مقال: ولتشهد طائفة من الناس وليس كل الناس

مصطفى الصواف

السؤال الدارج على السنة الجمهور في قطاع غزة متى سيتم تنفيذ حكم الاعدام بحق القتلة والمجرمين ممن ارتكبوا جرائم قتل مع سبق الاصرار والترصد إما بهدف السرقة أو نتيجة خلافات مالية أو غيرها؟ وحتى تلك الجرائم التي ترتكب خلال المشاكل ما لم يعفو صاحب الدم عن القاتل أو تبين من خلال التحقيقات أن القتل لم يكن متعمدا من خلال الشهود والأدلة.

نعم، الردع مهم والثواب والعقاب مهم لأنهم قالوا:(من أمن العقاب أساء الادب)، وما استرخص المجرمون ارواح الناس إلا لقناعتهم أنهم لن ينالوا العقاب الرادع ويقولون: (الجزاء من جنس العمل)، (والقاتل يقتل)، وقبل كل ذلك ديننا الحنيف يوصينا بذلك، والقانون نص على ذلك في جرائم القتل والمحاكم اقرت احكام الاعدام على القتلة والجميع يدعو الى تطبيق القانون وتنفيذ الاحكام وبات الامر قضية رأي عام.

ولا اعتقد أن النائب العام ضد تطبيق هذه الاحكام بل هو يقر بذلك ويؤكد أن التوجه العام هو تطبيق القانون وتنفيذ قرارات الاعدام بحق القتلة والمجرمين حتى ينالوا عقاب ما اقترفوا، وحتى يعلم من لديه ميول نحو الجريمة بأن الاعدام ينتظره في نهاية الطريق فقد يتوقف ويرتدع؛ لأن الحياة غالية وليس من السهل التفريط بها، وقد يظن القتلة أنهم غير مُدركين أن بإمكانهم ارتكاب جريمتهم دون أن يتركوا أثر أو ما يدل عليهم فيرتكبون هذه الجرائم بعيدا عن أعين الناس والقانون ويعتقدون أنهم بذلك يفلتون من العقاب، ولكن كل مجرم مهما كان محترفا سيترك أثرا يوصل اليه، وعندها لن يكون أمامه إلا حبل المشنقة والذي سنراه في الايام القريبة ينصب لتنفيذ احكام الاعدام التي طال انتظارها بحق القتلة.

نريد أن يشهد عملية التنفيذ الناس ولكن ليس في الشوارع أو الساحات العامة أمام جمهور مفتوح، هذا امر لا نرى فيه حكمة ولا منطق، ولكن انتقاء جمهور من المجتمع معتبر من قانونيين وصحفيين ووجهاء ومن عامة الناس على أن يكون العدد محدودا والتنفيذ يتم في قاعة مغلقة بعد أن يستتاب القاتل ويطلب منه الصلاة بعد التطهر وأن يتوب ويستغفر ويندم على ما فعل عل الله سبحانه وتعالي أن يغفر له، وليس ذلك على الله ببعيد إذا أحسن هذا القاتل التوبة والاستغفار.

تنفيذ الاحكام سيُلقي بظلاله على المجتمع ويُظله بالرضا والاطمئنان، ويشيع الأمن والأمان بدل الخوف والقلق الآخذ يدب في صفوف الناس والناتج عن غياب تطبيق شرع الله وتطبيق القانون وإرساء قواعد العدل.

أتمنى على الجهات القضائية ألا تتعامل مع موضوع الاعدام من حيث المكان والزمان والحضور بعاطفية أو تحت ضغط المطلب الجماهيري بأن يكون حكم الاعدام في الساحات العامة؛ ولكن أن تشهد طائفة من الناس وليس كل الناس لاعتبارات كثيرة فالموضوع ليس سهلا ولن يكون هينا على آهالي القتلة وهم كرام لا ذنب لهم فيما ارتكبه أحد افراد اسرتهم من جريمة وهم بكل أمانة يرفضون مثل هذه الجرائم ويطالبون بالقصاص؛ ولكن أن يكون الامر أمام العامة وفي ساحات شعبية فهذا سيكون مؤذي لمشاعرهم وكرامتهم رغم رفضهم للجريمة.

المجرم ارتكب جريمته بعيدا عن أهله وليس بدافع منهم، وفي نفس الوقت نحن مجتمع صغير ومغلق وكلنا يعرف بعضه البعض ونعرف المجرم ونعرف أهله ونعرف موقفهم الرافض؛ ولكن في نهاية الأمر نحن بشر لنا أحاسيس فلا داعي المس بها عبر تنفيذ الاعدام في الساحات العامة، هناك اطفال وهناك نساء ربما حب الفضول يدفعهم لمشاهدة عملية الاعدام ظانين أن الامر يمكن أن يكون عليهم سهلا، ولكن قد يحدث للبعض صدمات وآلم ليس من السهل تناسيها وتصاحب النفس البشرية ربما مدى الحياة.

نعم، من حق المجتمع أن يشعر بالأمن والامان ومن حق المجتمع أن تنفذ الاحكام وأن يكون القصاص هو الساري على هؤلاء القتلة ولكن بعيدا عن التصوير وبعيدا عن كل المجتمع وإن شاهد طائفة منه فلا بأس.

البث المباشر