لم تجد عائلة الشهيد عمر النايف، خيارًا آخر دون دفن جثمانه، بعد ثلاثة أشهر من الصراع خاضته العائلة في سبيل معرفة قتلته، ولكنها محاولة بائت بالفشل أمام جدار المنع والصد الثلاثي من بلغاريا والسلطة الفلسطينية واسرائيل، تلك الأطراف التي حالت دون معرفة الحقيقة ودفنت قضية النايف، بحسب عائلة الشهيد.
وأصرت عائلة الشهيد طيلة الأشهر الثلاثة، عدم استلام جثمانه قبل تشريحه لمعرفة حقيقة ملابسات اغتياله، الأمر الذي ترفضه السلطات البلغارية بتواطؤ من السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، وذلك لدفن قضية النايف وتقييد الجريمة باسم مجهول.
وتؤكد عائلة النايف ومن خلفها الجبهة الشعبية، وجود اتفاق بين الأطراف الثلاثة لإخفاء معالم الجريمة، في ظل تلكؤ اللجان التي شكلتها السلطة للوصول الى نتائج في عملية التحقيق وتسليم تقريرها حول عملية الاغتيال، بل حتى وتجاهلها للتحقيق مع شخصيات متورطة من بين موظفي السفارة في الطاقمين الأمني والسياسي.
زوجة النايف: اتفاق بين السلطة والاحتلال وبلغاريا لدفن قضية زوجي
وبحسب رانيا النايف زوجة الشهيد عمر، فإن السلطة الفلسطينية دفنن قضية زوجها، من خلال التأخير والمماطلة في عملية التحقيق، ومضت تقول في تصريح خاص لـ"الرسالة نت": "هناك اتفاق بين السلطة وبلغاريا و"إسرائيل"، لدفن قضية اغتيال "عمر" وعدم إظهار نتائجها، وذلك لإخفاء معالم الجريمة وعدم توريط أنفسهم فيها"، مشيرة إلى أن لجنة التحقيق التابعة للسلطة غادرت بلغاريا دون تسليم أي تقرير حول اغتياله.
وأشارت إلى أن اللجنة أبلغتها بأن صدور التقرير سيستغرق شهرين وربما أكثر، معتبرة ذلك "دليل على وجود تعمد في التسويف"، مجددة تأكيدها على أن جريمة اغتيال زوجها ناجمة عن صفقة تمت بين السلطة و"إسرائيل" وبلغاريا وبطريقة مدروسة بين الأطراف الثلاثة، للتخلص منه، مقابل حصول السلطة على الأموال.
ونبهت النايف إلى أن السلطة تعمل على تصدير رواية أن زوجها انتحر، لتخليص نفسها من الجريمة التي تورطت فيها، و"تحاول أن تسوف في الوقت لكي تضمن تغير ملامح الشهيد وعدم المقدرة على فحص جثته".
أمّا الجبهة الشعبية، فقد أكّد هاني الثوابتة عضو اللجنة المركزية للجبهة، أن السلطة الفلسطينية ماطلت في عملية التحقيق بمقتل الرفيق عمر النايف طيلة الأشهر الثلاثة.
وقال الثوابتة لـ "الرسالة نت"، إن السلطة تعمل على إطالة الوقت وتسويف التحقيقات لـ "قتل القضية" على غرار ما فعلته في التحقيق باغتيال الشهيد ياسر عرفات. وأضاف: "من الواضح أنها غير معنية بالوصول إلى الحقيقة حول المتورطين في عملية اغتيال عمر".
وأشار الثوابتة إلى أن المتهمين في التقصير بحماية النايف من الجهات الأمنية والسياسية في السفارة ببلغاريا لا يزالون طلقاء ويمارسون مهامهم ويتمتعون بامتيازاتهم، ولم يتعرضوا لأي عقوبات، وكان يفترض أن يتم عزلهم ومحاسبتهم.
ولفت إلى أنّ الجبهة أعطت فرصة للجنة التي تحقق باغتيال النايف، وهي بانتظار التقرير النهائي، "وإن لم تنجز فإن الجبهة ستعلن انسحابها، وهي قادرة على اتخاذ القرارات المناسبة في قضية النايف ومحاسبة الجناة".
الشعبية: السلطة تكرر سيناريو عرفات في قضية النايف
واعتبر أن الإطالة في تقديم التقرير، مؤشر على عملية التسويف التي تتعمد وزارة الخارجية التابعة للسلطة القيام بها. وتابع القيادي في الجبهة الشعبية: "وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي حاول حرف مسار التحقيقات في الجلسة الأولى للجنة التحقيق السابقة"، لافتًا إلى حجم الضغوط التي تعرض لها النايف من أمن ومسؤولي السفارة قبل اغتياله لإجباره على تسليم نفسه ومغادرة المقر.
واستطرد أن السلطة حاولت من اللحظة الأولى الادعاء بأن الشهيد قد انتحر، رغم أن صوره تظهر تعرضه لعملية عنف واغتيال حقيقية، منبهاً إلى وجود تقصير كبير لدى السفارة وصل إلى حد أن مفاتيحها مع العاملات في شركة نظافة كانت متعهدة لدى السفارة، في ظل وجود النايف داخل المقر، وهو دليل على مدى "التهاون الأمني من طاقم السفارة".
وشدد ثوابتة على أن قضية عمر لن تدفن والجبهة ستثأر ممن يثبت تورطه في عملية اغتياله.
يذكر أن جيش الاحتلال اعتقل النايف عام 1986 بتهمة قتل "إسرائيلي"، وحكم عليه بالسجن المؤبد، لكنه تمكن من الفرار من السجن عام 1990، واستقر في بلغاريا. وقبل اغتياله بأسابيع طالبت "إسرائيل" السلطات البلغارية بتسليمه، مما دفعه إلى اللجوء للإقامة داخل سفارة بلاده في صوفيا، لكن تمّ اغتياله في السادس والعشرين من فبراير العام الجاري.