"السعودية في تل أبيب"، أحد أبرز العناوين التي تصدرت الصحافة الإسرائيلية طيلة اليومين الماضيين، تعقيبًا على زيارة مسؤول جهاز الاستخبارات السعودي الأسبق أنور عشقي.
عشقي برر زيارته بأنها تمت بناء على طلب ورغبة السلطة الفلسطينية، رغم التقائه بعناصر أمنية وسياسية إسرائيلية، مما فتح تساؤلا حول ارتباط الزيارة بترتيب العلاقة بين السعودية و"إسرائيل" في ظل احتدام الخلافات بينها وإيران.
الخلاف السعودي الإيراني، قد يكون العامل الحاسم لإعادة تموضع العلاقات بين المملكة وأطراف أخرى، حيث شكلت زيارة عشقي إشارة بأن "إسرائيل" واحدة من هذه الأطراف التي تسعى المملكة لترتيب العلاقات معها في مواجهة إيران.
ويرى المحلل السياسي طلال عوكل أن زيارة عشقي مؤشر على طبيعة التحولات الجارية في المنطقة، التي جعلت عدداً من دول الخليج تتجه نحو فتح علاقات مع "إسرائيل". ورجّح عوكل خلال حديثه لـ "الرسالة"، أن تكون زيارة عشقي تهدف لتوسيع مجال العلاقات مع "إسرائيل" على خلفية الخطر الإيراني على السعودية.
وأوضح أن "اسرائيل" هي الرابح الأكبر من هذه العلاقة، متوقعاً أن يكون عشقي قد أجرى مقابلات سرية وبعضها علنية في أماكن مختلفة. وقال "ربما تكون الزيارة محاولة لتشجيع إسرائيل على التعاون الايجابي مع المبادرة الفرنسية"، معتبراً أنها مؤشر على بداية إقامة علاقات التطبيع مع الاحتلال الاسرائيلي، خاصة في ظل تأزُّم الوضع الفلسطيني الاسرائيلي.
فيما اعتبر المحلل السياسي مصطفى الصواف زيارة عشقي بمثابة "جس نبض للاحتلال تمهيداً لإجراء مفاوضات سعودية إسرائيلية"، واصفاً ذلك بأنه "جريمة بحق الشعب الفلسطيني". وتوّقع الصواف أن تكون هناك نوايا للاعتراف وإقامة علاقات تطبيع مع إسرائيل، معتبراً ذلك "خيانة".
مباركة فلسطينية
وكانت صحيفة هآرتس العبرية، قد ذكرت أن عشقي زار "إسرائيل" والتقى مدير عامّ وزارة الخارجيّة، دوري غولد، ومسؤول التّنسيق الأمنيّ في الضفة الغربية المحتلة يوآف مردخاي، في فندق "الملك داود" في مدينة القدس المحتلّة.
ومن اللافت في الزيارة مشاركة شخصيات فلسطينية أهمها جبريل الرجوب عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، إذ حضر اللقاء الذي جمع عشقي مع مسؤولين اسرائيليين، وهو ما يدلل على مدى رضا السلطة الفلسطينية، وفق مراقبين.
وفي هذا السياق، قال عوكل "وجود الجانب الفلسطيني خلال اللقاء، قد يكون مؤشراً بأن تصل العلاقة بين الجانبين السعودي والاسرائيلي إلى حد التطبيع". وذكر أن قبول السلطة يشجع السعودية على توطيد العلاقات السعودية الإسرائيلية.
وبالعودة إلى الصواف، فإنه استنكر وجود الشخصيات الفلسطينية خلال الزيارة، معتبراً إياها علاقات تطبيع بمباركة فلسطينية، وقال "السلطة تعترف بالاحتلال وهؤلاء باعوا أنفسهم للاحتلال، لذلك ليس غريبا عليهم المشاركة بهذه الزيارة".
يذكر أن هذه الزيارة ليست الأولى التي ينفذها عشقي للأراضي المحتلة والقاء بمسؤولين إسرائيليين.