قائد الطوفان قائد الطوفان

اقتصادي يدعو لسياسة متوازنة بين تحقيق الاكتفاء الذاتي والاستيراد

الزراعة تستورد "البطيخ" الإسرائيلي لارتفاع أسعار المحلي

غزة– مها شهوان

تتربع ثمرة البطيخ على مائدة السحور الغزية في هذا الصيف الحار، فيتهافت المواطنون على شرائها بشكل يومي، لكن في الأيام الأخيرة استغل المزارعون والتجار ذلك ورفعوا الأسعار، رغم أن الوضع الاقتصادي الذي يمر به قطاع غزة متردٍ وتصل فيه نسبة الفقر إلى 80%.

"حلاوة، حمرة يا بطيخ" جملة شعبية اعتاد الغزيون سماعها من الباعة المتجولين أو في الأسواق، فيقبل المواطنون عليها، لكن هذه الأيام قليل من يستجيب لهم كأمثال المواطن أحمد نصار وهو موظف حكومي، حيث يقول: "لا يمكنني شراء 5 كيلوات من البطيخ بعشرة شواكل في الوقت الحالي، في السابق كنت اشتري ضعف الكمية بذات السعر"، مشيرا إلى أنه في بعض الأحيان يستغل الثمرة الصيفية في تقديمها للضيوف كنوع من التوفير لكن التجار يصرون على استغلال المواطنين.

ارتفاع سعر ثمرة البطيخ في السوق، برره التجار بسبب شرائه من المزارعين بسعر أعلى من السابق، مما دفع كثير من المواطنين بتقديم شكوى لوزارة الاقتصاد والزراعة، في حين قامت الأخيرة بتهديدهم باستيراد كميات كبيرة من الداخل المحتل لثنيهم عن قرارهم إلا أن التجار لم يتراجعوا وتم إدخال ما يقارب 45 طنا من البطيخ في اليوم الأول.

تراجع المساحات المزروعة

وبحسب فايز الشيخ مسئول العلاقات العامة في وزارة الزراعة، فإن قطاع غزة منذ السنوات الثماني الأخيرة، لديه اكتفاء ذاتي في محصول البطيخ ولم يتم استيراده من الداخل المحتل، لكن هذا العام حدث أن قل الإنتاج كون المزارعين يأخرون قطفه كي يطلبه المستهلك ويكون عليه طلب أكبر فيضطرون لبيعه بسعر أعلى يستفيدون هم والتجار.

وذكر "للرسالة" أنه في السابق كان يباع الكيلو الواحد بعشرة شواكل، لكن الآن يباع الضعف، موضحا أنه رغم تلويح وزارة "الزراعة" بالاستيراد من الداخل المحتل لم يتحرك أحد من التجار للعدول عن ارتفاع الأسعار.

وأرجع الشيخ الاستيراد لضغط المواطنين على الوزارة، التي قامت بدورها بهذا الاجراء والتعاون مع وزارة الاقتصاد للتدخل في مراقبة الاسواق بواسطة مباحث التموين.

من ناحيته، يقول تحسين السقا مدير عام التسويق والمعابر في وزارة الزراعة: "اعتدنا أن يكون إنتاجنا السنوي من "البطيخ" 30 ألف طن تسد حاجة المستهلك(..) فالعام الماضي تم زراعة 4500 دونم، بينما هذا العام لم يتجاوز ثلاثة الاف دونم وذلك بسبب توجه المزارعين لزراعة الخضراوات مما ساهم في تراجع المساحات المزروعة بمحصول البطيخ بنسبة 20% مما أثر على الإنتاج".

ولفت إلى نقص إنتاج محصول "البطيخ"، أدى إلى ارتفاع أسعاره، مما استدعى إدخال كميات من الداخل المحتل، بدلا من حرمان المواطنين فاكهة بسعر يمكن لجميع الفئات شراؤه في الوقت الذي لا يزال هناك تعنت من قبل التجار والمزارعين.

ووفق قوله، فإن الاستيراد سيعمل على تعزيز العرض بما يتوافق مع الطلب وسيؤدي إلى خفض الأسعار لتكون في متناول جميع فئات المجتمع.

الاكتفاء الذاتي

من ناحيته، أكد د. معين رجب أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر، ضرورة وجود سياسة متوازنة ما بين تحقيق الاكتفاء الذاتي والسماح للاستيراد من جهة أخرى لنفس السلعة، مشيرا إلى أنه ليس من المناسب اتباع سياسة الاكتفاء الذاتي والاعتماد عليها بالكامل كونها تؤدي إلى ارتفاع كبير في الاسعار وتحرم المواطن الحصول على سلعة أعلى جودة من الخارج.

وبين رجب، أن عملية الاكتفاء الذاتي تفيد المنتج المحلي أكثر، مبينا أنه في حال سمح باستيراد بعض المحاصيل التي يكون فيها اكتفاء ذاتي سيؤدي لتوفير السلعة المحلية والمستوردة معا وللمستهلك حرية الخيار دون أن يكون للأجنبية منافسة جديدة على المنتج المحلي.

وأشار إلى ضرورة أن يكون عرض المنتج المحلي أقل من المستورد، كي لا يتجه المستهلك للخارج، موضحا أن هناك مسئولية تقع على المزارع المحلي بالاهتمام بزيادة الانتاج ومستوى الجودة حتى يستطيع منافسة السلعة التي تأتي من الخارج.

ودعا أستاذ الاقتصاد، إلى ضرورة التعاون بين وزارتي الزراعة والاقتصاد في متابعة تطورات الاسعار والمحاصيل الزراعية حتى يمكن اتخاذ القرار المناسب مع مراعاة تذليل الصعاب امام المنتج المحلي لما يقع عليه من أضرار سواء بسبب المناخ أو انقطاع التيار الكهربائي.

 

البث المباشر