قائمة الموقع

صانعو النكبة ارتدوا قناع السلام وباعوا الفلسطينيين وهم الدولة

2016-05-16T09:28:19+03:00
صورة تعبيرية
الرسالة نت -شيماء مرزوق

من الصعب إحصاء المبادرات والمشاريع التي طرحت لتسوية القضية الفلسطينية، فسنوات عمر النكبة الثمانية والستين حملت معها العشرات من المشاريع الدولية الرامية لشطب حق العودة من الذاكرة الفلسطينية.

والمفارقة أن صانعي نكبة فلسطين وشركاء إسرائيل في الاحتلال هم من وضعوا قناع السلام وجابوا العالم لإنهاء الصراع عبر مبادرات، لكنها في الحقيقة لم تكن سوى محاولات لإنهاء الوجود الفلسطيني بالقوة الناعمة بعد فشل الحروب والمجازر.

وقد لعبت الدول الغربية الكبرى تحديدًا "بريطانيا- أميركا- فرنسا" دورا بارزا على مدار تاريخ الصراع في فلسطين، حتى قبل النكبة عام 1948، فقد طرحوا عشرات المشاريع والمبادرات التي تقضي بتقسيم فلسطين وتسهل إقامة دولة لليهود، وأبرزها على الإطلاق كان قرار التقسيم عام 1947.

وبعد تشرد مئات ألاف الفلسطينيين في بقاع الأرض وتهجيرهم عن بلادهم بدأ سيل المبادرات التي طرحت من الدول الغربية لإنهاء الصراع في المنطقة وضمان أمن واستقرار إسرائيل، والتي تتبلور أخرها حاليًا "المبادرة الفرنسية" الداعية لعقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، يعمل بشكل جدي على إنهاء القضية الفلسطينية، من خلال قرار دولي من مجلس الأمن يحدد "مبادئ لحل الصراع".

ومن غير المتوقع أن تكون حظوظ المبادرة الفرنسية أفضل من سابقاتها التي لم تجد طريقها الى التنفيذ وبقيت حبيسة الأدراج، ليس فقط لأن المجتمع الدولي لا يمارس ضغوطا كافية على الاحتلال وإنما لأن اسرائيل غيرت الواقع على الأرض بما لا يسمح بقيام دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة.

"وليم كوانت" عضو مجلس الأمن القومي الأمريكي في عهد الرئيس جيمي كارتر ( 1977-1980 ) قال "إن التعامل مع إسرائيل هو بمثابة التنبؤ بربع قرن قادم إلى الأمام، أما التعامل مع العرب فهو التعامل مع سياسة اللحظة الراهنة".

 تلخص هذه المقولة طبيعة السياسة الغربية والامريكية تحديداَ اتجاه القضية الفلسطينية، فرغم كونها قضية دولية بامتياز، إلا أن تدخلات المجتمع الدولي كانت في الغالب تقتصر على تهدئة الأوضاع في كل مرة تنفجر فيها وتخرج عن السيطرة الإسرائيلية، وهو ما ساعد اسرائيل على كسب مزيد من الوقت، وتغيير الوضع الجغرافي والديمغرافي في فلسطين.

ورغم اختلاف الساسة والقادة الغربيين إلا أنهم يتعاملون بسياسة شبه موحدة اتجاه القضية الفلسطينية بما يضمن المصالح الاسرائيلية التي تعتبر وليدة المصالح الأوروبية والأمريكية الاستعمارية في المنطقة، والتي أكدت الحركة الصهيونية منذ نشأتها أن إسرائيل ستكون الحارس الأمين لها.

ومن لجنة التوفيق الدولية 1948التي أقرت في الأمم المتحدة لتكون الخريطة الملحقة بقرار تقسيم فلسطين باعتباره أساسا للمحادثات بشأن مستقبل فلسطين، مرورًا بالمشروع النرويجي 1952، ومشروع أنتوني إيدن 1955، وصولًا إلى قرار مجلس الامن 242 والذي يعتبر من أهم المشاريع التي لا تزال تستند إليها كافة مشاريع التسوية إلى الآن.

ونشطت في حقبة السبعينات المشاريع الدولية خاصة بعد حرب أكتوبر ومساعي الولايات المتحدة لجر مصر إلى مربع السلام، وأبرز تلك المشاريع "وثيقة شومان- قمة الرباط وتسوية دبلن- قمة لندن" لكن المشروع الأهم والذي استمرت تبعاته حتى هذا الوقت هو اتفاق كامب ديفيد1978، الذي بموجبه خرجت مصر من الصراع وأصبح على الفلسطينيين أن يقاتلوا وحدهم.

وفي الثمانيات ساد مشروع السلام العربي (فاس 1982) أو (خطة الأمير فهد 1981) الذي جمع بين الاعتراف الضمني بالكيان الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية على الضفة والقطاع.

