احتل الموضوع التركي الإسرائيلي مساحات واسعة خلال الايام القليلة الماضية وشمل في طياته سيلا من المعلومات والتوقعات حتى قبل التوصل الى اتفاق لإعادة العلاقات التركية الصهيونية وإن كان الحديث عن قرب توقيع هذا الاتفاق بين الجانبين حيث كان الحديث الاكثر انتشارا عبر وسائل الاعلام العبرية بأن تركيا تنازلت عن شرطها الثالث ألا وهو رفع الحصار عن قطاع عزة بعد أن وافقت (إسرائيل) على الشرط الاول والثاني المتمثلين في الاعتذار عن حادثة مرمرة والتعويض المالي للضحايا الذين استشهدوا في الاعتداء الصهيوني على سفينة المساعدات التركية إلى قطاع غزة عبر البحر وإطلاق النار على المتضامنين على متنها.
تخلي تركي المزعوم عن رفع الحصار عن قطاع غزة الذي روجت له الصحافة العبرية وانتشر كالنار في الهشيم في وسائل اعلام تعتمد على الاعلام العبري وتعده من اهم مصادرها الاخبارية، علما أن الإعلام العبري في الموضوع الفلسطيني إعلام موجه أمنيا وتشرف عليه اجهزة الامن الصهيونية كل في مجال تخصصه وهو إعلام موجه بما يخدم الاهداف الصهيونية، ووجدنا أن غالبية وسائل الإعلام التي تفاعلت مع ما نشره الإعلام العبري هي في الغالب لديها موقف سلبي من تركيا ومن تحركاتها واعتبرت ما روج له الاعلام العبري حقيقة وأن هناك تراجعا تركيا عن رفع الحصار عن قطاع غزة حتى بعد تصريحات وزير الخارجية التركي التي اكدت تمسك تركيا بمبدأ رفع الحصار عن قطاع عزة .
حتى اللحظة تؤكد تركيا على تمسكها بالشرط الثالث وهو رفع الحصار عن قطاع غزة، ولا تزال تصر على ذلك والسياسة فن الممكن ولكن ما يسجل لتركيا أنها حاولت وتحاول فإن نجحت فهذا شيء محمود، وإن فشلت فيكفيها شرف أنها حاولت وبحثت عن بديل يخفف الحصار لا أن يرفعه، وتخفيف الحصار هو جزء من رفعه وتكون تركيا مشكورة على جهودها التي بذلك في هذا السياق، واللوم يقع على الاحتلال وعلى من لا يريد لتركيا النجاح في رفع الحصار، ويريد أن يبقى الحصار مفروضا على قطاع غزة حتى تستسلم المقاومة الفلسطينية لشروط الاحتلال الصهيوني.
أيًا كانت النتائج التي ستصدر في نهاية المفاوضات التركية الصهيونية يكفي تركيا أنها حاولت، ولكن اللوم على من يدعي الحرص على القضية الفلسطينية ويحاصر الشعب الفلسطيني ويغلق الرئة التي يتنفس منها مليونان في قطاع غزة، ويعمل على تصفية القضية الفلسطينية ويقوم بدور العراب لبعض الأنظمة العربية من أجل التطبيع مع الاحتلال وإقامة علاقات بينه وبين دول عربية كانت تعتبر هذا الكيان عدوا مغتصبا، ويطرح اليوم مشاريع الاعتراف بهذا الكيان حتى لو على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه ولو تطلب الامر للتنازل عن القدس فلن يتردد في ذلك، وسيعمل على دمج الاحتلال في المنطقة العربية وقد يعمل على شطب الجامعة العربية وإقامة جسم جديد يمكنه إدخال هذا الكيان فيه لو طال به الزمن وبقي على حاله.
قد تفشل تركيا في تحقيق شرط رفع الحصار عن قطاع غزة -ولن يكون هذا نهاية الدنيا- وهذا ما يتمناه اليسار والعلمانيون بشكل عام فقط كون تركيا تؤكد على اسلاميتها، فلو كانت تركيا باقية على علمانيتها الاتاتوركية لوجدت ترحيبا من كل هؤلاء الرافضين للدور التركي حتى لو ادى الى رفع الحصار عن قطاع غزة، وهذا يؤكد رفض هؤلاء جميعا أن يكون للإسلام دور في معالجة ازمات الشعب الفلسطيني والمنطقة العربية والاسلامية .