صراعات النفوذ تدخل الضفة على صفيح ساخن من الأحداث

مسلحون بالضفة
مسلحون بالضفة

الرسالة نت - محمود هنية

اخترقت الرصاصات الثمانية التي أطلقت على اثنين من عناصر أجهزة أمن السلطة بمدينة نابلس، السترة الأمنية الواقية للسلطة في الضفة المحتلة على يد عناصر يشتبه بصلتها بأجهزة عسكرية مسلحة تنتمي لحركة فتح، لتنقب الستار عن فوضى الصراعات الأمنية بين قادة السلطة ومتنفذين فيها.

واشتد الخلاف الأمني بين قيادات السلطة في الآونة الأخيرة، خاصة على وقع الأحداث الدامية التي أدت إلى مقتل خمسة مواطنين من بينهم عناصر أمنية وإصابة آخرين في اشتباكات بنابلس وجنين، ضمن حلقة اشتباكات جرت مؤخرًا في الضفة.

وأثار توقيت الاحداث ومكانها علامة استفهام حول حركة فتح وصراعات قياداتها، لا سيما وأن بعض الاحداث اتهمت فيها السلطة صراحة اشخاصا منتمين الى تيار محمد دحلان، خاصة في بعض مخيمات الضفة واتهامه بمحاولة تعزيز التجنح داخل الاجنحة العسكرية التابعة لفتح.

وكانت الاجهزة الامنية قد اصطدمت مع أحد قادة كتائب شهداء الاقصى في قرية الحارثية بالضفة، ما عزز من فرضية صراع النفوذ على مقعد "الرئيس" والذي أشعل خلافًا واضحًا في الضفة المحتلة، على ضوء ما اعلن من تقارير حول خلافات بين محافظين وقيادات أمنية من جهة واعضاء لجنة مركزية بفتح من جهة اخرى.

ولعل نابلس التي جرت فيها الاشتباكات كانت من أولى المحافظات التي اشتعلت فيها النار الخفية في الضفة، بعد إعلان إقالة المحافظ أكرم الرجوب من قبل رئيس السلطة محمود عباس وقيل آنذاك أن القرار ناجم عن خلافاته مع توفيق الطيراوي ليعود عباس لتنصيبه مجددًا، وبذلك أفصح عن فصل جديد من فصول الخلاف بين عباس والطيراوي الذي يتهمه باللعب مع دحلان.

ويعزو بعض المراقبين الامنيين إمكانية تورط دحلان والطيراوي في اثارة بعض الاحداث الامنية، إلى خلفيتهم المخابراتية والأمنية، وتجربتهم القائمة على توظيف خلايا أمنية سابقًا في غزة، عدا عن نفوذ دحلان الواسع داخل الجناح العسكري لفتح بحسب ما أثير عن علاقة بينه وبين زكريا الزبيدي القيادي بكتائب الاقصى في جنين.

ولم تخف مصادر داخل فتح أن ثمة "أيد خفية" تلعب لصالح "أطراف مشبوهة" داخل فتح، تريد إضعاف المؤسسة الأمنية ضمن مسلسل التآمر على رئيس السلطة محمود عباس، كما تقول المصادر، مرجعين ذلك إلى عدة أسباب أهمها، قدرة الأجهزة الأمنية والمخابراتية الفعلية على تحديد الجناة ومعرفة هوياتهم كما جرى مع من حاول استهداف غسان الشكعة القيادي في حركة فتح، "لكن ثمة قرار يبدو بالمماطلة في اعتقالهم، تحت ذريعة إجراءات محاولة تسليمهم من طرف حركة فتح".

وكذلك، فإن الاجهزة الأمنية حققت نجاحات متقدمة فيما يتعلق بالهجوم على حركتي حماس والجهاد والقضاء على خلايا تابعة لهما في الضفة، ما يعني وجود تقصير متعمد في حماية بعض المسؤولين، ما دفع بعض مسؤولي فتح للتصريح بوجود محاولات لتصفية داخلية، كما أعلن الشكعة من قبل للرسالة.

وعلى ضوء ذلك، اعتبر حسن خريشة النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي، أحداث الفلتان الأمني في نابلس، بأنها جزء "من أحداث التصفية والصراعات الداخلية بين بعض الأطراف، ومحاولة لتعزيز مواقع نفوذ أشخاص ضد آخرين".

وأكدّ خريشة في تصريح خاص بـ"الرسالة "، وجود "أصابع خفية" من الاحتلال وبعض المتنفذين بالسلطة لإذكاء حالة الفلتان القائمة، مشددًا على عدم وجود جدية لدى السلطة بوقف التدهور الامني بالضفة.

وقال إن السلطة غير جادة وليس لديها رغبة بإنهاء هذه المأساة رغم وجود مقدرة فعلية لديها "ولو كان هناك سلاح لمقاوم واحد فقط لذهبت اليه كل الاجهزة الامنية لمصادرته واعتقال صاحبه".

وأشار إلى أن حل أزمة الفلتان الأمني تحتاج إلى قرار سياسي من رئيس السلطة محمود عباس الذي يخضع له القرار الامني، منبهًا إلى أن بعض المسؤولين لا يوجد لديهم شعور بضرورة تطبيق القانون.

من جهته، قال المحامي الفلسطيني وائل الحزم من نابلس بالضفة المحتلة: "إن الخلافات الداخلية والفلتان الأمني الذي يعصف بعدد من محافظات الضفة الغربية له أسباب عديدة، من أبرزها سكوت المواطنين عما يجري داخل الضفة، وضعف الجهاز القضائي والنيابة العامة وجهاز الشرطة".

وأضاف الحزم عبر صفحته على "فيس بوك"، تعقيباً على شجار عائلي وقع في نابلس، مساء الأربعاء الماضي: "الوساطات أضعفت النيابة العامة بشكل كبير، والمسؤولون عن سيادة القانون في البلد لا علم لهم بآلية عملهم أصلاً، وكل ما يجري له أسباب عميقة".

وأوضح أن أوامر الاعتقال التي تصدر من النيابة العامة بحق مروجي المخدرات واللصوص وغيرهم، لا يتم تطبيقها، وإذا تم تنفيذها يخرجون بعد أيام، بسبب "الوساطات".  وأشار الحزم إلى أن إطلاق النار في نابلس أضحى على مدار الساعة، وأن المسؤولين يخرجون عبر الإعلام لينفوا وقائع الفلتان الأمني الموجودة كل يوم.

البث المباشر