لجأت سلطات الاحتلال "الاسرائيلي" لأسلوب جديد من العقاب الجماعي، بحق أهلنا في الضفة الغربية، وذلك من خلال سرقة المياه الواصلة إلى مدن شمال الضفة المحتلة.
يذكر أن شركة "مكروت" الاسرائيلية قد قطعت وبدون سابق إنذار المياه عن معظم مناطق شمال الضفة، وتحديداَ منطقة سلفيت والقرى المحيطة بها، فيما ستقوم بتخفيض كميات المياه عن مناطق أخرى لتصل إلى نصف الكمية، مما يعني أن هذه المناطق ستشهد أزمة خانقة في المياه.
ولا شك أن هذه السياسة "الممنهجة" سترفع من معاناة سكان تلك المناطق، خاصة أنها لا تحصل بالأساس على الحد الأدنى المطلوب من المياه، مما ينذر بانفجار في وجه الاحتلال.
سلطة المياه الفلسطينية في رام الله، استنكرت الخطوات التي تقوم بها شركة "ميكروت"، لا سيما أنها تأتي في فترة الصيف التي تتطلب زيادة كميات المياه، إضافة إلى أننا في أيام شهر رمضان الذي لا يحتمل حرمان المواطنين من المياه.
وأوضحت السلطة في بيان لها، أنها تبذل كافة الجهود اللازمة، من خلال تواصلها مع الجهات المعنية لإعادة الوضع كما كان سابقاً.
والجدير ذكره أن الاحتلال يسرق المياه الفلسطينية، في الوقت الذي يزيد فيه سيطرة المستوطنات الاسرائيلية على مصادر المياه هناك، وفق ما ذكرته صحيفة هآرتس العبرية.
وأشارت إلى أن "مكروت" بدأت منذ بداية يونيو/حزيران الماضي تقليص كميات المياه التي تبيعها للفلسطينيين في منطقتي سلفيت ونابلس (شمالي الضفة) بنسبة تتراوح بين 30 و50%، حيث دأبت إسرائيل على إصدار ردود تقليدية على التقارير المتزايدة حول أزمة المياه في الضفة، بعد أن جمّد الفلسطينيون عملهم في اللجنة المشتركة منذ عدة سنوات.
خلق مشكلة
من جهته، قال الخبير في مجال المياه ورئيس مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين عبد الرحمن التميمي، إن اسرائيل قطعت المياه عن شمال الضفة، بهدف تسويق مياه التحلية الاسرائيلية التي تنتجها محطة الخضيرة لتحلية المياه.
وأوضح التميمي في حديث للرسالة أن الاحتلال يحاول خلق مشكلة في المياه، من أجل اجبار الشعب الفلسطيني على شراء مياه من محطة الخضيرة بعد سرقة المياه الفلسطينية من مختلف محافظات الضفة الغربية، خصوصا من سلفيت.
وأكد أن اسرائيل لا تعاني من أزمة كما تدعي، بل لديها فائض وهي تقوم بتحلية المياه في محطة الخضيرة، مشيراً إلى أن كمية المياه الفائضة ستصل إلى 4 مليون متر مكعب خلال الثلاثة أعوام المقبلة.
وأضاف أن ما يجري من خلق مشكلة انقطاع المياه في شمال وجنوب الضفة الغربية، يهدف إلى دفع الفلسطينيين لشراء المياه من محطة التحلية الإسرائيلية الجديدة، بأسعار مرتفعة نسبيا مقارنة بما يجري دفعه لشركة "ميكروت" الإسرائيلية حاليا، مطالباً بالانتباه لما يجري ورفض أية عروض إسرائيلية في هذا المجال.
انفجار المواطنين
بدوره، أكد غسان دغلس مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة، أن اقدام الاحتلال على سرقة مياه شمال الضفة، سيؤدي إلى انفجار المواطنين في وجه الاحتلال، لا سيما أن قضية المياه تهم كل شرائح المجتمع الفلسطيني.
وأوضح دغلس في حديث لـ "الرسالة نت" أن الاحتلال يتذرع بنقص المياه لدى المستوطنين، لذلك يحاول خلق مشكلة في المياه، من أجل مصادرتها للمستوطنين وزيادة رقعة الاستيطان، مشيراً إلى أن كل فلسطيني أصبح يحصل على لتر واحد من المياه مقابل 12 لترًا لكل مستوطن.
وقال "الاحتلال يعتبر سرقة المياه من أساليب العقاب الجماعي للفلسطينيين، لكن الشعب لن يسكت عن هذه الجريمة، وليس من مصلحته قطع المياه".
وأشار إلى وجود حالة من الغضب والاحتجاجات في صفوف المواطنين، ومطالبات بالتدخل لإنقاذ تلك المناطق من أزمة خانقة في المياه، واصفاً الأوضاع في شمال الضفة بـ "الكارثي".
يذكر أن اتفاقية أوسلو، تضمنت في أحد بنودها أن السيادة على مصادر المياه في الضفة الغربية من ينابيع ومياه جوفية تبقى بيد الاحتلال "الاسرائيلي" إلى أن يتم الاتفاق على مصيرها باتفاقية "الحل النهائي".
ورغم أن الاتفاقية وزعت المياه الجوفية في جبال الضفة الغربية بواقع 80% للاحتلال و20% فقط للسلطة الفلسطينية، إلا أن السلطة لا تستطيع الوصول إلى كامل هذه الحصة؛ بسبب منع الاحتلال لها من حفر آبار ارتوازية جديدة.
ويقوم الاحتلال بدلًا من ذلك باستخراج المياه من الضفة الغربية ثم إعادة بيعها إلى البلديات والسلطة بأسعار باهظة، كما يتعمد قطعها وتقليصها بحجة عدم كفاية المياه المتوفرة، وتخصيصه الجزء الأكبر منها للمستوطنين.