قائمة الموقع

مقال: من انتصر للشعب التركي انتصر للحرية

2016-07-18T05:54:01+03:00
مصطفى الصواف
مصطفى الصواف

كانت ليلة صعبة اعتراها قلقل شديد وخوف لامثيل له، الاعصاب مشدودة والعيون شاردة والآذان مشتتة بين مذياع وتلفاز وحديث هنا وهناك وبين سائل ومجيب ، وقلب معلق بالله أن يزيل الغمة ويحفظ الشعب التركي لأن ما كنت أخشاه ان يقع المحظور وأن تسيل الدماء فالمشهد المصري كان حاضرا ومجازر العسكر سواء في رابعة أو النهضة وغيرها سريعا ما تستحضر في مثل هكذا أحداث خاصة أن عقلية الانقلابين عقلية دموية، رغم أن الصورة والمشهد المتابع لم تكن سوداويا بل كان القلق كما قلنا من أن يحدث احتكاك مباشر بين الانقلابين وبين الجمهور التركي الذي نزل إلى الشوارع، خاصة أن الصورة لم تكن مكتملة ، هل هو انقلاب يقوم به كل الجيش التركي أو جزء منه؟ وهذا يفرق كثيرا.

ساعات قليلة بدأ الاطمئنان يسري ويتبدد القلق شيئا فشيئا وتتضح الصورة لكي تؤكد بأن ما يجري هو أشبه بالتمرد منه إلى الانقلاب، واستجابة الشعب التركي لنداء رئيسه رجب طيب اردوغان وبالصورة التي تابعناها إضافة للمواقف الوطنية لكافة الاحزاب التركية المؤيدة للنظام والرافضة لثقافة الانقلابات العسكرية، وأضف إلى ذلك أن جزءا كبيرا من الاجهزة الامنية والجزء الأكبر من الجيش والمخابرات هي مع النظام كل ذلك كان من أهم اسباب فشل الانقلاب على الشرعية والديمقراطية.

نعم، إنه الوعي الذي حسم الامر وأفشل هذا الانقلاب الذي دبر بليل للإطاحة بالنظام الديمقراطي وبخيار الجماهير التركية الحر، الوعي الذي اقصده هو الوعي الفكري والثقافي والسياسي الذي كان عليه الشعب التركي بغالبيته من مواطنين عاديين أو نخب ثقافية أو سياسية أو إعلامية ، فعندما يتحد كل هؤلاء ويشكلوا جدار صد للانقلاب  فهذا الانقلاب مهما بلغ من قوة لا يمكن له أن يواجه هذه الحالة الشعبية الشاملة لأنها بكل تأكيد هي الاقوى لأن التاريخ والتجربة الإنسانية علمتنا أن سيف الشعوب لا يكسر، وأن الشعوب لا تنهزم، وما حدث في تركيا شاهد ودليل على ذلك لا يمكن لأحد أن ينكره.

نعم، ليس نداء أردوغان للشعب التركي هو من أخرجه للشوارع وحده رغم أهميته، ولكن أضف إلى ذلك كما قلنا حالة الوعي ودخول عامل جديد لم تعرفه تركيا من قبل في العصر الحديث وهو تحريض المساجد للشعب التركي على الخروج للدفاع عن حريته وإرادته وخياره، عوامل كلها اجتمعت فكان ذلك من اسباب فشل الانقلاب بالإضافة إلى العوامل آنفة الذكر.

ما جرى في تركيا يؤكد على أهمية ودور الشعوب وقدرتها على التحدي والانتصار، فلو استسلم الشعب التركي للانقلاب تحت شعار (وأنا مالي) وشعار (من يتزوج امي بقول له يا عمي) وشعار (يا عم هو احنا قدهم، هدول جيش) لكانت الكارثة وهي عودة تركيا أربعين عاما إلى الخلف بعدما بدأت تخذ مكانتها بين دول العالم المتحضر، ثم بهذا الذي حدث من انتصار لإرادة الشعب التركي سيكون فيه نهاية لثقافة وعقلية الانقلاب العسكري وإلى الأبد.

من انتصر للشعب التركي وإرادته انتصر للحرية والاحرار، ومن كان ينتظر كسر ارادة الشعوب ونجاح الانقلاب ينتصر للعبودية وينحاز إلى صف العبيد، والفوضى والتدمير لأنه أنتصر للانا والهوى على حساب الحق والحقيقة.

هنيئا للشعب التركي، هنيئا للأحرار، ونعم للحرية واحترام ارادة الشعوب، وسحقا للعبودية وللفوضى والقهر والدكتاتورية.

 

 

 

اخبار ذات صلة