في كل عام ومع ذكرى النكبة نسترجع من أرشيف ذاكرة الأجداد بعضا من المشاهد والصور التي تكاد تبهت بعد مرور 68 عاما، بفعل عوامل النحت السياسية والتعرية الأممية التي أصابتنا عبر سلسلة من المؤامرات والمبادرات ولاتزال، ما يستدعي أن يعلق كل لاجئ خريطة فلسطين أمامه ويتأملها كل يوم.
لفت انتباهي في أرشيف الذاكرة شهادات فرنسيين وأجانب عاشوا في فلسطين، ويقفون اليوم على أطلال الماضي بمرارة وحنين.
لوسيان شامبونو مسنة فرنسية تقول في وثائقي بعنوان "فلسطين.. عودة مشتاق": كنا نستطيع التنقل بحرية في فلسطين قبيل عام 1948 اعتدنا أن نذهب إلى الناصرة من وقت لآخر، وإلى بحيرة طبريا وشاطئ يافا.
جيل بورو: ولدت في يافا، في ذاكرتي حاليا طفولة سعيدة، كان بمقدورنا أن نسبح 9 أشهر في السنة تقريبا، كانت يافا ميناء فلسطين مدينة كبيرة، لم تكن (تل أبيب) سوى شارع في المدينة.
وتضيف:" كان هناك كنيستان.. كنيسة القديس بيير والقديس أنطوان، وكانت هناك مآذن، كنت أرى إحداها عبر نافذة غرفة نومي، أحببت حتى سماع صوت المؤذن.
ثم يصف هؤلاء الشهود على النكبة كابوس الاجتثاث والتهجير.
جاكلين بورو: أتذكر ذلك بوضوح... في الثالث عشر من أيار أو نحو ذلك، شاهدت الشارع بأكمله مكتظا بأناس كانوا يسيرون على طول شارع يافا الرئيسي، يسيرون بصمت، جميع هؤلاء غادروا مذعورين، تركوا مكاتبهم ودكاكينهم، صعقت لدى رؤيتي جميع هؤلاء الناس في الشارع.
جيل بورو: كان الناس مذعورين إزاء إمكانية ذبحهم، لكنهم كانوا متيقنين أنهم سيعودون خلال الأيام القليلة القادمة أو الشهر القادم لم يكن هناك أدنى شك.
تنتقل رواية الشهود إلى ما بعد النكبة، والشوق لفلسطين:
سوزان بوست: شارعنا الذي كان يدعى شارع بوست أصبح شارع رابين بن حاحا وشارع العجمي سمي شارع إيفت، جميعها تحمل أسماء عبرية بعدما كانت أسماء عربية. لم يبق أي فلسطيني.
ماري فرانس بورو: حينها لم تكن أي (إسرائيل)، فقط كانت كلمة فلسطين، مع الأسف لم تعد موجودة، لم افهم مطلقا السبب المحدد لإلغاء كلمة فلسطين من ذهني.
سوزان بوست: لا ريب كنا نعرف فلسطين، أما في هذه الأيام لا أعرف أحداً يعرفها...
أيها الفلسطينيون هل تسمعون أي شيء عنها؟!