لا تُشير حالة حركة فتح الراهنة إلى استعدادها لانتخابات البلدية المقررة في الثامن من أكتوبر المقبل، لاسيما في ظل استمرار صراع قيادتها.
ومن الواضح أن عدم جهوزية "فتح" قد يدفعها إلى العمل على تعطيل الانتخابات عبر وضعها عديدا من الألغام في طريق الانتخابات لإفشال إجرائها في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
ويعتبر تشرذم وتفكك حركة فتح من أبرز الألغام التي تهدد العملية الانتخابية، لاسيما وأن دعوات قيادة فتح إلى تأجيل الانتخابات بدأت تتصاعد في الآونة الأخيرة، في ظل احتدام الخلاف الداخلي الذي وصل ذروته مع قرارات فصل قيادات بالحركة، وتشكيل لجنة لإجراء تحقيقات شاملة عن أعضائها كافة.
ويقود الصراع رئيس السلطة محمود عباس الذي يرفض أي مشاركة لغريمه السياسي المفصول من فتح محمد دحلان، ويعمل بقوة على محاربة تياره داخل الحركة، وفصل أي "متجنح" يُبدي ولاءه لدحلان، ومن ذلك فصل أربعة قيادات من الحركة على رأسها النائب نجاة أبو بكر وثلاثة آخرين من غزة، ما حذا بكوادر فتح في محافظة خانيونس إلى تقديم استقالتهم بشكل جماعي احتجاجاً على هذا القرار.
بينما يعتبر اللغم الثاني والأكثر فتكاً بالعملية الانتخابية، هو سطوة أجهزة أمن السلطة بالضفة المحتلة والتي بدأت تتجهز لإفساد الانتخابات عبر جملة الاعتقالات والاستدعاءات التي شنتها في صفوف أنصار حماس مؤخرا، ضمن مسلسل باتت فصوله معروفة ومتوقعة قبيل مواسم الانتخابات التي تشارك فيها حماس، وإن كانت انتخابات ذات طابع نقابي أو خدماتي أو سياسي على حد سواء.
ويكمن التخوف الأكبر في تدخل تلك الأجهزة بالعملية الانتخابية من خلال منع إجرائها في بعض محافظات الضفة، كما جرى في انتخابات البلدية السابقة عام 2005؛ خشية فوز حركة حماس فيها.
فيما ويعتبر تراجع رئيس السلطة عباس عن قراره بإجراء انتخابات البلدية، لغما ثالثا قد ينسف طريق العملية الديمقراطية، على اعتبار أن الحديث عن ضرورة تأجيل الانتخابات المحلية بدأ يتزايد، الأمر الذي يعكس ربما تغييرا في تقدير الموقف لدى قيادة السلطة، فبعد أن أيّد أبو مازن الخطوة يبدو أنه بدأ يستشعر أنها تحمل عواقب غير مرغوبة.
وكان النائب عن كتلة فتح جمال الطيراوي قال، إنه يجب على القيادة الفلسطينية تأجيل الانتخابات البلدية؛ "لأن الظروف السياسية والأمنية الراهنة غير مناسبة لإجراء هذه الانتخابات".
تهديد حقيقي
ويؤكد البرفيسور عبد الستار قاسم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية بنابلس، أن تلك العوامل تشكل تهديدا حقيقيا قد يعطل إجراء الانتخابات المزمع عقدها في الثامن من شهر أكتوبر المقبل.
ويتوقع قاسم في حديثه لـ"الرسالة" أن تلجأ السلطة إلى تأجيل الانتخابات، في ظل عدم قدرة حركة فتح على تشكيل قائمة موحدة بسبب صراعها الداخلي والمنافسة "غير الشريفة"، بالإضافة إلى تفاجئها بمشاركة حماس في الانتخابات.
ويضيف "لو كانوا يعرفون أن حماس ستخوض الانتخابات لما أعلنوا عنها، لكن هم يحاولون الآن معرفة المناخ العام في الضفة الغربية وغزة فيما إذا كان يميل لصالحهم في حال أُجريت انتخابات تشريعية ورئاسية لكن الواضح أن المشهد مختلف ووجدوا أنفسهم مهزوزين أمام انتخابات البلدية".
ترويج لفشل الانتخابات
وهو ما ذهب إليه الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون والذي أكد أن حركة فتح بدأت تروج لفشل الانتخابات والدعوة إلى ضرورة تأجيلها على لسان قادتها؛ بذريعة أن البيئة في الضفة وغزة غير ملائمة والتوقيت الراهن غير مناسب.
لكن المدهون استبعد في حديثه لـ"الرسالة" أن يتم تأجيل الانتخابات في الوقت الحالي، مرجعا ذلك إلى التداعيات الخطيرة التي ستترتب عليها، لاسيما وأن الدعوة إلي إجرائها جاء بضغوط أوروبية. وأشار إلى أن أجهزة السلطة ستحاول تعكير الأجواء في الضفة المحتلة دون الإعلان عن تأجيلها في الوقت الراهن.
وعلى كل الأحوال يمكن القول إن حركة فتح أمام اختبار حقيقي حول مدى جديتها في المضي نحو الانتخابات المحلية باعتبارها استحقاق ديمقراطي وطني تأخر كثيراً.