لا تتوقف محاولات جيش الاحتلال "الإسرائيلي" لاستعادة هيبته الضائعة على أعتاب قطاع غزة، لاسيما بعد فرض المقاومة الفلسطينية معادلة جديدة، مفادها أن اجتياز حدود القطاع ولو لأمتار قليلة سيكلف الاحتلال ثمناً باهضاً.
ويحاول جيش الاحتلال من خلال تحرشه بحدود غزة التظاهر بأنه لا يزال صاحب القرار والكلمة العليا، إلا أنه يناور في مساحة محدودة وسرعان ما يتراجع خوفاً من تكرار ما جرى له مؤخراً على يد المقاومة.
وتوغل عدد من الآليات "الإسرائيلية"، مؤخراً، لمسافة محدودة جنوب وشمال قطاع غزة، حيث شرعت بعمليات تجريف بمحاذاة السياج الفاصل وما لبثت انسحبت من المكان.
محاولة تضييق
وليس على البر فقط، بل إن الاحتلال يناور بحراً من خلال تضييقه على الصيادين الفلسطينيين، بعد أن تراجع عن قراره بزيادة مساحة الصيد من 6 أميال إلى 9 أميال في بحر غزة، ابتداء من 5 يونيو المقبل.
وقال نزار عايش نقيب الصيادين الفلسطينيين في قطاع غزة: "الاحتلال أبلغنا أن فترة زيادة المساحة كانت اختبارا وفي وقت موسم، والآن سيتم ايقاف القرار مؤقتاً على أن يتم إعادة النظر فيه بعد شهر رمضان".
وكانت سلطات الاحتلال قد سمحت بزيادة مساحة الصيد من وسط قطاع غزة وحتى جنوبه من 6 إلى 9 أميال، واستثنت منطقة غزة والشمال من الزيادة.
ضغط معنوي
ويرى مراقبون أن تلك التحرشات تأتي في إطار السعي لاستعادة بعض من الهيبة التي فقدها الاحتلال على أطراف غزة، فيما رأى آخرون أنها محاولة لفرض ضغط معنوي وابتزاز على القطاع المحاصر.
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون، أن انزعاج الاحتلال من قدرة المقاومة على فرض مجموعة من المعادلات وقدرتها على تحديه، هو ما يدفعه لمناوشة غزة، محاولاً تغيير الصورة التي تدلل على ضعفه.
وأوضح المدهون في حديثه لـ"الرسالة" أن الاحتلال يحاول توسعة اعتداءاته وانتهاكاته كي يختبر نوايا المقاومة وجهوزيتها، خصوصا وأنه يدرك أن قوة المقاومة تزداد وتتعاظم بعد فرضها وقائع جديدة عليه.
فرض سيطرة
ويتفق المختص في الشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر مع سابقه، مبيناً أن الاحتلال يحاول العودة لسياسته المتبعة في الهيمنة وفرض السيطرة لترميم الردع "الاسرائيلي".
وأشار إلى أن جيش الاحتلال يحاول التحرك في مناطق "رخوة" حيث يدرك أن هذه التحركات لا يمكن أن تكون سببا في تفجير الموقف، ويشرع في اعتداءاته، في إطار الضغط المعنوي والنفسي على المقاومة لابتزازها سياسيا وجعلها في دائرة رد الفعل وليس المبادرة.
ولفت أبو عامر في حديثه لـ"الرسالة" إلى أن سياسة ضبط النفس التي تتبعها المقاومة حيال تلك الانتهاكات قد لا تدوم طويلاً، ولن تسمح للاحتلال بفرض واقع جديد، بعد أن نجحت الأولى في منع فرض واقع عليها.
وبالعودة إلى المدهون فقد أكد أن استمرار الاحتلال في سياسته الحالية قد تدفع المقاومة لاستهداف الآليات "الإسرائيلية" بشكل مباشر، بخلاف المرحلة السابقة التي كانت معظم استهدافات المقاومة "تحذيرية".
ويمكن القول إن تطور المقاومة وتعاظمها يغيظ الاحتلال ويدفعه إلى مناوشة غزة من أجل استفزازها وإعاقة تجهيزاتها وترميم قدراتها.