يزداد الحديث الإسرائيلي على المستويين الأمني والسياسي عن خشية تصاعد عمليات انتفاضة القدس خلال شهر رمضان المرتقب، وذلك انطلاقاً من دوافع دينية لدى الشباب الفلسطيني في الضفة والقدس والداخل المُحتل.
هذه المخاوف ترجمتها صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية حين نقلت عن مصادر بجيش الاحتلال، بأن شهر رمضان مناسبة يستغلها الشبان الفلسطينيون لتنفيذ عمليات جديدة، وقالت الصحيفة:" إن شهر رمضان الذي بات على الأبواب سيشكل مناسبة لزيادة التحريض الفلسطيني على تنفيذ المزيد من الهجمات ضد الإسرائيليين عبر المساجد وشبكات التواصل الاجتماعي"، وفق تعبيرها.
وذكرت صحيفة "إسرائيل اليوم" في تقرير لها، أن الخطة التي ينوي الاحتلال تنفيذها في الضفة لتخفيف الإجراءات الأمنية المشددة على الحواجز المنتشرة "لن يكون تنفيذها أمرا سهلا بسبب أنه لا يمكن القول إن الانتفاضة التي أطلقها الشبان مطلع أكتوبر الماضي قد انتهت، وبالتالي فإن الأخطار التي تحسب لها الأجهزة الأمنية ألف حساب لم تنته بعد".
وأشارت الصحيفة إلى الخطاب الذي أسمته بـ"التحريضي" الذي تنتهجه وسائل الإعلام التابعة لحركتي حماس والجهاد الإسلامي، بحسب زعمها، مبينة أنها "لم تنتظر حلول شهر رمضان وبدأت بتأليب مشاعر الشبان الفلسطينيين وتحريضهم على تنفيذ العمليات خلال شهر الصيام باعتباره شهر المعارك المشهورة التي انتصر فيها المسلمون".
وتظهر المعطيات أنه مقابل 59 عملية هجومية في سبتمبر/أيلول 2015 وقعت 41 عملية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي قبل أن تتراجع شيئا فشيئا لتصل إلى خمس فقط في أبريل/نيسان الماضي، مع العلم أن شهر مايو/أيار الماضي شهد ارتفاعا ملحوظا في عدد العمليات الفلسطينية، خاصة في مدينة القدس المحتلة.
وأشار تقرير الصحيفة إلى تنفيذ 248 عملية مهمة غير عمليات الرشق بالحجارة والزجاجات الحارقة، خلال الشهور السبعة الماضية، نجح منها 204 عمليات في حين تم إحباط 45 أخرى، بينها 144 عملية طعن و28 عملية دعس و19 عملية إطلاق نار، وقد أسفرت عمليات إطلاق النار عن مقتل 16 إسرائيليا من بين 35 قتيلا سقطوا خلال الشهور السبعة الماضية.
الروح الثورية
ويؤكد عمر جعارة المختص بالشأن الإسرائيلي أن "إسرائيل" تفهم طبيعة الشعب الفلسطيني جيداً، وطبيعة الإنسان المُسلم، وهي تعلم أن الفكر والإيمان والروح الثورية تتصاعد في شهر رمضان المُبارك. وقال جعارة في تصريح لـ"الرسالة": "إسرائيل تخشى شهر رمضان، وتقوم بالمناورات استعداداً لسيناريو تصاعد الانتفاضة خلاله، فهي تعلم جيداً أن أعظم الغزوات والفتوحات تمت في هذا الشهر". وأوضح أن العمليتين الأخيرتين في تل الربيع وبئر السبع، إذا ما تم تشخصيهما سنجدهما يندرجان ضمن هذا السياق، مضيفاً أن "سلطات الاحتلال تحسب كل شيء، وهي من دقة العقلية الأمنية الإسرائيلية".
وحول خيارات الاحتلال لمنع العمليات المتوقعة، أشار جعارة أن الاحتلال لا يملك شيئاً لمنع هذه العمليات، وأن العاصفة والزوبعة الإعلامية التي رافقت قدوم المتطرف ليبرمان لوزارة الحرب لا قيمة لها، فهو لا يملك شيئاً. وتابع: "ليبرمان بدّل جِلده، وانتقل من زاوية إلى زاوية، واختلف بشكل تام مع قدومه للوزارة، حتى أن المذيعة الإسرائيلية في القناة العاشرة تساءلت: لماذا ينتخب الشعب الإسرائيلي كذابين؟!". وأوضح أن ليبرمان لن يفعل شيئاً، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو المتنفذ وقائد جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يملك الأمر، والذي يحكم ليبرمان وغيره من أعضاء الحكومة.
تجربة سابقة
من جهته، أكد باسم الزعارير النائب في المجلس التشريعي عن الضفة المحتلة، أن خشية الاحتلال من تصاعد عمليات انتفاضة القدس خلال شهر رمضان المبارك نابعة عن تجربة سابقة، وأن هذا الشهر أصبح موسماً للمقاومة الفلسطينية نظراً لخصائصه الروحانية.
وقال الزعارير في تصريح خاص لـ"الرسالة": "شهر رمضان شهر الطاعة وفيه تزداد الروحانيات والقرب العاطفي من المقدسات الإسلامية، وبالتالي فإن تصاعد العمليات الفدائية أمر طبيعي، وفي معظم السنين التي مرت كان رمضان حافلاً بذلك".
وأوضح أن إسرائيل لا تستطيع أن تتصرف بشكل حاسم لمنع العمليات المُحتملة، وذلك لأن العمليات الفردية نابعة من داخل أشخاص ولا صلة تنظيمية بذلك، في حين أن جهد الاحتلال يتركز على الخلايا التنظيمية. وأشار الزعارير إلى أن الاحتلال ليس لديه طريقة للتعامل مع الواقع سوى بالقتل والاعتقال والبطش، لافتاً إلى أن الشعب الفلسطيني عازم على تحقيق أهداف انتفاضته رغم ويلات الاحتلال.