سلطة الطاقة: عجز يصل لـ70% في الطاقة بغزة والسلطة ترفض حل الأزمة
أعادت حادثة حريق منزل أسرة الشاب محمد أبو هندي ووفاة ثلاثة من أطفاله حرقًا، تفجير السؤال الكبير الذي يتردد بشكل دائم "من المسؤول عن استمرار أزمة كهرباء غزة ؟!، ومن يقف خلف تعطيل حلول الأزمة؟!"، وكانت الإجابة باعتراف الإجماع الوطني والأطراف المعنية، أن محمود عباس رئيس السلطة وفريقه وحكومته، هي الأطراف المسؤولة عن تفاقم الأزمة وتعطيل حلولها، بحسب الوقائع والمعطيات والأرقام.
وقد حملّت الفصائل الفلسطينية برمتها، السلطة مسؤولية أزمة الكهرباء وجريمة حريق عائلة أبو هندي، مؤكدة أن السلطة هي التي رفضت التعاطي مع مطالب الإجماع الوطني برفع الضرائب عن الوقود، وتصر على تجاهل المساعي الدولية لحل الأزمة.
وسعت الرسالة لرصد مواقف محلية ودولية، تبين فيها حقيقة الدور الذي تتورط فيه سلطة رام الله، في أزمة كهرباء غزة، بدأت من حيث اعتراف يحيى رباح القيادي في حركة فتح، أن السلطة من المستحيل أن ترفع ضريبة البلو المفروضة على السولار الصناعي الخاص بمحطة كهرباء غزة بسبب الأزمة المالية التي تعيشها السلطة، وفق تبريره.
مسؤول أممي: السلطة ترتكب جرائم حرب وإبادة ضد الفلسطينيين في غزة
وهاجم رباح أثناء حديثه لـ"الرسالة نت"، الفصائل الفلسطينية التي حمّلت السلطة مسؤولية أزمة الكهرباء في غزة، مشيرا إلى أن الحكومة لديها قرار تخفيض ضريبة البلو 80%، ولكن أزمتها المالية تحول دون ذلك، وفق قوله.
أزمة الكهرباء
أسباب أزمة الكهرباء في غزة، شرحها أحمد أبو العمرين المتحدث باسم سلطة الطاقة بغزة، موضحًا أنها تتمثل في وجود عجز يتجاوز من 60-70% في القطاع بدء منذ عام 2006، مبيناً أن مصادر الطاقة الحالية لا تغطي أكثر من 50% من احتياجات القطاع، وفي حال توقف المحطة فإن المصادر الأخرى لا تغطي 20% من الاحتياجات.
وقال أبو العمرين لـ"الرسالة"، إن كميات الطاقة تتناقص أمام تزايد الطلب، في ظل غياب المشاريع الاستراتيجية لحل الازمة بفعل تعنت الاحتلال والسلطة، مبينّا أن مصادر الطاقة لغزة تتمثل في محطة توليد الكهرباء والخطوط المصرية والاسرائيلية.
وأوضح أن احتياجات سكان القطاع للكهرباء في عام 2012 كان 215 ميجا، في حين وصلت في عام 2016 إلى 450 ميجا أي زيادة الضعف تقريبًا، وهو ما انعكس سلبًا على برامج التوزيع التي تتأثر أيضًا بفعل الظروف الفنية المتعلقة بالمحطة والخطوط.
وقال إن محطة الكهرباء إن اشتغلت بكامل قوتها، فهي لا تغطي سوى 20% من احتياجات السكان أي خمس الكمية تقريبًا، مشيرا الى انها تعمل بنصف طاقتها، لسببين وهما أن ثمن وقودها باهظ مع تكلفة الضرائب المضافة عليه، والتي تصل لأكثر من 250% على سعرها الاصلي أي ثلاثة أضعاف تقريبًا.
وأوضح أبو العمرين أن الحكومة أعادت فرض ضريبة البلو على وقود الكهرباء منذ بداية العام الجاري، وهي قيمة تضيف 300% على سعر الوقود الذي يتم شراؤه من جانب الاحتلال عن طريق هيئة البترول التابعة للسلطة إلى قطاع غزة.
وأضاف أن الطاقة بغزة دفعت أكثر من 50 مليون شيقل ضريبة تمت استدانتها من البنوك الفلسطينية المحلية، ولا تزال تقوم بدفعها حتى هذه اللحظة، مبينًا أن قيمة ما دفعته الطاقة لشراء الوقود منذ بداية يناير 78 مليون شيقل، استفادت بـ28 مليون شيقل وقود فقط والباقي ذهب ضرائب للسلطة!.
