قائمة الموقع

مناسك المصالحة.. صوم عن الانقسام وتتويج بملابس الإحرام

2016-06-13T08:02:39+03:00
هنية ومشعل وعباس في الحرم
الرسالة نت -شيماء مرزوق

"إما أن نجركم لمربع التسوية أو تأخذونا لمربع المقاومة" مقولة أحد قيادات حركة فتح لقيادة حركة حماس بعد توقيع اتفاق مكة في فبراير 2007، لم تكن بحاجة لقرابة العقد لإثبات أنها بعيدة عن الواقع، فالعلاقة بين الحركتين معقدة للغاية فمن ناحية التباين في البرامج والوسائل يجعل إمكانية التوافق بينهما شبه معدومة، لكن من ناحية أخرى الأهداف المشتركة يمكنها أن تسمح بوجود حد أدنى من القواسم المشتركة.

قرابة العقد مضى على التدخل السعودي الأقوى لتحقيق الوحدة الفلسطينية لكن انهيار الاتفاق بعد أربعة أشهر فقط جعل السعودية ترفع يدها عن الملف وتتجنب التدخل فيه، قبل أن تجد نفسها اليوم ومن خلفها عدة دول عربية مجبرة على التعاطي مع الملفات الفلسطينية التي أهملتها طويلاً للانطلاق منها إلى باقي ملفات المنطقة.

ويبدو أن الرياض باتت مقتنعة بأن حماس يجب أن تكون جزءا من الاصطفاف العربي في المنطقة الذي تقوده المملكة، لذا فهي تضغط بقوة على مصر لتحسين علاقتها بالحركة والتوصل إلى اتفاق مصالحة ينهي الخلافات الفلسطينية الداخلية، تمهيداً لترتيب البيت الفلسطيني في مرحلة ما بعد الرئيس محمود عباس.

وقد اتضحت هذه الضغوط من خلال دعوة مصر لحركة حماس لزيارة القاهرة ولقاء وفد من حركة فتح للتباحث حول المصالحة، في حين سيعقد اجتماع مماثل في الدوحة قبل الانتقال إلى السعودية.

وبحسب ما تسرب من معلومات فإن الجهود المصرية جاءت نتيجة طلب "سعودي" وكذلك استئناف المباحثات في الدوحة بالتنسيق مع المملكة والقاهرة، ما يعني أن مناسك المصالحة ستبدأ في القاهرة مروراً بالدوحة لتنتهي بالتتويج في مكة المكرمة بملابس الاحرام.

وبحسب الجنرال السعودي "أنور عشقي" فإنه في منتصف شهر رمضان سوف يتم إعلان مصالحة بين فتح وحماس، موضحاً أن هناك حراكا يجري حاليا ووفودا تتنقل بين قطر والسعودية ومصر وأن الاجتماع النهائي سيكون في السعودية في منتصف شهر رمضان المبارك.

وأكد عشقي في تصريحات صحفية أن السعودية تهتم بالقضية الفلسطينية، موضحاً أن هناك دولا عربية مثل مصر والسعودية وقطر بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي تبذل جهوداً في إطار سري لتحقيق المصالحة بين فتح وحماس، موضحاً أن المشاورات تجري حاليا في وضع من التكتم.

المصالحة الفلسطينية مرت بعدة مراحل مهمة تدرج الحديث خلالها من خمسة ملفات رئيسية كانت تصطدم مساعي حركة حماس لتطبيقهم بالتوازي برفض فتح وطلبها التطبيق تدريجاً، حتى أدرك الجميع أن تطبيق كل الملفات المتفق عليها مهمة شبه مستحيلة، وأن تأجيل بعض الملفات الملتهبة مثل الأجهزة الأمنية ومنظمة التحرير والبرنامج السياسي هو الحل الأمثل.

واستناداً لما سبق فإن الحديث يدور عن بدء حلحلة ملفات المصالحة في بعض القضايا العاجلة مثل أزمة الموظفين وحكومة التوافق وإجراء الانتخابات، ومن ثم التمهيد لحل باقي الملفات الشائكة.

ولا يمكن إغفال أن تعطل المصالحة طوال السنوات السابقة لم يكن نتيجة خلل في الاتفاقات وإنما لغياب الإرادة في المصالحة، خاصة من قبل الرئيس عباس الذي قاد حرب إقصاء قوية ضد حركة حماس في الضفة وشارك بشكل رئيسي في فرض الحصار عليها في غزة، لذا فإن المخاوف من تعطيل قرار المصالحة لا تزال قائمة.

ويرى البعض أن أبو مازن قد يتجه نحو تحريك بعض ملفات المصالحة في الوقت الراهن كمهرب من أزمته الداخلية مع حركة فتح التي تشهد خلافات حادة وغضب عارم على الحالة التي وصلت إليها نتيجة سياسات رئيسها.

وربما الرابط المشترك بين جميع الجهات الإقليمية الدافعة نحو المصالحة حالياً "وللمفارقة هي ذات الأطراف المعطلة سابقاً"، والمقصود هنا "السعودية -مصر-الأردن- الإمارات" إلى جانب فتح وحماس هو إدراك الجميع أن المرحلة الحالية انتقالية، ولها ما بعدها، لذا فإن الجميع يحاول تمريرها بأقل الخسائر وحجز مقاعدهم في المرحلة المقبلة.

فمن ناحية تدرك الدول العربية انه من الصعب فرض رئيس فلسطيني جديد دون توافق مع حماس التي يجب أن تمنحه شرعية توافقية تمكنه من قيادة الحالة الفلسطينية المعقدة، كما أن الرئيس القادم يجب أن يظهر كرئيس قوي قادر على قيادة أراضي السلطة الفلسطينية بما فيها قطاع غزة.

في المقابل فإن حماس فهمت انه لا يمكن تولي عزيز دويك رئيس المجلس التشريعي الرئاسة في حال غياب عباس كما ينص القانون، لذا فهي ستوافق على الأغلب على مرشح فتحاوي عبر توافق وطني، من خلال اعتماده إلى جانب اللجنة التنفيذية من "الإطار القيادي المؤقت" الذي يشمل حركة حماس والجهاد الإسلامي، ما يضمن للحركة تعزيز مكانتها ودخولها بقوة إلى منظمة التحرير وهو ما تطمح إليه منذ فترة.

وتخشى فتح من الثمن الذي ستطلبه حماس لمنح الشرعية لأي رئيس فتحاوي قادم، كما تزيد مخاوفها من أن توزيع تركة أبو مازن قد يسمح لحماس باللعب على وتر الخلافات الفتحاوية الداخلية، في الوقت الذي سيشكل فيه دخول حماس لمنظمة التحرير ضربا لحالة الاستفراد الفتحاوية بالقرار الفلسطيني.

ومما لا شك فيه بأن حالة الانقسام والمصالحة كانت صورة مصغرة للحالة العربية ومرهونة بالمتغيرات على المستوى الإقليمي، لذا فإنه من الصعب القول إن اتفاقا جديدا سيشكل مخرجاً للفلسطينيين من الأزمة، خاصة أن الاتفاق بين الفرقاء جاهز منذ سنوات وما يعيقه التنفيذ فقط.

اخبار ذات صلة