو امرك يحكم عليه الميدان في الايام القادمة.
وكان السفير القطري محمد العمادي قد كشف للرسالة عن التوصل لنتائج ايجابية بشأن وقف اطلاق النار.