وأكدّ أن هذه الضرائب لو رفعت لتمكنت الطاقة من الشراء بقيمة الـ50 مليون شيقل وقود يكفي لتشغيل المحطة بكامل قدرتها، ولتمكنت من إراحة الناس وتفادي المخاطر الناجمة عن غياب الكهرباء.
مسؤول تركي: السلطة وقفت ضد حلولنا لإنهاء أزمة كهرباء غزة
ونوه إلى أن السلطة لا تزال تفرض 50% ضريبة على الوقود، مفندًا مزاعمها بدعم الوقود المورد لغزة، إذ أوضح أن هذا الدعم تقصد فيه رفعها لـ50% من الضرائب!، وهنا يتساءل "هل رفع نصف الضرائب على الوقود يعتبر دعمًا!؟"، معتبرّا هذه المزاعم تهربًا من المسؤولية وخلطًا للأوراق أمام الجرائم التي ترتكبها السلطة بحق سكان القطاع.
وبين أن الطاقة واصلت شراء الوقود رغم فرض الضرائب عليه، لتلقي اللجنة الفصائلية وعودا مستمرة من الحكومة برفع الضريبة، ولكي تعطي فرصة لهذه الجهود ودون أن تغرق غزة بمزيد من الأزمات. وتابع أن إشكالية الكهرباء تكمن في إصرار مالية رام الله على إبقاء الضريبة برغم وجود قرار من رئيس الوزراء رامي الحمد الله برفع كامل لها، وتبنى وزراء غزة والفصائل وسلطة الطاقة برام الله هذا المطلب إلا أن "المناكفات داخل الحكومة حالت دون تنفيذ القرار".
وقال إن الحكومة تعتبر الضريبة دخلا ماليًا لها، تريد تحقيقه على حساب معاناة غزة وآلامها، وأطفالها. وحول تحميل شركة توزيع الكهرباء المسؤولية لعدم توسع الجباية في غزة، فأكدّ أن رام الله تريد توسيع الجباية لفرض الضرائب وليس لشراء المزيد من الوقود للمحطة، منبهًا أن الازمة لا تتعلق بالجباية وانما بالضرائب التي تفرض على وقود الكهرباء رغم اعفاء الحكومة لوكالة الغوث منها في تناقض رهيب يكشف تورط السلطة في معاناة غزة وابتزاز سكانها!.
ولفت أبو العمرين إلى وجود مقدرة لدى الطاقة بغزة على تشغيل المحطة بالكامل من خلال الايرادات التي تقوم بها شركة التوزيع، إذ أن تكلفة وقود المحطة لا تزيد عن 20 مليون شيقل، لكن بدون الضرائب التي تفرضها الحكومة.
وتابع: "جباية الكهرباء بغزة تمكننا من شراء الوقود اللازم لتشغيل المحطة بدون ضرائب، ولكن إذا فرضت الضريبة فسيحدث عجز كبير لأن مجمل ما يتم جبايته 24 مليون شيقل، بينما يحتاج وقود الكهرباء بدون ضرائب 20 مليون شيقل تقريبًا"، منبهًا إلى أن السلطة عمدت لزيادة الضريبة مع تحسن الجباية وذلك لزيادة إيراداتها وعرقلة جهود الطاقة بغزة ومنعها من تحسين الكهرباء بالقطاع.
فصائل: الحكومة رفضت رفع الضرائب والمشاريع البديلة عالقة عند الرئيس
وبيّن أنه تم طرح عدة بدائل لتحسين موارد الطاقة بغزة، من بينها إمداد خط 161 الذي يوفر مئة ميجا إضافية لغزة، إضافة لإمداد المحطة بخط الغاز، وهي مشاريع لا تزال الموافقة عليها عالقة في مكتب الرئيس محمود عباس، والذي لم يعط الموافقة على تنفيذها.
إدانة فصائلية
وأمام إقرار وإصرار فتح بأن حكومة الحمد الله لن ترفع ضريبة البلو، جاءت الفصائل لتحمل السلطة مسؤولية الازمة، إذ قال طلال أبو ظريفة عضو اللجنة الفصائلية لمتابعة أزمة الكهرباء، إن الفصائل تقدمت للحكومة، بطلب اعفاء غزة من ضرائب الوقود بشكل كامل، الا نها لم تترجم ذلك عمليًا، وتفاجأنا بأنها اعلنت عن قرار بخصم من 60-70% ، وحتى الشهر الاخير لم تفعل ذلك.