وبقي المشروع معلق حتى الدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام1987 برعاية الأمم المتحدة، لتحسين الأوضاع المعيشية لسكان الأراضي المحتلة".

ومع انتهاء حرب الخليج الثانية في بداية عقد التسعينيات أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول الأوروبية عن بدء مشروع كبير يرمي إلى إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط، والبحث عن طرق لحل القضية الفلسطينية، وذلك من خلال مفاوضات ثنائية وجماعية تمهد لإعلان قيام الدولة الفلسطينية، فكانت فكرة عقد مؤتمر جامع للسلام يعقد في إحدى العواصم الأوروبية، ونتيجة لذلك كان مؤتمر مدريد في سنة 1991.

ويعتبر مؤتمر مدريد الأرضية التي أنشأ عليها اتفاق أوسلو سبتمبر 1993 الذي وقعت عليه منظمة التحرير واسرائيل، عقب جولات من المفاوضات السرية.

وهنا يمكن القول إن مسار القضية الفلسطينية دخل مرحلة مختلفة، خاصة بعدما قبل الطرف الفلسطيني أن تكون المفاوضات ثنائية وحصر نفسه في زاوية الرعاية الامريكية بعيدًا عن المرجعية العربية والدولية.

وكان من المتوقع أن تنتهي المدة المحددة للاتفاق بخمس سنوات بقيام دولة فلسطينية لكن ما جرى أن المجتمع الدولي وتحديدًا اميركا أدخلت الفلسطينيين مجددًا في نفق المبادرات، من خلال مذكرة واي ريفر1998 والتي سعت من خلالها لتحريك مسار المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المتعثر.

ومع اندلاع أحداث انتفاضة الاقصى وفشل مفاوضات كامب ديفيد 2000، قدم المبعوث الأوروبي للسلام ميجيل انغل موراتينوس وثيقة غير رسمية لحل الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وكانت انعكاسًا لخريطة اقترحها الإسرائيليون في بداية محادثات كامب ديفيد، والتي دعت إلى إقامة دولة فلسطينية على 87% من الضفة الغربية، في حين ترى الخطة التي قدمها موراتينوس الدولة الفلسطينية على 83% من أراضي الضفة الغربية، وتكون حدود الدولة الفلسطينية وفق "قرار مجلس الأمن 242".

وبالتزامن مع طرح ولي العهد السعودي الأمير عبد الله في ذلك الوقت المبادرة العربية للسلام في قمة بيروت 2002، كانت اسرائيل تشن هجوما شاملا على الضفة الغربية وتعيد احتلالها وأعلنت صراحة رفضها المبادرة رغم قبول الطرف الفلسطيني بها.

وخلال ذات العام الذي كان مفصليًا فيما يتعلق بوجود السلطة الفلسطينية أعدت اللجنة الرباعية خطة خريطة الطريق، في إطار سعيها لإبقاء سيطرتها الكاملة على المنطقة.

ومنذ ذلك الوقت صدرت العديد من المبادرات والمؤتمرات والتي كانت تسعى لحلحلة ملف التسوية الذي تعقد "مؤتمر لندن لتفعيل عملية السلام2005- المبادرة الفرنسية الإيطالية الإسبانية للسلام 2006- مؤتمر أنابوليس الدولي للسلام 2008".

الحقوق الفلسطينية كانت تخضع لعوامل الضغط والترهيب مع مرور الوقت، حيث أن هذه الحقوق تآكلت في معظم المشاريع خاصة التي جاءت بعد قدوم السلطة، ومع قدوم الرئيس الاميركي باراك أوباما طرح مبادرة للتسوية 2011 تقوم على إقرار فلسطيني بدولة يهودية للشعب اليهودي"، وترك كافة الأمور بكيفية أو أخرى للتفاوض بين الأطراف.

وحتى هذه المبادرات التي انتزعت الحقوق والثوابت الفلسطينية لم تلق قبولًا لدى الاحتلال الإسرائيلي الذي لم يواجه أي ضغوط من المجتمع الدولي يجبره على التنازل وحل القضية الفلسطينية.

وفي محاولة لتطبيق هذه الرؤية خاض جون كيري وزير خارجيته جولات لا محدودة من الزيارات والمفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي تمخض عنها عودة المفاوضات لمدة ثمانية أشهر قبل أن تعود وتتجمد نتيجة التعنت الإسرائيلي.

ودخلت السلطة الفلسطينية بعد ذلك التاريخ في دوامة من القرارات والطلبات التي تقدمت بها للأمم المتحدة ومجلس الامن في مسعى لتدويل القضية واعادتها الى الشرعية الدولية، لم تنتج إلا مبادرة جديدة "الفرنسية" والتي لاقت ترحيبا من الفلسطينيين رغم علمهم المسبق أنها ستصل إلى ذات الطريق المسدود الذي وصلت إليه مبادرات أقوى ومن أطراف فاعلة أكثر كالولايات المتحدة الأمريكية.

 

اخبار ذات صلة