قائمة الموقع

الانتخابات المحلية فرصة للتوافق بعيدا عن ألغام السياسة

2016-05-26T10:18:50+03:00
غزة- شيماء مرزوق

تتراكم ملفات الانقسام الفلسطيني وتزداد صعوبة وتعقيداً في ختام السنوات العشر على أحداث العام 2007، ولم تفلح كل الاتفاقات التي وقعت بين الفصائل الفلسطينية على تجاوز هذه الأزمة، وحتى حكومة التوافق فقد شكلت خيبة أمل جديدة وانتكاسة لملف المصالحة.

وتلوح في الأفق فرصة قد تكون الأنسب حالياً للبدء بخطوات عملية على الأرض يمكنها أن تشكل حالة جديدة وتمهد لما بعدها وهي انتخابات الهيئات المحلية، والتي جرى لقاء بين رئيس الحكومة رامي الحمد الله ورئيس لجنة الانتخابات المركزية حنا ناصر، للتحضير لإجرائها في تشرين الأول/ أكتوبر من العام الجاري.

الجميع يدرك أن العقدة الأساسية في المصالحة هي في الجوانب السياسية، وتحديداً ما يتعلق بالبرامج والرؤى السياسية، لذا فإن التوافق حول الجوانب الخدماتية والاجتماعية والإنسانية وهي الأكثر تأثيراً على حياة المواطنين قد تحد من مظاهر الانقسام وتساعد على تهيئة الأجواء وإنجاز جانب هام وهو المصالحة الاجتماعية.

الكاتب والمحلل السياسي عصام شاور قال "نحن اليوم أقرب بكثير إلى تحقيق المصالحة والوحدة الوطنية، وقد تساعد هذه الأجواء على المشاركة في الانتخابات والتقدم خطوة نحو الوحدة الوطنية، وخاصة إن تنفيذ المصالحة رزمة واحدة أمر مستبعد جدًا، فلتكن المشاركة في انتخابات الهيئات المحلية في الضفة وغزة خطوة تمهيدية لخطوات إيجابية أخرى".

وتابع " طبيعة عمل الهيئات المحلية والتي هي خدماتية بالدرجة الأولى تفرض علينا التفكير بشكل مختلف عن انتخابات المجلس التشريعي والانتخابات الرئاسية، فالسنوات السابقة شهدت تدهوا في خدمات المجالس المحلية بسبب التفرد".

ملاحقة المرشحين

وبعيداً عن دور الانتخابات البلدية في تعزيز المصالحة، يبقى هناك معيقات قد تحول دون تنفيذها في الضفة والقطاع، أبرزها احتياج إجراءها إلى تهيئة أجواء من الحريات بحيث يسمح للمرشحين العمل بحرية وخوض الانتخابات دون ضغوط سياسية أو التعرض للاعتقال أو الملاحقة.

ومن الواضح أن الضفة الغربية بعيدة إلى حد كبير عن هذه الأجواء، حيث تجري اعتقالات يومية في كل مدن وقرى الضفة من الاحتلال والسلطة معاً ما يطرح تساؤل حول كيفية إجراء انتخابات في هذه الأجواء؟

وربما ستحاول حماس إيجاد مخرج من أزمة اعتقال مرشحيها من خلال اختيار وجوه جديدة وشخصيات تلقى قبولا من الكل الوطني.

وفي جانب آخر فإن انتخابات مجالس محلية يشارك فيها الكل الفلسطيني من ضمنها حركة حماس، من غير المتوقع ان يعيقها الاحتلال لكنها سترفع من حساسيته اتجاهها، خاصة إذا ما حققت الحركة فوزا كبيرا فيها، وهو ما سيعتبره مؤشرا على توجهات الشارع الفلسطيني في الضفة اتجاه المقاومة.

والجانب الأهم أن رئيس السلطة محمود عباس قد يعطل إجراء الانتخابات في حال أعلنت حماس مشاركتها، فهو لن يسمح بأن تحقق الحركة فوز كبير على فتح، التي خاضت الانتخابات السابقة قبل عامين دون منافسين ومنيت بهزيمة ساحقة أمام مرشحين مستقلين، لذا تخشى الحركة أن عباس سيعطل إجراءها في غزة في حال أعلنت حماس مشاركتها.

في المقابل فإن انعدام الثقة بين حركتي فتح وحماس ستجعل الأخيرة لديها شكوك ومخاوف من تزوير النتائج في حال جاءت لصالحها، خاصة أنه لديها تجارب سابقة، تحدث عنها د. محمود الزهار قائلا: إنه بعد ظهور نتائج الانتخابات البلدية عام 2005 التي فازت فيها حماس طلبت أطراف لم يذكرها "ألمح إلى أنها من الرئاسة" من القائمين على الانتخابات بحرق الصناديق.

وفي هذا السياق قال المحلل السياسي شاور "حتى تتشجع حركة حماس للمشاركة على الحكومة في الضفة أن تضمن أن تكون البيئة مناسبة للجميع والانتخابات نزيهة وأن تتعهد باحترام نتائجها مهما كانت وألا يتم استبدال المنتخبين بآخرين تعينهم وزارة الحكم المحلي كما حدث في السابق".

استفتاء شعبي

حماس لم تعلن موقفا رسميا حتى الآن حول مشاركتها في الانتخابات لكنها لم ترفض كما جرى في مرات سابقة، ما يشير إلى أن الأمر مطروح للنقاش، وقد تتجه الحركة نحو المشاركة فيها في كل من الضفة وغزة، وذلك نتيجة جملة من المتغيرات على رأسها وجود حكومة واحدة وان كانت لا تتحمل مسؤولياتها اتجاه قطاع غزة، لكنه يزيل الإشكالية التي واجهت انتخابات البلدية السابقة، التي جرت قبل عامين في الضفة الغربية فقط.

والأهم بالنسبة لحركة حماس أن مشاركتها في الانتخابات ستعتبر استفتاء جديدا على قوة شعبيتها، واصطفاف الشعب الفلسطيني خلف مشروعها، خاصة في الضفة الغربية، الأمر الذي سيعطيها المزيد من القوة في مواجهة المنتقدين لمشروعها المقاوم، كما أنه سيسمح للمواطنين بممارسة العملية الديمقراطية وتحريك الجمود الحاصل في الساحة الفلسطينية.

بدوره أكد مدير مؤسسة بال ثينك للدراسات الاستراتيجية عمر شعبان أن المجتمع الدولي سيدعم الانتخابات البلدية، وسيعمل بكل جهده على المساعدة في تنفيذها عبر توفير الإمكانيات المالية والدعم الفني والرقابة عليها.

وبين في مقال له أن قطاع البلديات هو الأقرب للناس من المسار السياسي ويفتح المجال للكثير من المؤسسات الدولية للعمل مع بلديات قطاع غزة في تنفيذ مشروعات بنية تحتية كبيرة بما يساهم في تخفيف الأوضاع الكارثية.

وقال شعبان " إجراء الانتخابات البلدية في كلا المنطقتين يشكل فرصة كبيرة يجب استغلالها لمواجهة تداعيات الانقسام والفصل، خاصة مع سهولة إنجازها مقارنة مع انتخابات المجلس التشريعي والرئاسة وبما يمهد لهما ويخلق أرضية مؤهلة لتنفيذهما".

وشدد على أن إجراء الانتخابات البلدية في محافظات الشمال فقط يعني أن حكومة الوفاق قد تخلت طوعا عن جزء من صلاحيتها، وسيؤكد أنها لا ترى نفسها حكومة للكل الفلسطيني.

اخبار ذات صلة