وصف العقيد الأميركي المتقاعد أنتوني دين الإعلان عن تحرير مدينة الفلوجة العراقية بالأمر المعيب، وقال في مقال بمجلة فورين بوليسي الأميركية إن القوات الأميركية سبق أن خططت لإلحاق الهزيمة بتنظيم القاعدة، لكن "النتائج كانت وخيمة، ويبدو أن الحكومة العراقية تتجاهل كل الدروس التي تعلمناها".
وقال العقيد -الذي اشترك في عمليات درع الصحراء وعاصفة الصحراء وحرب كوسوفو وحرب تحرير العراق وتمركزت كتيبته في الرمادي- إن العراق "يحتاج لأن يتعلم الدروس من الحقبة السابقة التي كنا فيها نحاول إلحاق الهزيمة بتنظيم القاعدة" في محافظة الأنبار (غربي العراق).
وأضاف أن على الحكومة العراقية أخذ العبرة مما جرى لمدينة الرمادي التي أصبحت خاوية على عروشها، فهل نقوم بتدمير المدن وتحويلها إلى أنقاض ونقول إننا حررناها؟ ففي حال الرمادي اشتركت القوات العراقية وبعض مقاتلي العشائر والحشد الشعبي الشيعي بمساندة أميركية جوية لاستعادتها من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية.
ويقول لكن الرمادي التي يقطنها نحو أربعمئة ألف نسمة أصبحت دمارا من أجل أن نقول إننا حررناها، إن الفلوجة الآن تواجه المصير نفسه، فالقوات العراقية توغلت في المدينة نهاية الأسبوع الماضي، لكننا نسمع عن تعرض المدنيين لانتهاكات وحشية وفظائع على أيدي المليشيات الشيعية وتنظيم الدولة.
دروس وعبر
واقترح العقيد دين دروسا قال إنه ينبغي للحكومة العراقية فهمها والاستفادة منها، وأوضح أن قتل قادة المجموعات الإرهابية لا يعد سوى حل مؤقت، ففي الوقت الذي تولت فيه كتيبته المسؤولية في غربي الرمادي في 2006، تمكنت قوات التحالف من قتل أمير القاعدة في العراق أبو مصعب الزرقاوي بغارة جوية.
"لكن قتلنا الزرقاوي أدى إلى توافد الجهاديين من شتى أنحاء العالم إلى العراق، وإغراقه في مزيد من الفوضى".
وأضاف أن الدرس الثاني "يتمثل في أنه قبل أن نتمكن من إحلال السلام، فيجب أن تكون هناك حلول سياسية للأزمة"، وأوضح أن القوات الأميركية تعاونت مع القادة المحليين في الرمادي بعد تحريرها وتمكنت من تحويلها من أخطر منطقة في العالم إلى منطقة آمنة في غضون عام.
لكن رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي قام بتحطيم كل الآمال التي عقدناها على السلام في المنطقة، فقد قام المالكي بعد انسحاب القوات الأميركية في 2011 باستعداء الأقلية السنية واستعداء نائب الرئيس العراقي السني طارق الهاشمي وتطهير الزعماء السنة من المناصب العسكرية والحكومية وإرسال الجيش العراقي إلى منطقة الأنبار.
وأوضح العقيد الأميركي أن ظهور تنظيم الدولة جاء كنتيجة للقرارات المشؤومة التي اتخذها المالكي خلال تلك لفترة.
وأما الدرس الثالث- حسب العقيد دين - فيتمثل في أن تحقيق الاستقرار في العراق يعد التزاما طويل المدى، وأن مشاكل العراق لا تحل حسب المسار الزمني للانتخابات الأميركية، فنحن نشن هجمات متقطعة على العراق منذ أكثر من 25 عاما، بدءا من عاصفة الصحراء.
وقال إن إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة الإسلامية يعدّ هدفا نبيلا، وتساءل: لكن ماذا سيحدث بعد ذلك؟ فالعراق الواقع تحت النفوذ الإيراني يعد أرضا خصبة للجهاد السني، مما يساعد على إشعال حرب طائفية بين السنة والشيعة في المنطقة برمتها.
الجزيرة نت