مقال: فلنحيي ثقافة العفو والتسامح بيننا

مصطفى الصواف
مصطفى الصواف

مصطفى الصواف

لفت انتباهي بشكل يومي في ملحق رمضان لهذا العام في صحيفة فلسطين على الصفحة الأخيرة منه قيمة من قيم ديننا الحنيف تراجعت إلى الوراء كثيرا وهي قيمة العفو والتسامح رغم الملاحظات الكثيرة على الملحق ولكن اقولها للحق يوميا احرص على قراءة هذه الجزئية المهمة من الملحق لأنها تعزيز قيمة وخلق إسلامي رفيع ما أحوجنا اليه اليوم بعد أن قست القلوب وطغت الماديات على حياتنا اليومية، وبتنا نبحث عن خلق الاسلام وقيمه الثرية التي تجعل الحياة اكثر حيوية، وتؤكد أن الخير لا ينقطع مهما اشتدت الأزمات والضيق وتشعرنا هذه القيم بالأمل وأن هناك إمكانية ان تعود روح السماحة والحب لتنتشر بيننا مما يشعرنا أن الحياة مع  قيم الإسلام أجمل وأرحب.

نعم العفو عند المقدرة قيمة عالية وخلق اسلامي عظيم نتمنى أن يسود حياتنا ، والتذكير بنماذج العفو التسامح والمغفرة هو تذكير بالخير وطرقه وهذه النماذج تعيد مرة أخرى التفكير في اتباع هذا الخلق الكريم الذي حثنا الله عليه " وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ".

هناك أمور تحتاج منا أن نكظم غيظنا بل ويتعدى الأمر كظم الغيظ رغم قساوة السبب والألم الذي يسببه في النفس وفي الحياة ولكن العفو هو من شيم الكرام ولا يقدر عليه إلا الكرام الذين فهموا معنى العفو كما اراده الله سبحانه وتعالي في أمور وقضايا لم تكن بنية السبق والإصرار عند وقوعها، ولكن تأتي قدرا من الله وابتلاء ليمحص قلوب الناس ويختبر صبرهم وإيمانهم بقدر الله الذي قدره لهم، لأن الإيمان بالقضاء والقدر ركن من اركان الإيمان.

نعم العفو والتسامح والمغفرة قيمة علينا أن ندعو لها ونشيعها بين الناس ونبين مكانتها واثرها على النسيج الاجتماعي بكافة السبل والإمكانيات حتى تأخذ مكانتها بين الناس ، بدلا من ثقافة الانتقام والثأر التي تتملك الكثيرين منا عند وقوم المصائب أو والآلام ، كالقتل الخطأ سواء عن طريق حوادث السير و خروج رصاصات طائشة أو غير ذلك مما هو شائع في مجتمعنا على ألا يكون القتل مرتكبا من أجل القتل فهذا أمر مختلف لأن فيه قتل من أجل القتل وهذا علاجه بالقصاص ، وفي كلا الأمرين تطبيق شرع الله هو الحل.

لقد قرأت نماذج في هذا الملحق تدلل على عظم خلق التسامح والعفو، هذا الخلق الإسلامي العظيم وأنا أقرأ كنت اصاب باهتزازات في جسدي وتكاد الدموع تتساقط من عيني ويعتريني الفرح عندما يكون العلاج بالعفو والتسامح ورفض العقاب ولو بالحبس المؤقت ويصر صاحب المصيبة ألا يبيت مرتكبه ولو ليلة واحدة في الحبس ويذهب بنفسه رغم عظم المصاب إلى مركز الشرطة ويخرج المتسبب ويتنازل عن حقه الشرعي وحتى في الدية ويتجاوز كل الإجراءات والتقاضي الشرطي أو القانوني وحتى العشائري.

هذه الأخلاق الإسلامية هي التي تسودنا بها الدنيا وهي التي لو عدنا اليها سيعود مجد الإسلام ليأخذ مكانه في هذه الدنيا ويكون لنا فيها مكان كما كان لأسلافنا من قبل عندما تخلقوا بخلق الإسلام العظيم كانوا هم العظماء، ولن تكون لنا مكانة بين الأمم إلا إذا عدنا اليها من جديد.

شكرا على هذه اللفتة الطيبة من صحيفة فلسطين والتي ذكرتنا بخلق إسلامي عظيم تراجع إلى الوراء قليلا فأحيت الأمل فينا بأن العودة ممكنة، وأتمنى ألا يغلق هذا الملف وهذا الباب من الخير بعد رمضان، بل عليكم أن تواصلوا طرقه، فالخير فينا كثير ولكنه بحاجة إلى من يزيح عنه الغبار، وأتمنى على وسائل الإعلام بكل اشكالها أن تعمل على إشاعة ثقافة التسامح والعفو وأعظم بها من ثقافة.

البث المباشر