وأضاف أبو ظريفة لـ"الرسالة نت"، إنّ الفصائل طالبت شركة الكهرباء بزيادة الجباية، لشراء كميات جديدة من الوقود، وليس لفرض ضرائب على الوقود المورد الى القطاع كما تريد الحكومة. وأشار إلى أن الفصائل اتفقت على خطة انتقالية لتوفير مصادر للطاقة من خلال طرح خط 161 الاسرائيلي ومد انبوب غاز لتشغيل محطة التوليد، وزيادة الكمية الواردة لغزة، ولا يزال الطلب عند مكتب الرئاسة.
وحمل الحكومة مسؤولية البحث عن مشاريع استراتيجية لحل أزمة الكهرباء، وتنفيذ الاجماع الوطني المتمثل برفع كل الضرائب عن الوقود المورد لمحطة التوليد الوحيدة.
قيادي فتحاوي: مستحيل رفع ضريبة البلو عن الوقود بسبب أزمة السلطة المالية
وهاجم القيادي في حركة فتح يحيى رباح تصريح أبو ظريفة وموقف الفصائل، وقال إن هذه القوى تبيع مواقف مغشوشة لحماس؛ بسبب قطع مخصصاتها في منظمة التحرير"، مرجعاً أزمة الكهرباء في غزة إلى استمرار حالة الانقسام.
رفض جهود تركية
بدوره، أكدّ أحمد فارول القيادي في حزب العدالة والتنمية التركي، أن السلطة الفلسطينية لعبت دورا سلبيا تجاه قطاع غزة، وسعت للتشويش على المساعي التركية الرامية لرفع الحصار. وقال فارول لـ"الرسالة نت"، من أنقرة: إن السلطة تتخذ موقفا عدائيا من غزة لأسباب سياسية معروفة، متجاهلة البعد الإنساني الذي ينبغي أن تقوم به. وأضاف أن تركيا تقدمت بجملة من المقترحات العملية خلال مباحثاتها الجارية مع (إسرائيل)، لتخفيف حصار غزة وحل أزماتها، وفي مقدمتها الكهرباء، إلا أن السلطة لم تكن تؤيد هذه التحركات.
واستشهد بتصريحات علنية لقيادة السلطة أبدت فيها رفضا صريحا للجهود التركية، "عدا عن الاشياء التي تمت في السر لتخريب هذه الجهود"، وفق قوله، مشددا على أن تركيا لن تنفك عن مطالبتها برفع الحصار مهما كان ضغط الأطراف الأخرى التي تسعى لاستمراره.
ودعا المسؤول التركي السلطة إلى اتخاذ "مواقف مشرفة" تنهي أزمات غزة، وتعزز مسار المصالحة الفلسطينية؛ "لأن موقفها مخجل بالنسبة للشعوب المؤيدة للقضية الفلسطينية".
وكان ارشاد هورموز مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد أكدّ لـ"الرسالة نت" في تصريحات سابقة، وجود أطراف محلية واقليمية سعت للتخريب على الجهود التركية، في إشارة منه لموقف السلطة الفلسطينية.
سلطة الطاقة: عجز يصل لـ70% في الطاقة بغزة والسلطة ترفض حل الأزمة
إدانة دولية
وأمام ما تقدم من شهادات فلسطينية وتركية تجاه دور السلطة في مفاقمة أزمة الكهرباء، أكدّت الأمم المتحدة جرم هذا الدور وفق توصيف القانون الدولي، وضرورة محاسبة السلطة عليه. وأكدّ الياس خوري ممثل اتحاد الحقوقيين العرب في منظمة الأمم المتحدة، أن حرمان السلطة في رام الله لغزة من وقود الكهرباء جراء فرض ضريبة البلو عليها، يعتبر "جريمة حرب" يحاكم عليها القانون الدولي.
وقال خوري لـ"الرسالة نت"، من لاهاي: إن السلطة مطالبة بموجب القانون الدولي بتوفير الوسائل الضرورية لأبناء شعبها في كل الأحوال (في السلم والحرب)، وفقًا لنصوص المادة الأساسية في قانون الأمم المتحدة"، معتبرًا أن حصار غزة "إبادة" يتعرض لها سكان القطاع.
وتابع قائلًا: "هدف الأطراف المشاركة إبادة السكان وتهجيرهم، وأي طرف يشارك في الحصار هو مدان ويلاحق بحسب القانون الدولي"، مشيرا أن سكان غزة يتعرضون لعقوبات جماعية وجرائم حرب ضد الانسانية "لا توصف قانونيًا ولا أخلاقيَا ولا سياسيا"، وفق قوله.