اليوم الإثنين، أكتب ولم تثبت بعد رؤية شهر رمضان، فإن لم يكن اليوم فهو بكل تأكيد الثلاثاء، ويصعب أن يغمرنا شهر رمضان بنفحاته دون ان نستهل فيه كتابة أول مقال في بداية هذا الشهر الفضيل ونكتب فيه ما يقدر لنا الله ان نكتب، وهي مناسبة كريمة انتظرناها منذ ان غادرنا رمضان العام الماضي ودعونا الله أن يبلغنا رمضان وها نحن نعد الساعات حتى نسعد بهذا الشهر ونفحاته الايمانية نشحن فيه ارواحنا بطاقة الصبر والاحتمال والتحمل في ظل اوضاع صعبة ولكنها مقدمة لفرج قريب.
رمضان له طعم مختلف عن بقية أيام السنة، ولكنه شهر فيه الرحمات تتنزل والكرامات لا حصر لها، هو شهر القرآن الذي تنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، هو شهر الانتصارات، اعظم به من شهر، هو شهر الأرحام فلنكثف فيه من زيارة أرحامنا على أن يكون إماما لكل شهور السنة في صلة الارحام حتى لا تكون صلة أرحامنا موسمية رمضانية بل نحرص أن تكون كل شهور السنة رمضان في صلة الأرحام، لا أن نفعل كما يفعل بعض الناس فتجده يصلي في المسجد في شهر رمضان وبعد رمضان يصلي نعم؛ ولكن في البيت أو في العمل، وآخرون لا يصلون إلا في رمضان ويهجر الصلاة في بقية العام.
ربُ رمضان هو ربُ الشهور كلها، وما فرضه الله في رمضان فرضه في كل الشهور وإن خص الله رمضان بالصيام وصدقة الفطر، صحيح أن الأجور في رمضان تتضاعف ولكن الله يضاعف الأجور وصالح الاعمال في كل الاوقات؛ ولكن الله خص شهر رمضان دون الشهور، وخص يوم الجمعة دون الايام، وخص الاثنين والخميس بان ترفع فيهما الاعمال إلى الله وهكذا لله في خلقه شئون والأيام والشهور هي من خلق الله ميز بعضها على بعض.
الله عليك أيها الانسان يأتيك الخير طوعا وتعرض عنه وتهرب منه، ويلحق بك فتغرب عنه، يا لك من ظالم لنفسك، يعقل ما تفعله؟، ما بك؟، اين الحكمة؟ اين العقل؟ فرص تأتيك للتوبة فتعرض عنها دون ان تكلفك مغرما او جهدا في البحث عنها وفكر قليلا قبل الهروب منها، اليوم يهل عليك شهر رمضان، اقبل عليه ولا تهرب استثمره واعزم على مواصلة الاعمال الصالحات ففيها خير الدنيا والآخرة، جرب نفسك فيه لن تخسر شيئا، ولن تكلفك التجربة كثيرا فقط المطلوب شحذ الهمم، وتوفر الارادة، واستحضار النية والتي لا يصح العمل دونها وجميعه متوفر عندك وقريب منك وبين يديك، جرب وستجد الخير بين يديك يسعى، وعندها ستقول اين انا؟ اين كنت؟ لماذا غابت عقلي كل هذه السنين؟ يا الله اغفر لي وساعدني وعندها ستجد الله عندك يقبل توبتك ويساعدك على ذلك ويفرح بك وانت عائد، هل ستجرب؟ انا على يقين أنك ستسير في الطريق، نعم ستجد فيها اشواك وسيعترضك رفاق السوء اعرض عنهم وتذكر ان في اعراضك عنهم والسير في طريق الهداية تنتظرك جنة عرضها السماوات والارض اعدت للمتقين.
كل عام وأنتم بخير، كل عام وفلسطين بخير، كل عام والاقصى بخير، ونرجو الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا من عواده هذا الشهر الفضيل وان يعيننا على الصيام والقيام وصالح الاعمال، وان نراكم جميعا تتقدمون الصفوف الاولى في صلاة التراويح وفي كل الصلوات.