قائد الطوفان قائد الطوفان

كيف قضت الجالية الفلسطينية ليلة الانقلاب بتركيا؟

الجالية الفلسطينية في تركيا
الجالية الفلسطينية في تركيا

غزة- محمد عطا الله

بشكل مفاجئ وفي ليلة مختلفة عن سابقاتها، أعلن ضباط في الجيش التركي توليهم للسلطة في محاولة انقلاب باءت بالفشل، وخلفت وراءها عشرات الضحايا ومئات الاصابات والمعتقلين.

ساعات قصيرة تلك التي انقلبت فيها الدولة العثمانية رأسا على عقب، وسرعان ما عادت للاستقرار بعد قضائها على محاولة الانقلاب الخامسة على مدار السنوات الماضية، ليخرج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان معلناً الانتصار.

ومن منطلق أن الدولة التركية أصبحت أشبه بالبيت الثاني للفلسطينيين جراء دعمها الكبير والمستمر للقضية الفلسطينية، وإيوائها لآلاف الفلسطينيين طلبا للعلم والعمل، حاولت الرسالة التعرف على كيفية مرور ليلة محاولة الانقلاب عليهم؟

ويقيم في تركيا، نحو ألف وخمسمئة عائلة فلسطينية، بمجموع حوالي خمسة آلاف شخص، معظمهم في اسطنبول، بينهم مئتا رجل أعمال يملكون شركات خاصة، ونحو 150 طبيبا، وأكثر من 50 فلسطينيا يتولون إدارة شركات تركية.

فيما يقدر عدد النازحين الفلسطينيين من سوريا إلى تركيا أكثر من 100 ألف فلسطيني، وفق احصائيات مجموعة العمل الفلسطيني.
وتقدم الحكومة التركية الكثير من التسهيلات للجالية الفلسطينية في أرضيها، حيث توفر لهم الإقامة الدائمة والتعليم المجاني كما تسهل لهم الحصول على فرص عمل.

يقول الطالب بسام أبو يونس الذي يدرس ماجستير الاعلام الجديد في احدى جامعات اسطنبول إن تلك الليلة كانت من أسوأ الليالي التي قضاها في غربته منذ وصوله لتركيا قبل عامين.

وأوضح أبو يونس في حديثه لـ "الرسالة " أن القلق والخوف الذي ساور قلبه فاق ما عايشه في الحروب الأخيرة على قطاع غزة، لا سيما وأن الانقلاب لو نجح سيشكل خطر على مستقبله.

ويضيف " كانت الليلة أشبه بيوم القيامة، تكبيرات المساجد مع هتافات المواطنين الأتراك، بالإضافة إلى أصوات الرصاص والطائرات، دفعتني إلى قضاء الليلة مستيقظا بين التلفاز وشرفة السكن التي أقيم فيها".

ورغم أن الطالب أبو يونس تعود على أصوات الطائرات والقصف والرصاص التي كان يسمعها من الاحتلال في قطاع غزة قبل انتقاله إلى تركيا، إلا أن ما حدث ليلة الانقلاب كان بالنسبة له حدث مختلف.

ويكمل " تابعت بشغف أحداث محاولة الانقلاب وفضلت البقاء في سكني، عملاً في وصية أمي التي أوصتني اياها عبر الهاتف مع بداية الأحداث خوفاً من أن يصيبني مكروه".

ويؤكد أبو يونس أن ليلة محاولة الانقلاب كانت صعبة ليس على الفلسطينيين فحسب وإنما على كافة اللاجئين في تركيا، مبيناً أن ما كان يطمئنه هو ثقافة الشعب التركي التي ترفض الانقلاب على الخيار الديمقراطي.

بينما يقول اللاجئ الفلسطيني جاد الله حجاج، المقيم في مدينة اسطنبول، إن شعورهم في تلك الليلة لم يختلف عن شعور المواطنين الأتراك كونهم أصبحوا جزءا منهم يشاركونهم جميع المناسبات السعيدة والحزينة.

ويلفت حجاج الذي يعمل في أحد الشركات التركية في حديثه لـ " الرسالة " إلى أنه أصر للنزول إلى الميدان مع أشقائه الأتراك ورفض الانقلاب، معتبراً أن الحكومة التركية وحزب التنمية والعدالة لم يفرق بينهم وبين الشعب التركي في شيء.

ويشير إلى أنهم توجهوا لمطار أتاتورك لصد الانقلابين من الجيش التركي ومنع السيطرة على المطار كونه يمثل معلما رئيسيا في تركيا والسيطرة عليه يمكّن الانقلابين.
ويعتبر حجاج فشل الانقلاب بمثابة ولادة جديدة للحكومة التركية وأشبه بالعيد الوطني الذي أنقذ تركيا من الدخول في النفق المظلم.

ولا يختلف شعور طالب الدكتوراه الفلسطيني زاهر البيك في مدينة أنقرة -العاصمة التركية- عن سابقيه مع بداية الانقلاب كون أن للحكومة والرئيس التركي فضلاً كبيراً عليهم في منحهم الدراسة مجانا وتسهيل لهم مناحي الحياة.

ويضيف " قلقنا من نجاح الانقلاب والخوف من القادم، لان الوضع الجديد قد تكون صورته مختلفة يؤثر علينا كجالية مثل منعنا من العمل وإيقاف المنح الدراسية وربما يصل الأمر لتهديد وجودنا في تركيا".

ويوافق الطالب الفلسطيني محمد الشيخ رأي الطالب البيك واصفاً تلك الليلة "بالعصيبة"، قائلاً "كنا نتابع الأحداث عن كثب ونشاهد من نوافذ السكنات الطلابية لما يحدث، لكن لم نخرج من اماكننا تحسبا لأي حدث ممكن وقوعه وبقينا في حالة قلق حتى إعلان السيطرة على الانقلاب وخروج الرئيس التركي من مطار أتاتورك وظهوره للإعلام والتحدث له".

ويختم حديثه " بشكل عام الجالية الفلسطينية كانت تخاف من نتائج الانقلاب لأن الكل يحب الخير لتركيا والمعظم يقف بجانب اردوغان بسبب مواقفه الداعمة دائما للشعب الفلسطيني".

البث المباشر